أهمية إنشاء ملحقيات عمالية بالسفارات

طارق الامين علي ادريس

وقتها لم نفكر ابدا في مغادرة بلادنا الغالية الى منافي الشتات وأرصفة المدن الباردة ففي ذلك الوقت كان وطننا سامقاعاليا بين هام السحب وكانت سمعة أهله الكرام وابنائه البررة وبناته الماجدات تزهو وتفخر بها كل الدنيا (كنا سراة تخيف الكون وحدتنا) على حد قول الشاعر إن لم تخني الذاكرة
كنا أمة تعتز بوطنها وميراثه وأعرافه وتقاليده الضاربة في عمق التاريخ ،كنا شعبا يفخر بحضارته وتاريخه الممعن في الشموخ والعظمة ، لم تكن الجهوية والقبلية ولا العنصرية البغيضة مكون اساسي من مكونات تاريخنا وثقافتنا وحضارتنا لم يعرف وطننا الاقتتال والاحتراب والتناحر والبؤر الملتهبة في غربه وجنوبه وقتها كنا نعيش في انفة وكبرياء ونجد قوت يومنا ونتمتع برغد العيش والحياة الكريمة كانت حياتنا بسيطة سهلة ميسرة وكريمة خالية من التعقيدات كنا نوفر من مصاريفنا الجامعية وكل الامور في متناول يدنا جامعاتنا كانت حافلة بالثقافة والفكر والمساجلات الادبية الرائعة لم نعرف الاغتراب والهجرة وقتها ولم نفكر فيها اطلاقا
صنعنا الثورات والهمنا العالم المتحضر شيدنا المنافي وارسينا سمعة رائعة مشرفة للمتلازمة السودانية الرائعة على حد تعبير الاستاذ مطلق العنزي رئيس تحرير جريدة اليوم السعودية وبهذه المناسبة له مني كل التقدير والاحترام المطلق ولقلمه المبدع السيال بفضل كتاباته المتميزة عن الشخصية السودانية
كان ذلك هو زماننا باختصار موجز زمان الفخر والشرف والسمو للوطن السودان وللانسان السوداني بلا منازع
وفجأة انقلبت الامور وتغيرت الاحوال 190 درجة وصرنا الاسوأ في كل شئ من كافة النواحي وجميع الجوانب وفي كل المجالات والاطر ولا أرغب في تكرار الحديث عن هذا السؤ فقد تناولته اقلام الباحثين وقتلته بحثا وتنقيبا ومزقته اربا من كافة الجوانب
ولكن مايعنيني بالدرجة الاولى هنا هو ازدياد معدلات الهجرة الكثيفة والمرعبة حسب آخر تصريح لسعادة السفير حاج ماجد سوار ورغم هذه الهجرة الكثيفة الآخذة في الازدياد ومايتبعها من تداعيات سالبة وموجبة في بلاد المهجر الا انني الاحظ بعين مشفقة انها هجرة لم يصحبها اي تحرك من قبل الدولة ووزاراتها المعنية بها واعني بذلك جهاز السودانيين العاملين بالخارج وغيره من الوزارات والادارات ذات العلاقة وبالطبع اسوق العذر لجهاز المغتربين لقلة حيلته وارتباطه بسياسة الدولة ورؤيتها للمهاجر السوداني بأنه (مجرد بقرة حلوب) لضخ الايرادات وفرض الاتاوات والجبايات ولاينبغي ان يتعدى النظر اليه هذا الاطار المرسوم له بدقة وعناية
وليس خافي بالطبع كذلك على احد مايشكله السودانيون العاملون بالمهجر وانهم قطاع كبير منتج في المجتمع السوداني وماقدموه من مهر وتضحيات جسيمة ومن دعم لاسرهم وللوطن في ادق واحرج الظروف التي مر بها
وليس خافيا على الجميع ايضا ماافرزته الهجرة المتتالية المتزايدة للمهاجرين السودانيين واسرهم من مشاكل اجتماعية وبطالة بين افرادها وانه لابد من وجود كيانات قوية تقوم على اساس الوطن والمواطنة فقط تهتم وترعى شئونهم ومصالح الوطن والعمل على مساواتهم باخوانهم بالداخل مع اهمية تعميق روابط الانتماء وتوثيق عرى التواصل والتكافل والتعاضد الاجتماعي وعكس نموذج مشرف للسودان واهله في البلد المضيف بما يبرز القيمة الفعلية للمتلازمة السودانية الاصيلة
وفي هذا الاطا اؤكد واكرر ماسبق ان نادينا به مرارا وتكرارا بضرورة انشاء ملحقيات عمالية متخصصة بسفاراتنا بالخارج تهتم بأمر العاملين بالخارج وترعى شئونهم وتهتم بحل مشاكلهم وتسويتها بلا ضرر ولا ضرار وتعمل جنبا الى جنب مع السلطات والادارات المعنية في البلد المضيف ويكون لها ممثل في كل مدينة معين من قبلها بصفة رسمية للتواصل مع تلك الجهات وان تكون هذه الملحقيات مسئولة عن تنظيم عقود عمل السودانيين العاملين بالخارج مع اصحاب العمل وحسم الاشكالات التي تطرأ اثناء وبعد انتهاء عقد العمل ومتابعة قضايا السودانيين بالمحاكم المختصة ولجان وهيئات حسم المنازعات العمالية ومعالجة قضايا البطالة وتدني الاجور وبلاغات الهروب الكيدية والاشراف على السودانيين المحتجزين بدور التوقيف ولدى ادارة الوافدين بسبب مخالفة لنظامي العمل والاقامة وحسمها بما يحفظ كرامة المواطن السوداني ، وغيرها من قضايا ومخالفات متعلقة بالعمل ومااكثرها خاصة في دول الخليج
مع اهمية أن يوكل أمر هذه الملحقيات للخبراء والمختصين في شئون العمل والاجور وابحاث ودراسات الهجرة مع ضرورة الاستعانة بروابط المستشارين القانونيين المنتشرة في كل مدن المهجر فيما يستشكل على هذه الملحقيات من امور قانونية او شرعية او نظامية بالتزامن مع اهمية الحصر الفعلي لكل العاملين السودانيين بالدولة المضيفة وبلد الاغتراب ورعايتهم وتنظيم شئونهم عماليا وتوعيتهم وتثقيفهم بانظمة وقوانين العمل وكيفية الحفاظ على حقوقهم مع اهمية ان يتم عمل تنظيم هيكلي وتنظيمي كامل ودقيق لهذه الملحقية الهامة جدا في تقديري من حيث السلطات والاختصاصات والواجباب الحقوق
ان فعلنا ذلك نكون قد اسدينا خدمة جليلة لاخواننا السودانيون العاملون بالخارج واتمنى ان نشهد اليوم الذي يعلن فيه عن بداية تطبيق ذلك

