أخبار السودان

عاصفة الحزم …الحرب بوجوه مكشوفة

رجاء بابكر

أخيرًا حسمت السعودية ودول الخليج أمرها بعد إدراكها أن حروب الوكالة تزيد من تعقيد الأزمات … ما حك جلدك غير ظفرك ..فقادت بنفسها حرب الحزم لوقف التمدد الإيراني الذي لم يكتفِ بالعراق ولبنان وسوريا والبحرين بل وصل اليمن وما أدراك ما اليمن فهي البحر الأحمر وباب المندب وهي قناة السويس والأهم هي العمق الاستراتيجي للسعودية أي وصل الحريق لأطراف السعودية وهو ما لم تسمح به عبر تاريخها الآن هناك خلط للأوراق وتمزيق للجغرافيا والتاريخ وسيولة سياسية ساخنة وخريطة جيوسياسية تبرز للوجود نرجو أن تصب لمصلحة العرب … المقال يستعرض موقف بعض الدول.

السعودية
هنا يجب أن نفرق بين السعودية جارة اليمن والسعودية قائدة النظام العربي الجديد الآن في ستينات القرن الماضي خاضت السعودية بقيادة الملك فيصل حرباً ضد مصر جمال عبد الناصر بشأن اليمن والغريب أن الحوثيين آنذاك كانوا يقفون مع السعودية للدفاع عن الملكية اليمنية والرئيس عبد الناصر يقف مع عدن مؤيداً قيام الجمهورية.

برز دور السعودية كقوة اقتصادية مؤثرة حينما منعت تصدير البترول للغرب الأوربي أثناء حرب 1973 ..وعندما ضعف دور مصر بعد اتفاقية كامب ديفيد لم تستعجل السعودية قيادة الدول العربية وربما كانت تستشعر ثقلها الديني بوجود قبلة المسلمين في أراضيها وما يفرضه من تأمين الأماكن المقدسة ولكن كان الدور السعودي في تصاعد ظهر في اتفاق الطائف الذي وضع نهاية للحرب الأهلية في لبنان وأيضاً في ملف سلام الشرق الأوسط ولكنها تركت الأمر لسوريا ثم العراق والحقيقة أن دول الخليج هي من قدم العراق للقيادة بعد قيام الثورة الإيرانية ثم مقولة الخميني الشهيرة تصدير الثورة لدول الجوار.. استشعرت الدول الخطر الإيراني في منطقة الخليج فقامت حرب الخليج الأولى، التاريخ معروف ولكن صدام أخطأ حينما اغتر بقوته العسكرية وغزا الكويت فهو لم يقرأ جيداً الخريطة بكل أبعادها ..إذا كانت إسرائيل العدو الأول للمنطقة فإن صدام العدو الثاني لها بسبب جهله وسوء تقديره للأمور لأنه أضر بالقضية العربية ضرراً ما زالت المنطقة تعاني من تبعاته إلى اليوم. ما فعله صدام من غزو للكويت وتهديد لجيرانه فمزق الوحدة العربية ووجدت أمريكا موطئ قدم في المنطقة بحجة الدفاع عن الدول الخليجية من تهديد صدام من يومها وأمريكا(تمسح في مسمار جحا) ثانياً إبادة صدام لجزء من شعبه بالكيماوي الأكراد والشيعة هذا دفعهم دفعاً لأحضان الأجنبي. .. بعد انهيار العراق وسوريا رجع المجتمع فيهما عارياً يلتمس غطاء المذهب والطائفة ..وبعد انتفاضات الربيع العربي وما صحبها من تعسر أصبحت الدول هشة كيانات هلامية يسهل اختراقها من دول الجوار الإقليمي الذين يطمعون في ثروات المنطقة كل دولة تحلم باسترجاع أمجاد إمبراطوريتها الآفلة .. المنطقة العربية أصبحت (سداح.. مداح ). مستباحة من الجميع ..يبدو أن الملك سلمان كان يحمل رؤية محددة قبل أن يصير ملكاً تتخلص في الآتي وقف التدهور الداخلي للدول العربية حتى تتماسك وذلك باتفاقات داخلية بين فصائل الشعب بدون إقصاء لمكون وثانياً وقف تمدد إيران وتقليم أظافرها ..لم ينتظر الملك سلمان كثيرًا خصوصاً بعد أن نضجت الظروف لقيادة السعودية وبعد أن لمس التماهي الإيراني الأمريكي على حساب العرب..فكانت عاصفة الحزم تدشين لقيادة السعودية و دول الخليج للنظام العربي الجديد لأنها الدول العربية المؤهلة الآن لقيادة الأمة العربية فهي متماسكة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً

