رحلة الموت {2}
خلف الستار
قبيل التوجه الي الشاطئ لاحظت حركة غير إعتيادية بين المجموعات،فالبعض يبكون،الشيخ الصومالي وأتباعه يتلون القران،وجمع من الأثيوبين والإرتريين يرددون الترانيم وأيات من الإنجيل جهرا وينضم إليهم طيف من الأفارقة وبعض السودانيين بصمت،وأيضا هنالك نيجيريين يمارسون طقوس لم نرأها من قبل وبجانبهم بعض الغامبيين ونفر من السنغال،فالكل يمارس شعائره المفضله للنجاة من ملك الموت الذي يظنونه متربصاً في وسط البحر،حاملا معه الأغلال والقيود والتوابيت لذا يخافه الجميع،وتستمر المناظر والمشاهد الغريبة بأنماط مختلفة،فسألت ميمي وهي زعيمة الفتيات عن الفتيات اللائي خرجن في مأمورية الأمس هل من أخبار؟فقالت:باسمة لا تقلق عليهن أتري ذاك التجمع في الركن الجنوبي فهن يمكثنا هناك!فهل حصل لهن مكروه غير العادة؟لأن هنالك إثنتين تبكيان بحرقة!فتهز رأسها يمنة ويُسري وتعض اصبعها السبابه مجاوبة بأسف إنهن لن يعتدنا علي هذا الوضع من قبل،ماذا تقصدين وهل هنالك من إعتادن عليه؟فتقول نعم أنا وصحباتي تدربنا علي أبشع صور الإغتصاب في بلادي عندما أصابنا جنون أروبا وفكرنا في الهجرة،لأن السابقات مروا بتجارب عويصة في رحلتهن الي هناك،فهن يدفعنا ضريبة الجسد في أغلب البوابات لتسهيل العبور!وأعتقد اللاتئ لم يتدربن لايستطعنا تحمل الأوجاع فتنهمر الدموع من عينها فجأة وهي تحكي الله يرحم أنجلينا ولوامي لم يحتملنا المعاناة وفاقدات للصبر إنتحرن عندما تعرضن للإغتصاب عشره مرة فقط!!لذا دائما أقدم لهن النصح والإرشاد في محاولة التكيُف مع الواقع القذر لبلوغ المقاصد طالما أجبرتهن الظروف القاسية لخوض المُر المرير.
وفي تلك اللحظات يصرخ سودانيا اعتقد هو صديق لميمي وفي يده زجاجة يرفعها عاليا تعالي خذي نصيبك من عبير القرنفل،فتهرول إليه بشدة وتتناول بنهم وتمرر الزجاجة لبقية الشباب وتغازلهم إستمتعوا ياجنقو مسامير الأرض شكلوا أخر ليكم يوم في الحياة،فيأخذها شيخ احمد وقد كان محافظا من قبل يشمئز من المسكرات،فيتجه اليه إثنين يعتقدون أنه سوف يضرب القزازة بالحائط ولكن يفاجأؤن عندما يضعها في فمه ويستمر كُرطق كُرطق كُرطق ويمسح فمه ويمررها لهم بطريقة الخبرة والشفتنه،فيهتف الجميع واوووووو!!ويصفق أخرون ثم يبتسم ويقول أعطوني كيس السفه!هوووي شوفوا الشيخ جنا ولا شغلوا ده إنبثاق!!اي اي إنبثق،خلوهو كلنا مجانين هو في زول نصيح بخش البحر!!ويمضي الحال هكذا بين ضحك وذهول فيهتف تسفاي يامهاجر تعال يا كارزما،هووي ماتخلي الناس حقك بعيد خليكم سوا سوا،لأنو جوه بحر بعدين بحصل مشاكل!كيف يعني؟فيضع يدية في جبينه ويبكي فألامس رأسه سوري الببكيك شنو؟هيييييييي إنتا ما تعرف حصل لينا شنو في الرحلة الفات لما قمتنا كلها غرقت بس طلعنا سبعه من مية وشوية!يازوول؟ااي لامن مشينا نص البحر لقينا القُمه تقيلة وماشة تغرق طوالي قام واحد من أولادكم السودانيين شجاع كده،وقال ياجماعه بالطريقة دي نغرق كلنا وانا شايف مافي حل غير إنو كل مجموعة يتبرع منهم زول عشان نقلل الوزن والبقية يوصلوا!