مقالات وآراء

عين على الحقيقة _ لغط “الكيماوي”، وسوء الظن العريض؟! (1)

 

الجميل الفاضل

يتدفق في هذه اللحظة، سيل من المغالطات الكلامية، حول “السلاح الكيماوي”، سعيا لطمس آثاره، أو للهرب تحت دخان اللغط الكثيف، من تبعات إستخدامه.

رغم أن مختصين أمريكيين وبريطانيين وأوروبيين آخرين، كانوا قد جمعوا بالفعل ـ وفق بعض الروايات ـ عينات من التربة والمياه ومن بقايا جثامين محترقة من مدينتي “مليط” و”الكومة”، وقدموها كأدلة دامغة على استخدام هذا النوع من السلاح في دارفور.

أعادني هذا الجدل إلى مقولة قديمة للأستاذ محمود محمد طه، صارت كأنها قاعدة تُستذكر كلما ذُكر أي سوء عن هؤلاء القوم، قال فيها: “كلما أسأت الظن بالإخوان المسلمين، تجد أنك قد أحسنت الظن بهم، لأن سوءهم يفوق سوء الظن العريض.”

فإن فتنة هذه الحرب، التي تولت هذه الجماعة كِبرها، وأزّكت نارها بكل ما أوتيت من قوة ناعمة وصلبة، من كتائب وألوية، ومن خلايا نائمة وغير نائمة، أو من وراء ستار الجيش، الذي لم يعد ساتراً بما يكفي لتحريك أصابع هذه الجماعة الآثمة، لخيوط الدمى التي تُدير من خلالها دولاب هذه الحرب.

على أية حال، هي حرب تكشف، مع كل يوم يمر، أن نفوساً نضّاحة بالسوء قد تفوقت، في هذه الحرب، حتى على سوء نفسها وطويتها.

بسوء يفوق هو نفسه “سوء الظن العريض”، وفق وصف الأستاذ محمود وتعبيره الدقيق.

فقد أثبت واقع الحرب أن جماعة الإخوان المسلمين جماعة “مطاطية السوء”، كلما غالي الناس في إساءة الظن بها، اكتشفوا أن سوءها يتجاوز أقصى ما ظنوه.

ليجدوا في الحقيقة أنهم، قد أحسنوا الظن بهذه الجماعة، كلما أرادوا إساءة الظن بها!.

بل إن جدل “الكيماوي” الراهن، ربما يعيد طرح سؤال: “من أين جاء هؤلاء؟”

ذلك السؤال الغريب الذي استنبته من عمقٍ سحيق الروائي الطيب صالح، فنبت كعُشبٍ طريّ بين مفاصل صخرة، قبل أن يتوسد الكاتب الكبير الباردة.

سؤال ظل حائرًا، كلما أراد أن يغفو في ذاكرة الأيام البعيدة، أيقظه “هؤلاء” الذين عنّاهم أديبنا الراحل، بفعل يفوق حتى “سوء الظن العريض”.

ومن “سوء ظني العريض” بهذه الجماعة، يسيطر عليّ يقينٌ هذه الأيام، بأن الإسلاميين، لو امتلكوا اليوم سلاحًا أشد فتكًا وإماتة من السلاح الكيماوي، لما توانوا البتة عن إفناء كل أهل السودان به.

لكن من يمن الطالع، يبدو الي اليوم أن السلاح الكيماوي هو “القوة الخفية المميتة” الوحيدة المتاحة لدى جيش “العطا والبرهان”، الذي هو جيش الإسلاميين من ورائهما بالطبع.

فالإسلاميون، في ظني، لم يكونوا يمزحون حين وضعوا الناس أمام خيارين لا ثالث لهما، بقولهم الذي ترجموه عمليًا إلى حرب:

“إما تسليم كامل، أو تدمير شامل”.

رغم أنهم، للحقيقة، قد أتاحوا نظريًا خيارين صفريين، أو أمرين أحلاهما – بالضرورة – مُرّ.

