جدل الصويا.. خسائر مصانع اللحوم تجاوزت مليوني دولار

تحقيق: أماني خميس

بدأت معاناة مصانع اللحوم عندما حجزت الهيئة السودانية للمواصفات والمقايس (3) رسائل من مستخلص بروتين الصويا مستوردة حسب الضوابط “مرفقة بشهادات عدم التحور الوراثي + الشهادات الصحية بتاريخ 25 يونيو 2013” دون سابق إنذار بدعوى التحور الوراثي للمنتج، علما أنه تم استيراد عدد كبير من الرسائل من نفس المصدر خلال العام نفسه وبالضوابط ذاتها، وأعقب ذلك حجز (4) رسائل تخص (4) مصانع أخرى خلال شهر يوليو 2013 (شهر رمضان وهو موسم استهلاكي يمثل أعلى فترة لأنتاج اللحوم ) رغم أن هذه الشحنات تم استيرادها مطابقة للضوابط المتعارف عليها وأصبحت (6) من مصانع اللحوم تعاني من مشكلة حقيقية وأن كافة رسالات الصويا المستوردة لها قرابة الستة أشهر بالمحطة الجمركية ببورتسودان والمستودعات بالخرطوم في انتظار السماح لها بالعبور.

شعبة اللحوم: الخسائر بالمليارات

حدد د. عماد أبو رجيلة رئيس شعبة إنتاج اللحوم السودانية خسائر المصانع بنحو (3) مليارات جنيه، وقال لـ(اليوم التالي) خاطبت الشعبة الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس – عبر اتحاد الغرف الصناعية – للاستفسار عن أسباب الحجز ومطالبة بإعادة التحاليل لمعرفة التفاصيل خصوصا وأن الهيئة لا توضح نتائج أي تحليل استندت عليه، وإنما تخاطبنا بتقرير بأن العينة غير مطابقة فقط (دون إشارة إلى المرجعية بعدم المطابقة) وزاد: لم نحصل على رد بل ووجهنا بإهمال كامل من الإدارة ومن ثم توجهنا إلى وزارة الاستثمار والصناعة لإيجاد حل والمطالبة بإعادة التحاليل ووافقت المواصفات بناء على طلب رئيس المجلس القومي للاسنثمار على لقاء اللجنة الفنية مع أعضاء الشعبة لمناقشة طلب إعادة التحليل في سبتمبر 2013 بمعامل المواصفات أو معامل خارجية ووافقت الهيئة على إعادة التحليل بواسطة مساحين دوليين معتمدين لديها على أن يتم أخذ العينات بواسطة المواصفات وتم ذلك بعد تماطل أكثر من أسبوع من الاجتماع باللجنة.. وقال: أسفرت نتائج المساحين عن عدم تحور بروتين الصويا حسب المرجعية الأوروبية وفاجأتنا المواصفات بعدم قبول نتائج المساحين الدوليين بحجة عدم الاعتراف بالمعيار الأوروبي مما دعانا لمطالبة المواصفات بإبراز المرجعية أو المواصفة التي تعتمدها حتى نتمكن من مخاطبة الشركات بدول المنشأ التي أتت منها الرسائل ولم توضح الهيئة أن معاملها بالموانئ وبالخرطوم غير قادرة على إجراء تلك التحاليل أو أنها تملك معيارا مرجعيا لتفسر به تحاليل معمل المساحين الدوليين.. وزاد أبو رجيلة: قمنا بالاتصال بمجلس السلامة الأحيائية بعد أن علمنا أن هذا المجلس هو الجهة ذات الاختصاص للبت في قضايا التحور الوراثي وهو قد أنشئ بقرار جمهوري منذ العام 2011 لتطبيق مخرجات بروتوكول قرطاجنة بخصوص الأغذية والأعلاف المهندسة جنيا في أكتوبر 3013، ومضى أبو رجيلة مواصلا: لم تقم المواصفات وعن قصد بنقل ملف هذه القضية للمجلس رغم عن عدم تخصص لجانها..

