مقالات وآراء

هكذا رحلوا..

د. خالد أحمد الحاج

* افتقدت البلاد خلال الأيام الماضية مجموعة من مبدعيها غيبهم الموت الذي هو سبيل كل حي، فكان أن نعى الناعي شاعر الرصانة والنضال محمد طه القدال الذي رحل عن الفانية بالعاصمة القطرية الدوحة التي ذهب إليها مستشفيا.

* افتقدته النوارس التي أدمن عشقها، ومربعات شعره المترفة بالحروف الندية، والكلمات المصادمة للظلم بالتورية مرة، وبالتصريح مرات، رحل القدال و”حليوة” وحي إلهام تسربل بأيقوناتها، ووجدان صحى فيه الماضي بفرضيات الحاضر.

* نعته البلاد طولا وعرضا، وافتقدت برحيله ركنا من أركان “حلو الكلام” وسهله الممتنع، والجرس الذي حفر فينا عميقا، لتبقى فيوض الهامه زهرات مروية بصدق العاطفة، والشجن النبيل، الرحمة والمغفرة للقدال.

* وفي خضم الأحزان توالى الرحيل ليفقد النص القصصي والرواية السودانية القاص والناقد الكبير عيسى الحلو ريحانة الروي القصصي المتزن، والتحليل العميق لما تضمنته مرويات مبدعينا.

* رحل “الحلو” وقد خلف رصيدا ضخما من السرديات، وإرثا مكتنزا بالتواشيح والتحارب النيرات، وحكايا بعضها صرح بها بأسلوب ممشوق، وحبكة مؤثرة، بيد أن بعضا من بنات أفكاره كان محلها الأضابير، تنتظر رؤية النور.

* منذ نعومة أظافره عرك النص بعقل نابه، وجالد الرواية بما اكتسب من موضوعية الناقد الفنان، وامتهن في الوقت نفسه النقد، فكان لدلالات جرحه والتعديل إفهام قوم به قصور الرؤى، وقوى به عارضة التخيل، عميقا في استرساله، جاذبا بأسلوبه، رحل “الحلو” والحزن قد خيم على الأوساط الفنية والصحفية التي رواها بالتجارب،

له الرحمة والمغفرة والقبول الحسن.

* ومع قوائم الحزن التي لا تنتهي افتقدت ساحة الدراما المبدع البلولة الذي أرى أنه لم يقل كل ما عنده لمحبي الدراما السودانية، لا تزال “اسكيتشاته” الفكاهية الخفيفة، وطرحه الممزوج بسخرية المسرحي خفيف الظل هو الهمس الذي تجهر به الأوساط الدرامية.

* مع تساقط المبدعين تتسع دائرة التقاصر عن تمام مشروعنا الثقافي، بيد أن ساحة الفنون متصل عطاؤها، وحواء السودان مع كل لحظة قادرة على الإتيان بمن يكمل ما ابتدره السابقون.

* ويمضي الحزن مجاورا لغيره من صور الحياة، نسأله تعالى الرحمة والقبول الحسن للفنان الدرامي المرح البلولة.

* ما بين الأحزان المعتملة، والنياط المتقطعة حزنا ما بين جامعة الرباط الوطني ومجموعة من الفضائيات والمحطات الإذاعية التي ارتبط بها، غادرنا بصمت ممزوج بابتسامة صادقة د. زهير عباس بادناب الإعلامي الملهم، ورؤاه البرامجية ومضات ما بين أفكاره المجتمعة على توهج، والرحيل المفجع، دمعات قطعت صمت المسافات، الرحمة والقبول الحسن للراحل د.زهير بادناب.

* هكذا كان الرحيل إما على متن حرف وقافية، أو قفشة درامية، أو استرسال سردي شيق، أو رؤية برامجية تومض بالعمق.

 

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..