منذ الاستقلال لم تعترف أي قوى بما ارتكبته في حق البلد

عندما تضيع الحقيقة في أي بلد يضل الطريق لهذا فالحقيقة مغيبة في السودان منذ الاستقلال حتى اليوم وعندما تغيب الحقيقة عن عمد وليس بسبب الجهل بها فان الكارثة التي تحل بالبلد تصبح أكثر خطورة ودمارا على البلد لأنه يصبح من المستحيل إصلاحها وهذا بكل أسف واقع السودان فالسودان لم يشهد في تاريخه حزبا قابضا على السلطة أو معارضا يسعى إليها أو قائدا اعترف بأنه شارك وساهم في خطا في حق البلد حتى ينصلح الحال كما لم يشهد السودان على أي مستوى أن اعترف أي شخص بأنه أخطا في حق البلد بسبب جهل أو سوء تقدير أو لغرض خاص حتى يساهم في إصلاح الحال بان يتعظ غيره مما ارتكبه.

فالكل يتعمد أن يحسن صورته وان يفاخر بما ارتكبه مهما كانت زائفة في حقيقتها بل ويصر على أن يلونها بغير لونها حتى ضاعت الحقيقة الأمر الذي أدى لتراكم الأخطاء في حق البلد وتصاعدها من أسوا لأسوا عموديا حتى بلغت ذروتها بل وتتهدد البلد بأن يتواصل التصاعد حتى يقضى على ما تبقى من البلد ويتحقق بذلك تأمر القوى العالمية المستهدفة تمزيق السودان ومسحه من خارطة إفريقيا طالما انه فرض عليها إلا تستفيد من الاعتراف بما ارتكب في حقها حتى يتم تصحيح هذه الأخطاء.
فالكل يفاخر زورا بما ارتكبه في حق الوطن لهذا فان مردود الحكم الوطني سالب منذ تحرر السودان من الاستعمار.لهذا لم يكن غريبا أن تتسابق القوى السياسية حاكمة ومعارضة على (اللهثى) لإرضاء أمريكا رغم إنها أعلنت علانية في فبراير 92 إنها تعمل على تحرير السودان من الاستعمار العربي حتى يبقى من في السلطة أو يعود إليها من نزعت منه فكان تحرير الجنوب و(البقية تأتى) بتخطيط أمريكا وحلفائها أصحاب المصالح في يوغندا وأثيوبيا وكينيا.

فالسودان تقاسمته عبر مسيرة الحكم الوطن دكتاتورية مدنية عبر أحزاب تهيمن عليها الطائفية معزولة عن الشعب صاحب الحق وباسم ديمقراطية زائف ودكتاتورية عسكرية تقف خلفها ومتحالفة مع مؤسسات عقائدية من يسارية وإسلامية لا يقبل فكرها الآخر ولم نشهد منها كلها بلا استثناء من اعترف بما ارتكبه في حق السودان الوطن وحق الشعب المغلوب على أمره حتى نشهد إصلاحا في مسيرته.

والمؤسف إن هذه القوى بلا فرز أو استثناء ظلت وستبقى حالة ميئوس منها وستظل ما لم يخرج السودان من واقعها هذا حيث إنها لا تعرف غير الصراع مناجل السلطة من يتشبث بها ويصر على الحفاظ بها أيا كان الثمن ومن يسعى للعودة إليها رغم إدمانه الفشل أكثر من مرة فئ مسيرة الحكم الوطني لهذا فهو صراع لا يصب لمصلحة الشعب مهما زايدوا جميعهم بشعارات زائفة هذا الشعب الذي ذاق ولا يزال يذوق المر منذ عاش وهم الاستقلال الذي حسبه علم يرفع ويحتفل به سنويا لو إنها استفتى لرفض كل مكوناته السياسية المدنية والعسكرية لأنه ليس بينها من يلبى تطلعاته ويعمل من اجل رفعته وإنما تعمل من اجل السلطة كهدف في ذاتها إذن كيف له أن يصبح عبدا لدكتاتورية مدنية تحت هيمنة أسرية استأثرت بالثراء الفاحش على حسابه وبين دكتاتورية عسكرية يسارية ويمينية متخالفة مع طوائفه وأحزاب عقائدية فكرها يرفض وجود الآخر.

فالسودان شئنا أم أبينا مجهول المصير أو مظلم في حقيقته ما لم يخرج من هذه الصيغة ودائرة الصراع من اجل السلطة ليس بينها من يحمل رؤية وطنية منحازة للوطن وللمواطن.

انظروا الآن للكم الهائل من المشكلات والمعاناة التي يعيشها المواطن في كافة مناحي الحياة والمرض يفتك به السرطان والفشل الكلوى وغيرها من الأمراض وهو عاجز عن العلاج لتكلفته الباهظة فوق طاقته وعدم مصداقيته وأمانته وانظروا كيف يعانى من تكلفة التعليم والعطالة بعد التخرج الذي لن يعوض الأسرة ما تكبدته في التعليم إن قدر لابنها أن يلتحق بعمل وكيف يعانى من لقمة العيش بعد أن أصبحت السلطة عبئا عليه منذ أن عرفنا الحكم الوطني.

وأنظروا كيف إن ما يسدده من جبايات لخزينة الدولة يفوق أضعاف ما تمنحه له الدولة من أجور ومرتبات بل انظروا حجم المعاناة في ارتفاع الأسعار لتغطية احتياجاته الضرورية بسبب الجمارك والضرائب الباهظة خصما علية وان كان بطريق غير مباشر وغيرها مما لا يسع المجال ذكره حتى أصبحت أغلبية المواطنين خاصة الشباب يسعون للهروب منه لأي دولة في العالم وعلى رأسها أمريكا وانجلترا ولكم أدهشني صديق وهو يقول لي(الم يكن من الأفضل أن نترك الانجليز بدلا من أن نطردهم ثم نلهث لنلحق بهم في بلدهم حتى نضمن العيش والعلاج) وغير هذا كثير يعلمه ويعيشه رجل الشارع وتتجاهله القوى السياسية التي عودتنا الحوار من اجل اقتسام السلطة منذ عرفنا الاستقلال.

لهذا يبقى السؤال هل من ظلوا يتحاورون لتبادل السلطة عبر تاريخ الحكم الوطني هل كانت هذه القضايا يوما موضوع حوارهم وهل كانت رفعة المعاناة من المواطن موضوعا سعوا لتأمينه مبدأ غير مختلف عليه أبدا لا لا وألف لا فهذه القضايا لم تكن يوما من اهتمامهم ولن تكون وهذه هي الحقيقة المرة.

يقيني شخصيا إن أهل المعاناة وهم غالبية شعب السودان هم اللذين بحاجة لصياغة واقع جديد يحيل كل مقومات هذه الصراعات لمتحف التاريخ وان يعيدوا كتابة تاريخ جديد لا يعرف الأحزاب الطائفية والعقائدية يسارية أو الإسلامية وان يبعد العسكرية من أن تكون أداة لهذه الصراعات وهو ما شهدته البلد في نوفمبر مع حزب الأمة وفى مايو ويوليو مع الشيوعي ثم أخيرا مع الإسلاميين (ولا احد يعلم الجاى إن بقى السودان) ولا أظن أمريكا ستتيح له هذه الفرصة و مخططها لتحرير السودان من.
الاستعمار العربي يسير وفق ما تريد.
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..