ولعل ما لا يخفى على كل ذي نظر، أن الإسلاميين، منذ صعودهم إلى الحكم، وطّنوا أنفسهم على شيء واحد:

هو ألا يهبطوا من ذروة سنام هذا الحكم أبدًا – سواء بالتي هي أنعم، أو حتي بالتي هي أخشن – مهما كانت الكلفة، ومهما كان الثمن: بإراقة دماء أعدائهم، أو بإراقة دمائهم هم أنفسهم، أو حتى بإراقة كل الدماء، مهرًا للبقاء على كراسي السلطة.

وللحقيقة، فإن الأيام أكدت بما لا يدع مجالًا للشك، أن شعار “إما تسليم كامل، أو تدمير شامل” لم يكن مجرد شعار، ولا مجرد كلام ساكت.

فقد صار لهذا القول أو الشعار، أكثر من شاهد يحمل فحواه على الأرض، كما قد جاء بترجمة أخرى على لسان القيادي الإسلامي أنس عمر، الذي قالها بصريح العبارة بعد توقيع الاتفاق الإطاري، قبل أيام فقط من الحرب:

“لا نجاة لأهل السودان، ولا أمن ولا أمان لأهل السودان، إلا بقيادة المشروع الإسلامي لهذا البلد”.

فالمسألة تبدو، بكل وضوح، بالنسبة لهذه الجماعة، مسألة حياة أو موت.

مسألة لا تقبل أنصاف حلول.

إذ لا نجاة، ولا أمن، ولا أمان لأهل السودان إن استمروا في رفضهم لنظام حكم الإسلاميين، الذين في اعتقادهم الي يومنا هذا، أن إجراءات التسليم والتسلُّم لهذا النظام المقدس، لا ينبغي أن تتم إلا لنبي الله عيسى عليه السلام، حال نزوله مجددًا إلى الأرض.

‫2 تعليقات

  1. لكم خالض التقدير والاحترام يا استاذ الجميل الفاضل …
    إن كان ثمة اضافة لمقالكم المرتب الموزون فهي القول: لقد ارتكبت جماعة الاخوان المتسلمين جريمة العصر في السودان … وباستخدامهم للاسلحة الكيميائية سقطوا في قاع الانحطاط والتفاهة والسفالة … وتجاوزا سوء الظن العريض باميال !!

    لقد استوردوا واستخدموا هذا السلاح الفتاك ذو الاثار طويلة الامد في تسميم التربة والمياه والمياه الجوفية وتلويث المنتجات النباتية في مناطق متعددة بالسودان المنكوب بلعنة كيزانه.

    جاء في بعض اجزاء التي تسربت من تقرير الخبراء بلجنة الفنيين في رضد آثار استخدام الاسلحة الكيمائية التي استند عليها قرار الخارجية الامريكية:
    هناك أدلة في الحرب الحالية في السودان كلها تشير الي ان الجيش السوداني قام باستخدام اسلحة كيميائية في بعض المعارك.
    وهذا مبني علي ادلة مادية جمعت من مواقع مختلفة، يجب اخذها في الاعتبار جنباً الي جنب مع افادات متطابقة من عدة مصادر داخل وخارج اطر الجيش وجهاز المخابرات تؤكد الاستخدام المتكرر للأسلحة الكيميائية.
    مع وضع هذه الافادات في الحسبان لتقييم الوضع فقد رصد اضافية تتمثل في:
    1- إفادات ضحايا وناجين وشهود عيان من شرق النيل وكرري، وجنوب الخرطوم.
    2- صور ومقاطع فيديو لسحب كيميائية صفراء وخضراء.
    3- آثار تلوث في الادلة المادية من عينات التربة تشير الي وجود بقايا من عناصر مكونات الفوسجين والكلور وغاز الخردل.
    4- افادات عن ضحايا انهارت أجسادهم دون شظايا أو جروح مرئية في جبل موية و الدندر.
    5- تقارير طبية من أطباء محليين ودوليين تؤكد حالات إصابة بغاز الخردل وغاز اللويسيت، وتم توثيق أعراض الحروق الداخلية والرئة المتآكلة.
    6- تحليلات مخبرية لعينات تربة وملابس أظهرت وجود مركبات عضوية تحتوي على الزرنيخ، المكون الفعال في غاز اللويسيت.

