أخبار السودان

“حنين” لأصحاب “العيون الخضر” بعضهم مازال يتوق إلى أيام الاستعمار ويقارن عهدهم الزاهر بعهودنا الوطنية..

الخرطوم ـ عرفة وداعة الله
حنين بين الحين والآخر يراود مخيلة الكبار، أو بالأحرى من تبقى من أجدادنا، إلى أيام حكم الإنجليز (الاستعمار الإنجليزي المصري).. وتبدأ الحاجة فاطمة حديثها أثناء جدال دار حول الاستعمار والاستقلال بأن بعضهن قديما كانوا يرددون: (إنتو بالإنجليز لا تفوتو لا تموتو).. لا بد أنها مرت بتجربة جعلتها تردد تلك العبارة، ولكنها أيضاً تبدو معقولة نسبة لما أحدثه المستعمر من تطور متسارع في البنى التحتية المتمثلة في الطرق والكباري والصحة والتعليم، ويتذكرون على نحو خاص، الخدمة الوطنية والسكة حديد، بجانب جامعة الخرطوم (الجميلة ومستحيلة) والأمر يرجع برمته إلى المقارنة بين فترة الاستعمار وفترة ما بعد السودنة، ولكن حين يدور ذات النقاش بين الشباب الآن يوصمون (بعدم الوطنية) رغم أنهم لم يشهدوا تلك الأيام ولكن طالتهم نفحاتها.
ولا يمتلك البعض الشجاعة الكافية التي تمكنه من التصريح الواضح بالرغبة في عودة الاستعمار للبلاد ولكن إحداهن تحمل لقب (دكتورة) كما رشح في الأسافير قبل سنوات، أعلنت عن تشكيل تنظيم سياسي يطالب بعودة الاستعمار إلى السودان، وأطلقت عليه حركة (حمد) والتي تشير إلى (حركة المطالبة بانتداب دولي) حيث ترى أنه حال وضعت البلاد تحت الانتداب فهذا يعني خبرات أجنبية تحت إشراف ورقابة دولية تضع الدستور والقوانين وتشرف على توفير فرص العمل والصحة والبنيات التحتية.. لكن بالطبع هنالك من سخر من دعوة الدكتورة، وهي بالمناسبة شخصية مجهولة، وربما لا تكون موجودة في الحقيقة، لكن ما تطرحه يعبر عن رأي مجموعة بالضرورة موجودة.
وينظر أكثرية السودانيين إلى حكم الإنجليز على أنه نهب واستعمار وإذلال ولكن مقابل ذلك هناك من يرى أن الإنجليز هم الذين ساهموا في نقل السودانيين إلى مشارف القرن العشرين بإنشاء السكة حديد وازدهارها وإنشاء جهاز الخدمة المدنية بجانب المشاريع الزراعية وفنون الغناء والشعر والصحافة الورقية، وأثناء فترة حكم الإنجليز عرف السودانيون ربما معنى احترام حقوق الإنسان، من خلال محاربتهم لأشهر العادات الضارة المتجذرة في المجتمع السوداني والتي تمثلت في الختان الفرعوني.
لم تكن الدكتورة الإسفيرية المشار إليها وحدها من جاهر بعودة حكم الاستعمار، حيث دعا الباحث في الشؤون الأفريقية الدكتور عمار السجاد قبل سنوات، إلى وضع السودان تحت الانتداب التركي متهما القوى السياسية المعارضة والحكومية بالفشل في إدارة الحكم والاستفادة من موارد البلاد الاقتصادية الضخمة قائلا في تصريحات سابقة: “لقد فشلت الأحزاب كلها في الحفاظ على وحدة السودان، ولكي نحافظ على ما تبقى من الوطن علينا العمل بنظرية (الاستعمار الحميد)”.
وقد كان الحديث عن عودة الاستعمار الإنجليزي إلى السودان عشوائياً متناثراً هنا وهناك في جلسات الأُنس البريئة، ولكنه سرعان ما انتقل إلى منصات المثقفين والأكاديميين، ثم عمت مناقشاته سماء الأسافير، في شكل هازئ أحياناً، وجاد في أحايين كثيرة.. في الأثناء ثمة من يستدعي مقولة شهيرة تنسب لمحمود محمد طه، زعيم الحزب الجمهوري في أربعينيات القرن الماضي، محذرا من التيه بعد الاستقلال قائلا: “قد يخرج الإنجليز غدا، ثم لا نجد أنفسنا أحرارا، ولا مستقلين، وإنما متخبطين في فوضى ما لها من قرار، استبدال الإنجليز بإنجليز في هيئة سودانية”.
ووسط هذا الحراك الفكري والجدل حول وجود الدولة نفسها نجد أن النخبة السودانية وصلت إلى حالة من التغييب والانسحاب من الحياة العامة، فجمودها المحير وسط المتغيرات السياسية العنيفة، وبعدها المثير للقلق وسط تخلق سياق محتمل لحل ديمقراطي، لم يكن سوى نتيجة حتمية للرضوخ للحكومات يحدث كل هذا التغيير الدراماتيكي. ويشير البعض إلى أن السودان يشهد لحظة سقوطه كدولة وطنية مستقلة، بعد فشلها في صياغة مشروع تعاقدي يؤسس لعلاقة الدولة مع المجتمع، لكن كثيرا من أهل السياسة يضعون آمالاً كبيرة في الحوار الوطني، أو أي صيغة تراضٍ وطني تنتقل بالبلاد إلى وضع أفضل، ولا يشعر الناس بقيمة الماضي مقارنة مع الحاضر، فيحنون إليه أكثر، وبالضرورة يحنون إلى أيام الإنجليز..!!