فالناس طوالي مسكوا رؤسينهم وقالوا ليهو إنتا مجنون!!وخلااااص بقينا علي الموت.فولدكم جنتل مان قال تاني الجنون هو إننا كلنا نغرق مع بعض لو ما فاهميني ياهو أنا متبرع!وطوالي قال لأخوهو وود عمو المعاهو خلوا باااالكم من أمي وأخواتي وسلموا عليهم ومحاسن بت خالي قولوا ليها تعفي لي لأني وعدتها بالزواج وطوالي نطأ في الموية!بعد شوية كتار عملوا زيووا ونحنا قاعدين برضو بس لامن الوضع إتصلح شوية وقصه حقت نقص الوزن ده هو بقي الحل الوحيد طوالي النيجريين قاموا بشيلوا الناس السُمان برموهم في المو ية وهم بكووركوا صحبي ابرهم ذاتو رموه تتخيل!؟اااااااه!! المهم لامن العدد نقص النص بقينا ماشين كويس وأها اخوان جنتل مان برضو رموهم جوه البحر؟ااي واحد رموا لانو سمين والتاني زعل نطي لحقهم ياااااااااء!لا حوللللللللا!!!وبعد ده كلوا تاني خاشي البحر؟نأمل شنو ماهم المهربين ما بخلوك ترجع يااء غرقتا ياااء وصلتا!!طيب الرجعكم شنو؟ما الموتور قام إتعطل ولامن حاولنا نصلحوا لقيناهو قديم وماسورة والموج بلز فينا كده لحدي اليوم التاني جابنا قريب لليبيا ومسكونا ناس غفر السواحل وقسمونا في واحدين عزلوا الحبش والبنقلاديش وخلوني مع السودانيين الخمسه الفضلو من الستين،لأنو انا قلت ليهم سوداني من كسلا وكمان بعرف بتكلم سوداني كويس لأنو إشتغلت في الصحافة وفي بحري الديم وكدا!!وهسي بقية الجماعة وين؟ودهوهم الحبس ودفعوا قروش ومرقوا طبعا السودانيين مرات ما بودهم عشان الليبيين بحترموهم اكتر من باقي الناس واولادكم شغالين معاهم بجيبوا ليهم الناس من السودان،الحبشه والصومال بالمئات!كده هسه امش لي جماعتك وفهمهم عشان بعدين ما يجدعوكم،واللاي انا بقول ليك الكلام ده لانو إنتا تشبه لي ولدكم جنتل مان وكان ما هو كان انا ذاتو موتا ولا كلنا موتنا يلا يلا مافي زمن!!
هنا كان مسار دهشتي وإندهاشي في ساعة الصفر والكل يُشكوون شكة الكبريت في العربات التلاجه ضربا بالسياط،اركب اركب يافريخ،خش مع القحبات ديل دين أمك ثم تغلق الأبواب بالقوة بعد جلد الذين في المؤخره،وتتحرك العربات بسرعة الي الشاطئ الذي نكتشف أنه الميناء الرئيسي لصبراته!فسألتُ صديقي بيلو لأنه أكثر خبره مني وهو قد جاء من قبل للميناء مغادرا ولكن تم إعادته مع سبعه أخرين لأن مهربهم السوداني لم يدفع للبوس وهرب بقروشهم للسودان بعد شرائه مجموعة من عربات البوكو حرام!!كيف يتم تهريبنا بالميناء الرئيسي علنا!؟هههههه إنتا ما جايب خبر هو الشغل ده كلو حق الحاكم المسؤول من صبراته والمدينه كلها معتمدة في إقتصادا علي التهربيب ماتتخيل كلو سنه بلقوا ملاييين من الدولارات قدر شنو!!كده هسي نركز عشان نركب في الطابق الفوق في العباره لو حصل حاجه نقدر نتصرف،إذن خلينا نرجع بإستمرار لنهاية الصف لحدما الطابقين الأول والتاني يتملوا..اركبوا ياسوااديين أركبواا. ونكمل.
