كيف تستفيدين من الغربة؟

كيف تستفيدين من الغربة؟
سلمى ياسين
[email][email protected][/email]
عندما تغادر المرأة السودانية الوطن وفي نيتها المكوث لفترة طويلة لأي سبب من الأسباب تكون لها الكثير من الأحلام، خصوصاعلى الصعيد الأكاديمي والعملي. لكن الوضع يتغير عندما تُدرك أن الموضوع ليست بالسهولة التي تصورتها.
فهي خارج الوطن تؤدي دورا عظيما سواء غادرت السودان من أجل الدراسة والعمل أو من أجل مرافقة لزوجها. ففي الحالة الأولى تستطيع من خلال عملها وإنجازاتها أن تثبت للعالم أن السودانية لها المقدرة على أن تنجح في حياتها المهنية. أما في الحالة الثانية فهي كالشمعة التي تحترق لتضئ الطريق لغيرها وعلى عاتقها يقع الكثير من الأعباء التي تمنعها من الاستفادة من وقتها، وفي كثير من الأحيان يصعب عليها أن توفق بين إدارة بيتها والأنشطة الأخرى.
ومن أمثلة الأشياء التي تقوم بها بصورة أساسية: تربية الأطفال ومتابعة دروسهم، ومحاولة تربيتهم على القيم العظيمة التي تربينا عليها. فهم محور حياتها وتكون هي المسؤولة عن كل صغيرة وكبيرة وتحاول جاهدة أن تجيب على كل تساؤلاتهم وتفسير الألغاز الناتجة عن اختلاف النظام داخل البيت عما يرونه في الشارع.
أضف إلى ذلك إيجاد المكان والبرنامج المناسب ليقضوا وقتهم حتى لا ينتابهم الإحساس بالوحشة والعزلة، فهذه الوظيفة أكثر صعوبة عن ما هي عليها في بلدنا الحبيب وتأخذ جُلّ وقتها. ففي السودان أفراد الأسرة الممتدة والمدرسة والمجتمع لها دور كبير في هذا الشأن. فكلها لها رسالة واحدة وهي تربية الطفل على القيم الرفيعة التي ترتكز أساسا على النهج الأسلامي والتقاليد السودانية الراسخة.
وأيضا من الأدوار الرئيسية التي تؤديها مساندتها الدائمة لزوجها في عمله وتحمل بعض المسؤوليات بدلا عنه لتترك له المجال لكي ينجح في عمله ويوفر الدعم المادي والمعنوي للأسرة.كما هو ديدن المرأة السودانية وأصالتها منذ القدم.
ورغم كل هذه المسؤوليات وقدسيتها ليس هناك عذر لها لكي تتوقف عن البحث عن سبل العلم والمعرفة التي تجعلها مواكبة للتغيرات السريعة في المجتمع والمقدرة على العيش والتأقلم في البلد المضيف بصورة طبيعية وعملا بالقول المأثور “اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد”.
وعلى قدر ما لقيناه داخل السودان من صفات جميلة غرسها فينا أهلنا لا تقدر بثمن إلا أن هناك الكثير الذي يمكن أن نتعلمه من الخارج ويكون له أثر عظيم في شخصيتنا على المدى القريب أو البعيد. فالوسيلة الأفضل هي استغلال مثل هذه الفرص وتعلم ما يمكن تعلمه ونقل هذه المعارف الى بلادنا والأجيال القادمة حتى لا تواجه أي صعوبة في الاندماج في المجتمعات الغريبة عليها.
فالدول تختلف من ناحية فرص العمل والدراسة لكن لابد من وجود طريقة ما للاستفادة منها. فمن خلال إقامتي في دولتين مختلفتين قابلت عدة نساء سودانيات وصلن إلى درجات عالية من التعليم علي الرغم من الظروف الصعبة التي قابلتهن وهن في الغربة. فشعارهن هو كما يقال أن “لا مستحيل تحت الشمس” فالتفاؤل والعمل الجاد المتواصل واصرارهن على التعلم هو الذي مهد لهن الطريق لكي يصلن إلى أعلى المستويات.
وفي اعتقادي أن الخطوة الأولي هي التفكير في الموضوع بجدية ثم البحث عن السبل التي تؤدي إليه. ففي الإمكان الحصول على العديد من الفوائد من خلال الوضع الذي نحن فيه. مثلا المرأة المشغولة بأطفالها وهم في مرحلة المدارس يمكنها أن تشترك او تساهم في إنشاء بعض الجمعيات مع أمهات بقية الأطفال وآبائهم. ومن خلال هذه الخطوة يمكنها أن تكتسب مهارات عدة مثل التعرف على ثقافات أخرى، وإجادة الطرق المختلفة للتخاطب مع الآخرين واحترام آرائهم.
وفي الختام، عزيزتي، الحياة قصيرة وليس هناك مجال لتأجيل ما نريد أن نُنجزه والانتظار حتى يزول السبب، أرجو أن تستفيدي من الوضع الذي تعيشين فيه.
بأرك الله فيك يا أخت سلمي فنصيحتك لاخواتنا في الغربة لهي من افضل واجمل ما سمعت من نصيحة فعلا المراة السودانية محتاجة لمثل هذه النصائح ليعلو شأنها وتكون سفيرة لبلدها ولشعبها.