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. يا استاذ طارق لك التحية والاجلال ، ثم بعد
    فكرة إنشاء ملحقيات صائبة ومجدية وعمل حضاري تقوم به الدول قاطبة.
    أقول لك يا استاذ ، طلبت مستحيلا ، وفيما يبدو أنك خارج السودان ولفترة ليست بالقصيرة.
    السودان بفعل حكومته القابعة وصل دركا اسفلا لا يمكن قياسه . وحصل عليه من التدهور ، ما يعجز وصفه . والغريب أن بجانب تدهور البيئة والصحة وسوء التغذية وانهيار التعليم وسوء المواصلات وغلاء المعيشة وانعدام الامن وتفشي السطو على أموال الدولة ، بجانب كل ذلك ، بدأ التدهور الاجتماعي من فسوق وعصيان أصبح جهارا عيانا وأشياء يصعب وصفها .
    ناهيك عن إنشاء ملحقيات ، يخبرني صديق بأن السفارات السودانية بدول الخليج ، معلم بارز ومثال حي للفساد وسوء التنظيم بالإضافة إلى إنعدام النظافة وشيء مقذذ.
    فأنت بذلك تشير كما أشارت به الملكة في غابر العهود ، لشعبها بأن يأكلوا ( كيك ) ، عندما تجمهر شعبها وخرج إليها مطالبا بالخبز.
    متعك الله بالصحة والعافية

  2. فكرتك صائبة يا أخ طارق لك التحية والتجلة ولكن بالنسبة للسودان الذى سطى عليه المؤتمر الوطنى بقيادة الترابى للسجن والبشير للقصر وهى الكذبة كرة الجليد التى أودت بالسودان الذى تتحدث عنه فى ستين داهية ….. انظر الى حال السودان داخليا وخارجيا تجده هيكلا عظميا نخر فيه السوس ولا داعى لتفسير ذلك فالاناء بما فيه ينضح
    كلنا لدينا تلكموا الافكار ولكن نحتفظ بها فى الوقت الحاضر لانها سوف تصطدم بمناخس والمناخس لمن لا يعرفها هى الاداة المدببه الملتحمة بموضع القدم لنخس الحصان وارسال رسالة واضحه له للقفز بمن يمتطيه ….. اكرر بان فكرتك صائبة نابعة من انسان حقيقى يحمل هم الآخرين من ابناء وطنه ولكن اؤكد لك بأن لا فائدة فى هؤلاء القوم فقد جربناهم وعرفنا كذبهم ككرة الجليد التى اصبحت جبلا