وتداول مجلس السلامة القضية دون نتيجة بسبب عدم وجود معيار ومواصفة مرجعية سودانية مع عدم قبول بعض الأعضاء الممثلين للمواصفات بتبني المرجعية الأوروبية توجهت الشعبة بمساعدة اتحاد الغرف الصناعية لمجلس الوزراء القطاع الاقتصادي بتاريخ 17 نوفمبر 2013 حيث وجه القطاع الاقتصادي برئاسة وزير المالية والمواصفات بجانب وجود (8) من الوزراء والنواب لتفويض وزير البيئة د. حسن هلال ورئيس مجلس السلامة الأحيائية باتخاذ قرار بفك الحجز عن بروتين الصويا لوضوح دلائل عدم التحور بتحاليل المعامل الدولية والمستندات المرفقة من دول المنشأ، وأصدر وزير البيئة قرار بفك الحجز بتاريخ 18/11/2013 وأعطى المواصفات والمجلس مهلة (6) شهور لوضع مواصفة ومعيار مرجعي سوداني أو تبني مواصفة مرجعية عالمية أسوة بالدول الأخرى مع دعم المعامل الوطنية المختصة.. تم رفض هذا القرار ولم ينفذ من قبل هيئة المواصفات والجمارك لأسباب لا نعلمها حتى الآن ولم يتم تبني أو إصدار أي مواصفة أو معيار حتى الآن وذكر توجههم إلى نائب رئيس الجمهورية بواسطة رئيس اتحاد اصحاب العمل السوداني ووزير الاستثمار ووزير الصناعة وبحضور مدير عام الهيئة وتم عرض المشكلة على مجلس النائب ومناقشتها من كل الحضور وتم الاتفاق على قرار بالافراج بتاريخ 29123013 مع وضع مواصفة تتبنى المعايير العالمية وتهيئة المعامل.. وأكد أن الهيئة لم تنفذ قرار النائب حتى الآن ولم تتبن المواصفة العالمية، وقال أبو رجيلة إن كافة دول العالم تنتهج أحد معيارين أحدهما الأمريكي ويسمح بحد أقصى ولا يزيد عن الخمسة في المئة ويعتبر ما زاد عن هذا الحد محورا وما نقص عن تلك النسبة غير محور، والمعيار الثاني هو الأوروبي وهو المعيار المتشدد والمانع للتحور وراثيا حيث يحدد نسبة 0.9% كحد أقصى لوجود مادة وراثية محورة يعزي لتلوث العينة أو الخطأ المخبري حيث لا يمكن واقعيا إجراء اختبار يخلو من المخاطر بنسبة 0.0% ولكن الجهات المختصة بالسودان (هيئة المواصفات والمقاييس) لم تتبن أي مرجعية أو معيار حتى يومنا هذا مما يدعونا للتساؤل عن كيفية اتخاذ القرارات وعدم ادراكها للأبعاد الاقتصادية الكارثية على قطاع صناعي واعد يستعد لدخول منافسة قوية بالأسواق العالمية في المستقبل القريب كما نتساءل فقر المعلومة لدى هذه الجهات بأن منتجات الصويا تدخل في الصناعات الغذائية التحويلية (الألبان واللحوم والمعجنات والزيوت والأعلاف) في كل دول العالم تقريبا مما جعله من المحاصيل الاستراتجية بالإضافة إلى أنه لا بديل لبروتين الصويا في تصنيع اللحوم، وانتقد أبو رجيلة تلك الجهات التي تفتقر إلى التخصص الدقيق في مجال التقنية الحيوية والتحور الوراثي وقال: إنها لا تستند في رفضها دخول الصويا على أي مرجعية علمية، وأضاف انها وجدت صعوبة في تفسير تحاليل المعامل العالمية المرسلة من (المساحين الدوليين) على الرغم من وضوحها وتأكيدها خلو تلك الرسائل من التحور الوراثي.. وأكد دعم تفهم وزارة الصناعة والبيئة ومركز السلامة الحيوية المسؤول عن الفحص الذي ينتقد معيار zero.zero إلا أنها لم تستطع اتخاذ أي قرار منصف ومنقذ لصناعة اللحوم السودانية.

الوزارة تفك الحظر.. ولكن!!