    : واخيراً ورد في ديباجة الملخص ” Synopsis”:
    “مما توفرنا عليه بعد التحقق ودراسة البينات المادية والشهادات نشير الي ان هذه أدلة ليست تخمينات .. وفي مجملها تشكل اثباتات فاعدة متينه لاستتنتاجات هذا التقييم..
    إننا علي استعداد لُعرضها أمام أي لجنة تحقيق دولية لدراستها ومناقشتها …
    كما اننا علي اتم استعداد اذا لزم الامر وعند الطلب عرضها علي لجان الكونغرس المختصة.”

  2. شخصيا لا يخالجنى أدنى شك فى ان الجيش السودانى قد استخدم السلاح الكيماوى فى هذه الحرب اللعينة ويعود أمر السلاح الكيماوى الى عقد التسعينات من القرن الماضى وبعد ان ضاق الخناق على الديكتاتور العراقى صدام حسين بامتلاكه سلاح الدمار الشامل واستخدامه غازى الخردل والسارين ضد المدنيين الاكراد فى حلابجة وموت ما يزيد مائة الف مواطن كردى حاول صدام اخفاء ذلك المخزون من الاسلحة الكيماوية بينما لم يتم العثور على سلاح دمار شامل كما زعمت المخابرات الغربية.. فى العام 1992م اشنأ الجيش السودانى فرعا لما سمى بادارة الحرب الكيماوية واسندت ادارتها الى ضابط برتبة عقيد واوكلت مهمة بناء المرافق لادارة الاشغال العسكرية فى سرية تامة وبعيدا عن الاعين الاستخبارية… تسربت معلومات فى العام 1995م فى ان الشركات الصينية استخدمت مذيبات بترولية تضرت بالمحيطة بمناطق انتاج البترول فى المجلد والمناطق المجاورة وتقدم نائب برلمانى بسؤال فى المجلس الوطنى عام 2001 ولكن رئيس المجلس رفض السؤال متذرعا بانه امر يتعلق بالمن الوطنى بينما اشارت التقارير الواردة من المنطقة المذكورة بان اثارا قد رصدها جراء استخدام تلك المذيبات من اصفرار اوراق الشجر ونفوق المواشى واعراض جلدية جراء مواد غير معروفة.. عملت حكومة الانقاذ على اسباغىالتكتم الصارم لهذه المعلومات.. عقي انلاع التمرد اوردت منظمة اطباء بلا حدود والتى كانت تنشط فى دارفور عن ظهور اعراض نتجت عن استخدام مواد كيماوية غير معروفة منها حالات اجهاض بين النساء الحوامل والتهابات فى العيون والجهاز التنفسى الى جانب الموت اختناقا دراء استنشاق مواد تسبب الاختناق وهى كلها مؤشرات على استخدام مواد كيماوية.. صرح الفريق صلاح قوش اما بعض نواب دارفور فى المجاس الوطنى العام 2003 بانه ( سيستخدم السلاح الكيماوى لضرب ما سماهم بشوية قبائل عاوزة تهزم القوات المسلحة ) ويعنى بذلك قبائل الفور والزغاوة والمساليت حتى النائب محمد بركة نورين عن دائرة كبكابية شمال دارفور تصدى له وقال له انك صورة مصغرة من فرعون تحولت الجلسة بعدها الى هرج ومرج جراء انفعال الفريق قوش… صدرت بعد ذلك عدة تقارير من جهات مختلفة وارسلت جريدة الاوبزيرفر البريطانية ومجلة نيويوركر الاميريكية
    ازفدت الصحفية العاملة لديها وقتئذ سامنتا باور والتى صارت مسؤولة عن المعونة الامريكية فى عهد بايدن كما ان اذاعة بى بى سى قد ارسلت فريقا لرصد ذلك واعيد الفريق من كاس وهو فى ظريقه الى غرب جبل مرة كما ان الامم المتحدة اهتمت بالامر واصدرت عدة بيانات حوله ولكن الجكومة السودانية ظلت فى حالة انكار دائم كعهدها الى اليوم… واعود لاقول طالما ان الحكومة ترفض دخول محققين لتقصى الحقيقة اذن فان هناك شيئا ما تعمل الحكومة على احفائه كما ان الوازع الاخلاقى للحركة الاسلاموية لا يردعها عن اتيان الموبقات كلها او بعضها فى سبيل البقاء على الحكم او الوصول الى كرسيه مشيا على جماجم المدنيين والعزل

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..