مقالات سياسية

محاولة إغتيال حمدوك، والتداعيات.. 

إستقبلت عدد مهول من الرسائل النصية، و المكالمات، من اصدقاء من مختلف انحاء العالم، في المهجر، ومن داخل الوطن، والجميع غلبت عليهم نبرة الشك في صحة العملية، ويعتقدون انها مسرحية.
لم تكن العملية مسرحية، لماذا؟
درجت العادة في بعض الدول، ومنها دول جارة ان تستبق اجهزة الامن التخطيط لعمليات مماثلة، حسب الظرف، والحاجة، للقيام بعمليات امنية واسعة، وذلك يأتي في حالة عدم توفر المعلومة بشكل حيوي، ولزيادة تفاعل الشارع، وكسب التعاطف، وبالضرورة تكون هناك خطة مسبقة، واجهزة امنية مدربة، ولها جاهزية لتنفيذ العملية المستهدفة.
ما يثبت صحة ان هذه العملية حقيقية، ويجب اخذها بمحمل الجد، تفتقد حكومة الثورة لأي خطط امنية لمواجهة ايّ خطر، واجزم انها تفتقر حتي للمعلومة التي هي في الاساس المرتكز الرئيسي في الاداء الامني، والادهى، والامر لا تمتلك هذه الحكومة الولاية علي ايّ مؤسسة امنية، للأسف لا تستطيع ان تحرك “خفير” في خطة امنية، فما بالك اخي القارئ الكريم ان تخطط لمثل هذا العمل!!
بعد عام من الثورة، ولا تزال كل الاجهزة الامنية تحت سيطرة سدنة النظام السابق، من امن، وشرطة، وجيش.
بح صوتنا منذ الإسبوع الاول للثورة بأن التغيير الحقيقي يبدأ بتطهير المؤسسة العسكرية، والامنية، وجهاز الشرطة، بشكل سريع، وجدي.
كنا نمتلك قوة ثورية، والشارع منتصب، كان يمكنه تركيع الكل، والإنصياع الي رغبات التغيير رغماً عنهم..
تغيير المؤسسات الامنية ليس بالامر المرهق للدرجة التي إستشعرنا فيها نبرة التردد، والخوف، وذلك لعدم خبرة الإخوة المدنيين بطبيعة هذه المؤسسات.
تغيير المؤسسات العسكرية، والامنية يبدأ بالقيادة، فلو سيطرت علي القيادة، ومفاصل العمل التي تديره الرتب علي مستوى الوحدات، والإدارات، فيمكنك بكل بساطة تغيير عقيدة ايّ قوة نظامية مهما كانت، ومن هنا تبدأ عملية الحل بمنهج يواكب التغيير، وروح الثورة.
الحمد لله قمنا بواجبنا بالوجه الاكمل، وسعينا بشكل فردي، وجماعي كضباط متقاعدين، عملنا بكل جهد وإيمان بهذه الثورة منذ عشرات السنين لتصل مخاوفنا، وما يجب ان يتم العمل به، وإعتماده كمنهج لتصحيح امر المؤسسة العسكرية، والامنية،وجهاز الشرطة.
تم لقاء السيد رئيس الوزراء علي هامش زيارته الي الولايات المتحدة الاولى، واوصلنا الفكرة، والمخاوف بقيادة سعادة العميد الركن محمد احمد الريح” ودالريح” ونفر كريم من الإخوة الضباط، وكان الإصرار للقاء من جانبنا، وسعينا له، حتي تحقق.
مصيبة المسؤولين في السودان او من يتولون الامر العام، عندما تطرق ابوابهم، وتجتهد لتصلهم، يعتقدون ان لك غرض، او صاحب حاجة” شحات”.
يحضرني المثل السوداني الدارجي ” جو يساعدوهو في حفر قبر ابوهو دسَ المحافير”.
هذه فكرة قميئة توارثناها من منهج الانظمة الشمولية التي تختزل السلطة في المنافع الضيقة، والمكاسب الذاتية، والمغانم.
كل مجهود قمنا به او تواصل سعينا له نابع عن ايمان تام بهذه الثورة، وضرورة التغيير الجاد دون خوف او تردد.
حتي الإخوة في الداخل من ضباط، وضباط صف، وجنود، محالين تعسفياً، قاموا بواجبهم، وتواصلوا مع الكل، وكانوا حضوراً في كل مراحل الثورة.
تواصلوا حتي مع قيادة الجيش، ولا يزالون علي مدار الإسبوع، لتكون قضية هيكلة القوات المسلحة ورفدها بالضباط، والافراد، الوطنيين القادرين علي الخدمة، الذين احالهم النظام البائد للتقاعد بآلة الصالح العام الكريهة، بمبدأ التمكين.
للأسف تم تفريغ هذه القضية من بعدها الوطني، واصبحت قضية، تخص هذه الشريحة التي وجدت نفسها، بين سندان قوانين الإنقاذ، ومطرقة إهمال قوى الثورة، التي إكتفت بالوزارات، والقصر الجمهوري، ظناً منهم انهم ورثوا دولة كسويسرا تنعم بالامن، والامان، وتغرق في بحور الاحلام الوردية!!!
لا يمكن لأي عملية تغيير ان تتم بشكل جدي لتصفية النظام البائد، وتأسيس دولة محترمة، دون النظر بجدية في امر الجيش، والامن والشرطة، وإعادة فتح ملف الوثيقة الدستورية، لمعالجة الاخطاء التي اسست لهذا العبث.
أللهم اني بلغت فاشهد
خليل محمد سليمان
[email protected]

تعليق واحد

  1. أدب الاغتيالات في السياسة السودانية
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    حينما دعا الرئيس الأسبق جعفر محمد نميري للمصالحة الوطنية في أواخر السبعينيات من القرن الماضي، كان هنالك وفد ذهب إلى لبنان للتفاوض مع السيد الشريف حسين الهندي، وكان الاتفاق أن يتقابل وفد الحكومة مع السيد الشريف في أحد الفنادق في العاصمة بيروت، وعندما تحرك الشريف الهندي مع سائقه في الطريق أخذت الشريف سنة من النوم، فقام الحرس بإيقاظه وقال له بأنك ذاهب إلى (عدوك) فكيف تنام؟!
    حينها قال له الشريف الهندي: (نحن كسودانيين نختلف كثيراً لكن اختلفنا في الطريقة المثلى لحكم السودان، ولكننا في المقام الأول سودانيين أولاد بلد لا تصل به الخصومة إلى التصفية الجسدية.
    وهنا يثور سؤال مفادة من الذين قام بتدبير محاولة اغتيال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، ومن أين جاءت هذه الأفكار؟!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..