  3. الاخ طارق اشكرك على مقالك واهتمامك بالشأن.. ولكن لا اتفق معك جملة وتفصيلاً انشاء ملحقيات عمليات بالخارج لعدة اسباب بل ستكون وبالا على المغترب وتزيده رهقاً على رهق كما تعتبر زيادة لنفقات الدولة وزيادة في التمكين ولن يستفيد المواطن المغترب من ذلك شيئاً والافضل ان تخصص التكلفة التي ستنقها الحكومة للملحقيات العمالية ما يفيد المواطن المسكين المطحون بالداخل او تخصيص للمغتربين العجزة والمرضى او الارامل والايتام الذين سيتخدمهم الملحقية ولن تخدمهم حتى ان وجدت..

    لقد جربنا التعامل مع جهاز الخدمة المدنية بالداخل والخارج ونحن في حاجة اولاً لإصلاح جهاز الخدمة قبل ان نقوم بإيفاد احد من الناس لخدمة مجموعة بالخارج مع العلم ان جهاز الخدمة نفسه يعاني من سوء خدمة الموجدين بالداخل ناهيك عن خدمته بالخارج.

    وقبل ان نفكر في تعيين ملحقيات بالخارج – نقول ما هو الخارج المقصود وما هي الدول المقصودة ؟؟؟ ان الدول المقصودة بالملحقيات العمالية لا تتعدى ثلاثة الى خمس دول فقط وعلى رأسها المملكة العربية السعودية بأعتبارها اكبر مخدم ومستقبل للمواطنين السعوديين وبقية دول الخليج .

    والسياسيات العمالية في هذه الدول وضعت للتعامل مع عدد كبير جداً من الجنسيات العاملة بها بأعداد كبيراً وتحت المراقبة الدولية من كافة الدول (قطر كمثال) ولا تحتاج تلك الدول الى ملاحق عمال وحتى الدول التي قامت بتعيين ملاحق عماليين تم ذلك منذ امد بعيد منذ بداية الطفرة الاقتصادية في دول الخليج وقت لم تكن الدول المشغلة للعمالة الخارجية تهتم بعض الشي بحقوق العمال وان غالبية هذه الدول غير الناطقة بالعربية قلصت ملحقياتها العمالية بالدول الاخرى بإعتبار ان سبل الحماية القانونية متوفرة بتلك الدول ولا تحتاج الى تدخل الملحق العمالي كما ان دوره قد تلاشي بصورة كبيرة وفي إمكانها ترتيب الوضع المطلوب قبل قدوم العامل الى اي دولة اخرى للعمل فيها.
    اذن ان فكرة ملاحق عماليين فكرة قديمة لا ادري لماذا نصر عليها ويدور حولها النقاش في كل مؤتمرات المغتربين كأنها ضريبة لازمة ولا اعتقد وجود اي فائدة من ملاحق عمالية بسفارتنا بالخارج وان كان لا بد من ذلك فلماذا لا يكلف احد الموجودين اصلاً بالسفارة مثل الملحق الإعلامي (لا شغل لا مشغلة) لماذا لا يكلف الملحق الإعلامي للقيام بهذا الدور ان كانت هنالك حاجة لذلك .. ثم ماهي اهمية السفارة اصلاً ان لم تهتم ببعض قضايا العمال (إن وجدت على قلتها).

    لا أريد ان اطيل اخي طارق كما لا اؤيد فكرة ملحق عمالي من الاساس لعدم الفائدة منها جملة وتفصيلاً كما اننا غالبية الدول المشغلة للعمالة السودانية دول عربية ولا يوجد حاجز للغة كما في بقية الدول غير الناطقة بالعربية مع العلم مثلا ان الملحق العمالي في السفارة الفلبينية في الرياض هو القنصل نفسه (القنصل والملحق العمالي) وهي من الدول الكبيرة المشغلة للعمالة العادية والحرفيين والمهنيين والعمالة غير الماهرة والعمالة المهارة بأعداد كبيرة بالاضافة الى العمالة المنزلية التي تحتاج الى الرعاية والعناية.
    هل نحن في حاجة الى ملاحق عمال ؟ ام هو ترف فكري فقط

    ملاحظة:
    لذلك ارى يا اخونا طارق انت واخونا عبدالله علقم تشيلوا الفكرة دي من راسكم تماماً حتى لا تنطبق علينا قول الاية الكريمة (وانه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا).

    ما تزيدونا هم وغم نحن الملحق الإقتصادي والاعلامي عرفنا منهم شنو لغاية ما عايزين تجيبوا لينا ملحق عمالي كمان.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..