من جهتها أصدرت وزارة البيئة قرارا وزاريا (31) لسنة 3013 بفك حظر مستخلص بروتين فول الصويا الخشن وأشارت إلى اجتماع القطاع الاقتصادي الذي انعقد بوزارة المالية الاتحادية والذي وجه فيه رئيس مجلس السلامة الحيوية وبعض الحاضرين من أعضاء المجلس بإيجاد حل لملابسات حظر كميات من بروتين فول الصويا الخشن وبموجبه عقد مجلس السلامة الحيوية ولجنته الفنية اجتماعا ناقش واستعرض نتائج التحليل المقدمة من المساحين الدوليين تباينت فيه الآراء حول مؤيد لفك الحظر ومعارض له بدعوى إعادة الفحص مرة أخرى وبعد النظر في الموضوع قرر المجتمعون الموافقة على فك الحجز لمدخلات إنتاج مصانع اللحوم من بروتين فول الصويا الخشن المحجوز بالموانئ والمعابر والمخازن واعتماد الشهادات المرفقة من بلد المنشأ وفبول شهادات المساحين الدوليين في التحليل المرفق بعدم وجود دليل التحوير الوراثي واستمر الحجز لمدة ستة أشهر دون تحديد مرجعية التحرير.

أما الجهاز القومي للاستثمار فطلب فحص مدخلات إنتاج مصانع اللحوم من بروتين فول الصويا الخشن المحجوز بالموانئ والمعابر والمخازن واعتماد الشهادات المرفقة من بلد المنشأ وفبول شهادات المساحين الدوليين في التحليل المرفق بعدم وجود دليل التحوير الوراثي واستمر الحجز لمدة ستة أشهر دون تحديد مرجعية التحرير.. وأيضا طلب فحصا لمشتقات فول الصويا في المختبرات المعتمدة لدى هيئة المواصفات بالسودان، وزاد: على ضوء ما ورد في الرسالة وحتى لا يتضرر قطاع مصانع اللحوم في نفس الوقت لضمان عدم دخول أي مواد غير مطابقة للمواصفات نرجو الموافقة على طلبهم لإعادة فحص عينات من تلك الكميات في ثلاثة مختبرات وطنية معتمدة للتأكد ولاتخاذ القرار بالإفراج مع تعهد بالنسبة للكميات التي ستستورد مستقبلا بإحضار الشهادات وفقا للفحص المطلوب من هيئة المواصفات والمساح الدولي المعتمد لديها.

خسائر تجاوت المليوني دولار

أكدت د. أحلام الصايغ عضو الغرفة أن مصانع اللحوم تتكبد الآن خسائر منذ شهر رمضان تجاوزت المليوني دولار وأرضيات للموانئ البحرية وغرامات للشركات الشاحنة إضافة للإخفاق في إنتاج الكميات المستهدفة في موسم رمضان فضلا عن شبه توقف لعملية الإنتاج الآن وتوقف كامل لبعض المصانع وقالت: هذه الأضرار والخسائر تتراوح بين (2) إلى ثلاث (3) مليارات لكل مصنع بسبب فشل المصانع في تصنيع الكميات المستهدفة خلال ستة أشهر إلى جانب تدهور جودة المنتجات خلال هذه الفترة.. وأجمعت المصانع على التوجه للقضاء للمطالبة بتحديد مسؤولية الأطراف المتسببة بهذه الخسائر ولمصلحة من؟ وهل هناك شبهة فساد أم هو استهداف لقطاع تعول عليه الدولة لزيادة صادراتها والمساهمة في الأمن الغذائي العربي (خاصة وقد وجدت منتجاتها قبولا في السوق العربي) وقالت: حدث كل هذا متزامنا مع حملة للتشهير وإساءة أو إشانة السمعة ومحاولة هدم قطاع تصنيع اللحوم ومنتسبيه وإفقاده مصداقيته لدى المستهلك السوداني عبر وسائل الإعلام بمعلومات غير صحيحة لا تستند لادلة أو سند علمي ويؤثر ذلك سلبا على كل محاولات الصادر التي بدأت كما يضر بسمعة منتجات ذلك القطاع خارجيا وفي هذا ضرر بالغ ويكلف الكثير جدا لجبره مستقبلا.

المواصفات تصر

طالبت المواصفات بسحب عينات من الرسالة لإعادة فحصها على نفقة الهيئة بمعمل خارجي ودعت إلى حضور عملية سحب العينات التي ستتم تحت إشراف الهيئة والأمن الاقتصادي.

اليوم التالي