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. كلام غير معقول لان الاستعمار الجغرافي قد انتهت فترة صلاحيته بالنسبه للبريطانيين وليس هناك انسان لديه عقل يطالب باستعمار بلده ثم ماذا يمكن ان تقدمه دوله مستعمره لشعب .
    برطانيه هي اس المشكله نهبت السودان واستنزفت ثروته مايقارب 60 سنه لم تترك شيئا سواي مجموعة من الفاسدين ليفسدوا البلد ويستنزفوا ما تبقي من الموارد.وهذه هي الحقيقة والنتيجه الحتميه لما وصل له السودان الان

  2. قد يبدو للكثيرين بأن عهد الحكم الانجليزي كان ازلالا واضطهادا وتقتيلا وظلما للسودانيين ولكنه كان بالعكس تماما انضباط وانجاز وعدالة واتقاء بالمفاهيم وتنمية في الزراعة والتعليم والنقل البري والبحري ولكن بعد خروج الانجليز جاء عهد الاستعمار الوطني الحقيقي من استبداد وقبلية واقصاء وظلم وكراهية ومحاباة وفساد وي ليت يعود الانجليز ثانيا ليروا ما حل بالسودان …

  3. عجز وكسل للنخاع وحالة يأس بائسه والتمثل بالموتى وهم احياء!.هو حالنا دائما منذ الاستقلال لا نثق فى نفوسنا ونترك لمن هب ودب يحكمنا ونستسلم ونسلم امرنا له وندرك تماما مقدار ما حل بنا من تدهور سلبى ولم نحرك حراكا. لم يتغير شئ ولن يتغير واذا راجين الاحزاب ينقذوكم تبقى بتنفخوا فى قربه مقدوده.(التسوى بى ايدك يغلب اجاويدك)الانجليز تانى يسوى بيكم شنو؟ ما انتو بقيتوا خلاص انجليز!وحالة اليأس دى تترجم ذلك وتعبر عنه جليا.
    حرام عليكم انحنا بلد فيه كفاءات لا يستهان بها وكوادر مثقفه تزن الارض ذهبا,ولكن كلها هاجرت وشردت وعزبت وازيلت من مناصبها بالقوة وتركت البلاد فريسه للوحوش المغوغله فى ظلام الجهل تدمر يمينا وشمالا.وففقدنا كل الامل لتطوير بلدنا بطول الزمن وتركنا القارب على حبله.وكل من يحكم يفجر قنبله ذريه جديده تهدم كل شئ .ونحنا الشوق للانجليز بقى وساده نبكى وننوم عليها.
    فهل الشعب السودانى ليس قادر لاداره بلاده وتطويرها؟
    يكفيك ان جميع الدول العربيه تطورت بكفاءات سودانيه قديما وحديثا ولا تزال تعتمد على الكوادر السودانيه فى كل المجالات.والكل يعترف بذلك.
    السؤال المحير:لمذا نحن نعمر بلاد غيرنا ونهاجر لها ونترك بلدنا؟ هل هم الانجليز برضوالسبب ,لاننا طردناهم؟ .والانسان السودانى اوعى بكثير وذكى جدا جدامقارنة بغيرومثقف حياتيا بدون تعليم(امشى الباديه وانصت لحديثهم وادرس طرق حياتهم)
    كل حكومه استلمت السلطه فى السودان زادت من نكبته ومحنه:تعليما واقتصاديا وسياسيا بقوة السلاح. والشعب مغلوب بالقوة لا فكاك منها,بقبضه من حديد.الى ان يظهر فجر جديد. فلا تزيدونا احباط اكثر مما نحن فيه الان .

  4. كلام غير سليم….. لا نريد عوده الاستعمار…. ما نريده الان كنس الزباله الكيزانيه دي……….. وبعدها لكل مقام مقال ……………..

  5. ياليت الاستعمار يعود يوماً, لنخبره بما فعل الشياب الجاهلين
    فشل السودانيين منذ الاستقلال في ادارة السودان وصحيحيح لابد ان يحكم السودان شخص اجنبي حتي نحصل ما تبقي منه

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..