إيران
بعد أن استنفد صدام حسين أغراضه احتلت أمريكا العراق بشراسة غريبة وفي نيتها تقسيمه ..أولوية الخارجية الأمريكية في المنطقة مصالحها و أمن إسرائيل ما عدا ذلك أمريكا برغماتية تتعامل مع من يفرض نفسه في الساحة لذا بعد احتلال أمريكا للعراق تعلم أن العرب يرفضون تقسيم العراق .. إيران قبلت وبالفعل قسم العراق طائفياً وكان نصيب إيران التي تدعي حماية الشيعة نصيب الأسد بالسيطرة على القيادة التنفيذية ..شجع غض الطرف الأمريكي إيران على التمدد في الدول العربية مثل البحرين واليمن وسوريا ..لبنان أصلا مقسمة طائفيا بالدستور

في نقاط مهمة إيران الآن في وضع الخصم المرحلي للعرب وليس الاستراتيجي لأنها جزء من الأمة الإسلامية ..ولكنها تقوم بفعل خطير وهو العبث بالنسيج الاجتماعي للدول العربية بتسييس الطائفة الشيعية من أجل أطماعها وكورقة ضغط للملف النووي كما قامت هي وأمريكا بتشجيع التمذهب والعرقية بين الشعب العراقي أي في النهاية تجزئة المجزأ ليكون فتاتاً لتظهر خريطة سايكس بيكو جديدة للدول العربية .. إيران تساوم الآن الدول الغربية في الملف النووي بشيعة العراق ونظام الأسد والحوثيين في اليمن كله في سلة واحدة ، على حساب الشعب العربي و دولة الموطنة فيه …نعول على التعقل الإيراني وتحويل الصراع الإقليمي إلى تعاون وحسن جوار لأنها تعرف عدوها المتربص بها ليس العرب إنما من يريد أن يدمر مفاعلاتها النووية … بعد أن غرقت إيران في أوحال سوريا والعراق والآن تصارع العرب في اليمن فهل تشد إيران الحبل الذي التف حول عنقها ام تزيحه بهدوء وتفلت من المصيدة ؟؟

السودان
المتتبع للسياسة الخارجية في عهد الإنقاذ غير متلازمة الفشل تتسم أيضاً بعدم وجود غاية فيها وذلك لغياب مفهوم الدولة فالموجود الآن دولة الحزب وليس دولة المواطنة..الكل يعرف أن مشاركة السودان في عاصفة الحزم ليس بسبب قوته العسكرية إنما لعلاقة النظام المتينة السابقة مع إيران ..جر السودان للحلف العربي لمحاربة إيران حتى لا تجد إيران موطئ قدم في البحر الأحمر أي الخاصرة المصرية و السعودية أما نظام الإنقاذ ما صدق حمل صندوق انتخاباته الكاسدة وأزماته الاقتصادية والأهم التهرب من استحقاقات الحوار الوطني ..يريد من التحالف العربي أن يسانده فيها ليطيل عمره في السلطة وهي غاية الإنقاذ الأولى والأخيرة مستعد لفعل أي شيء من أجل البقاء في السلطة ..في شيء خطير يروج له النظام والمطبلين الذين تعودوا المتاجرة بكل شيء الآن يتاجرون بمفردات مثل حماية الحرمين ? الشيعة ?كفار ..أي تلبيس الحرب الدائرة بين العرب وإيران ثوب المذهبية الدينية هذا خطير جداً لأنه يفتح باباً للفتنة تفني المسلمين لصالح العدو الصهيوني إذا كانت السعودية وحلفاؤها يقولون عودة الشرعية في اليمن لماذا لا يقول نظام الإنقاذ هذا ..ولكنه الاعتباط والجهل، أيضاً لا يعتقد المؤتمر الوطني أن دخوله حلف عاصفة الحزم سوف يعفيه من حوار الداخل وترتيب البيت السوداني لأن الخارج مهما بلغ دعمه عندما يقول الشعب كلمته يكتفي الخارج بالفرجة فقط ..
.
الشعب العربي
الشعب العربي الصابر لا يكفيه تحمل أذى وضغط الأنظمة بل عانى من مرارة الهزيمة على أيدي إسرائيل وأمريكا وأصبح يتطلع للوحدة العربية والإسلامية ورغم فقره وتهميشه يصفق لأي نوع من الوحدة يتصيد الانتصارات وإن كانت مرحلية أو على أيدي جماعة متطرفة ..هذا الشعب النبيل يستحق كريم العيش ويستحق أن يشارك في إدارة بلاده نرجو من الحكام العرب الذي يريدون إنشاء قوة عربية مشتركة وهذا أقوى قرار منذ حرب أكتوبر نرجو إضافة عنصر مكمل وهو دعم قيام دولة المواطنة في المنطقة لأن تهميش أي فصيل من الشعب يكون حصان طروادة الذي يدخل منه الأعداء.

