
ما يجري في السودان من تآمر مكشوف ضد ثورة ديسمبر الشعبية لا يحتاج إلى دليل، خاصة بعد أن انتقل سدنة الإنقاذ من حالة التصريحات الملغومة إلى حالة الفعل الظاهر.
صحيح أنهم لم يتمكنوا من تشكيل حكومة تنفيذية لكنهم اعتمدوا على حلفائهم ومواليهم الذين ظلوا يعملون تحت سلطتهم، ويمارسون سياساتهم التي خرجت الجماهير الثائرة ضدها وأسقطتها.
من بين الممارسات المعادية لثورة ديسمبر الشعبية تأجيج الفتن المجتمعية والنزاعات المدفوعة لإحداث تفلتات أمنية تبرر مخططهم الإجرامي لاسترداد سلطتهم المغضوب عليها.
من جهة أخرى، استمرت السلطة الانقلابية في تنفيذ سياسات التحرير الاقتصادي والخصخصة والسوق الحر دون اعتبار لآثارها السالبة على حياة الناس، وقد تمت السبت الماضي زيادات غير مبررة لأسعار المواد البترولية أعلنها مدير إمدادات وتجارة النفط المكلف ليزيد طين الأزمة الاقتصادية والاختناقات المعيشية بلة.
ليس هذا فحسب، بل عاد الفريق ركن عبدالفتاح البرهان للتدخل السافر في الشؤون السياسية، بعد الوعد الذي قطعه أمام العالم بانسحاب العسكر من الملعب السياسي ليتيحوا للمدنيين فرصة تقرير مصيرهم بأنفسهم، ودعا في تصريحات لدى استقباله سفير بعثة الاتحاد الأوروبي للسودان بمناسبة انتهاء فترة عمله، لمخرج آمن للدولة المدنية عبر انتخابات.
هكذا عاد قائد القوات المسلحة الفريق الركن عبدالفتاح البرهان للتدخل السافر في الشأن السياسي وهو يدعو لانتخابات متعجلة قبل أن تتوافر شروطها، وقبل أن يسلم السلطة الانتقالية للمدنيين كما وعد، وكما ينبغي.
هذا لا يعفي قوى الثورة الشعبية الحزبية والمهنية والمجتمعية من مسؤوليتها في الإسراع لبناء الجبهة المدنية الديمقراطية، باستيعاب لجان المقاومة وشركاء السلام الذين لم يتورطوا في الانقلاب والحركات المسلحة التي مازالت بالخارج، واستعجال اختيار قيادة مدنية تستلم السلطة الانتقالية وتستكمل تنفيذ أهداف ثورة ديسمبر الشعبية السياسية والاقتصادية والخدمية والأمنية والتشريعية والعدلية والمجتمعية.