التيار

تعليق واحد

  1. الان حقيقة اصبح الصراع القوي اكل والضعيف ماكول الكل يعرف ماذا يريد ولكن النظام فى السودان همه كيف ستمر لذا يفعل وكل مابوسعه من اجل البقاء ولكن هل سيظل الشعب ينتظر اجله حتى يحين الحوار لايحقق اي من حلول بوضعه الحالى لان الناهي والامر والحاكم والجلاد هو النظام يمسك بزمام الامور والكل تحت رحمته اذا لم تكن هنالك مراقبة دولية والاندة المطروحة للحوار كثيرة هذا ليس مكانها المفروض ان يكون اول احندتها ايقاف الحرب والجلوس للوصول الي حل سياسي شامل ومن ثم التوجه للعمل دستور يفصل كل مشاكل السودان والا فاننا سنقف وقطار الانقاذ سيصل الى مايرنوا اليه ونحن متفرجون كما الان

  2. أود تصحيح معلومة صغيرة بخصوص حرب الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في اليمن:

    كانت السعودية تناصر الإمام بدر بينما كان عبد الناصر يؤيد المشير عبدالله السلال الذي قاد إنقلاب عسكري ضد الإمام وإستولى على السلطة في اليمن وأطلق عليها إسم الجمهورية العربية اليمنية بينما كانت عدن في تلك الحقبة تحت الإستعمار البريطاني.

    مع التحية

    مهدي صالح
    سوداني بالسعودية – جدة

  3. أروع ما قرأت من مقال تحليلي.. لم تتركي لنا أي نفاج للاختراق بتعليق..خالص التقدير والاحترام اخت رجاء بابكر…

  4. نعم كلام ماخوذ من الواقع ولكن كل المعلقين في كلمة تسلم وهذا ما يؤكد لنا باننا من التبع بلا مبداء وما جاء في المقال يؤكد لنا بان المسلمين سنه وشيعه لافهم لهم لا في الدين لا في السياسه ولا في الاصول امريكا تحرك كما تريد ونحن نعلم ذلك وكل المسلمين يدركون بعمليه الجيل الرابع عملية ضرب المسلم بالمسلم ولكننا اغبياء لانفهم ماذا يريد منا الغرب ولماذا ذلك الحروب عند المسلمين وكل ذلك يصب في مصلحة امن اسراءيل وكونو اغبيا يامسلمين الي يوم الدين

  5. الكاتبة متحيزة للسعودية بشدة لعلها ترمي الى فائدة تجنيها من هذا التحيز البغيض والمسئ لها كامرأة لأن النسوان (معظمهن) اكثر صدقية من الرجال لكن صاحبتنا هذه شذت عن القاعدة!!!
    (( ماحك جلدك غير ظفرت )) هل دولة فقيرة كاليمن تحتاج لحرب بالوكالة؟!!!
    ومع ذلك السعودية تفاهمت – بالقروش طبعا – مع الدول المتسولة كالسودان ومصر وباكستان (اذا افترضنا ان السودان دولة عربية بحكم عضويته في الجامعة فهل باكستان دولة عربية)!! جميع هذه الدول تشترى بالمال لأن رؤساءها حيوانات!!! أليست هذه فضيحة!!!
    خسئت ايتها الحرمة

  6. المبادى لاتتجزأ مشكلة اليمن سياسية فى المقام الأول والحكومات الشرعية التى إجهضت فى المنطقة لا حصر لها اين كان مناصريها ؟
    على الداعمين لعاصفة الحزم إستدعائها للحركات المسلحة فى السودان فهى فى نظرهم تشكل خطر على (الشرعية) هذا اذا إستبعدنا اسطوانة ((حماية المقدسات))

  7. والله مقال وتحليل منطقي ومقبول جداً

    واكثر ما اعجنبي في المقال والتحليل ورؤية الكاتبة

    [……….. الآن يتاجرون بمفردات مثل حماية الحرمين ? الشيعة ?كفار ..أي تلبيس الحرب الدائرة بين العرب وإيران ثوب المذهبية الدينية هذا خطير جداً لأنه يفتح باباً للفتنة تفني المسلمين لصالح العدو الصهيوني إذا كانت السعودية وحلفاؤها يقولون عودة الشرعية في اليمن لماذا لا يقول نظام الإنقاذ هذا ..ولكنه الاعتباط والجهل

    سلمت يداك يا اختنا

  8. (3)شهادتي للتاريخ
    الخطا الاستراتيجي الفادح للحملة العسكرية ضد اليمن
    بدل من يستهل الملك الجديد عهده بدعوة دول الخليج من اهل المال ودول العربية من اهل الخبرة مصر والسودان…للتوجه الى تنمية اليمن وازدهارها والسعي لدمجها في منظومة دول مجلس التعاون الخليجي مستقبلا.ويراهن على القوى الديموقراطيةالتي لها وجود فعلي وجماهيري تضج به الفضائيات .راهن على اعادة عقارب الزمن الى الوراء وعلاقة السائس والحصان والرؤيةالدونية لليمن والرهان على قوى مستنفذة تجاوزتها الحركة الجماهيرية في كل اليمن والحديث ذو شجون…

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..