صلاح عبد الصبور (2)

٭ شهوة اصلاح العالم ودور الانسان المتميز في تحقيق هذه الشهوة هما أساس الفلسفة التي آمن بها صلاح عبد الصبور وقاد بها معركة الشعر الحديث وقرأ بها التاريخ واستنطق أحداثه وقدم الحلاج في اطار الصراع بين الكلمة والفعل في سبيل شهوة اصلاح العالم ومحاربة الاستبداد.
٭ استنطق الفترة التاريخية التي عاش فيها الحسين بن منصور الحلاج في الربع الأخير من القرن الثالث الهجري وكانت حياة مليئة بالجهاد الروحي والنضال الاجتماعي غاص فيها الحلاج في أرض الواقع وتجسد له الشر في فقر الفقراء وفي جوع الجوعى وفي الظلم والاستبداد وفقدان الحرية.
٭ وصلاح عبد الصبور رأى في مأساة الحلاج مأساة كل انسان صاحب كلمة ونبل وشرف وعندما كتب مسرحية الحلاج كتبها في فصلين اثنين سمى الفصل الأول الكلمة والثاني الموت وبين هاتين الكلمتين قال الذي أراد أن يقول على لسان الحلاج:
لقد خبت اذن لكن كلماتي ما خابت
فستأتي آذان تتأمل إذ تسمع
وقلوب تصنع من ألفاظي قدرة
وتشد بها عصب الأذرع
ومواكب تمشي نحو النور ولا ترجع
إلى من تسقى بلعاب الشمس
روح الانسان المقهور الموجع
٭ قال الحلاج لصاحبه:
يا شبلي الشر استولى على ملكوت الله
حدثني كيف أغمض العين عن الدنيا
إلا ان يظلم قلبي
٭ وبعدها خلع الحلاج جبته الصوفية ونزل إلى دنيا الناس واحتك بقضايا العامة واصطدم مع السلطة ومع الجماعة المتصوفة معاً ويقول للشبلي أيضاً:
وهل تسألني ماذا أنوي
أنوي أن أنزل للناس
وأحدثهم عن رغبة ربي
الله قوي يا أبناء الله
كونوا مثله
الله فعول يا أبناء الله
كونوا مثله
٭ مثلما ناقش الحلاج الشبلي جعله صلاح عبد الصدور في السجن يحاور أحد المسجونين المختلفين معه حول موقف الانسان من الشر يقول له السجين الثائر.. هل تصلحهم كلماتك فيرد عليه الحلاج بهدوء هل يصلحهم غضبك ويرد السجين غضبي لا ينبغي أن يصلح بل يستأصل فيسأل الحلاج من تبغي أن تتأصل فيجيب السجين الأشرار فيعود الحلاج من جديد وكيف تميز بين الأشرار وبين الأخيار من فينا الشرير ومن فينا الخير وكيف نقضي على الشر لكي يسود الخير بالغضب أم بالكلمات أم بالسيف..
بالسيف المبصر.. ويردد في حيرة عميقة:
من لي بالسيف المبصر
من لي بالسيف المبصر
٭ صمود الحلاج في السجن وثباته على كلماته وموقفه عبر عنه صلاح عبد الصبور بصورة تستوقف الناس إلى أن تنتهي الدنيا.. في حواره مع جلاده معذبه:
الحارس: لم لا تصرخ
الحلاج: هل يصرخ يا ولدي جسد ميت
الحارس: اصرخ اجعلني اسكت عن ضربك
الحلاج: ستمل وتسكت يا ولدي
الحارس: اصرخ لن اسكت حتى تصرخ
الحلاج: عفواً يا ولدي صوتي لا يسعفني
الحارس: قلت اصرخ انت تعذبني بهدوئك
الحلاج: فليغفر لي الله عذابك
٭ رحم الله صلاح عبد الصبور فقد ذهب جسداً وبقى ابداعاً وكلمة وتبقى الكلمة لتقهر الموت.
هذا مع تحياتي وشكري
الصحافة
جارتىمدت من الشرفة حبلا من نغم …نغم قاس رتيب الضرب منزوق القرار…نغم كالنار …نغم يقلع السكينة …نغم يورق فى روحى ادغالا حزينة …بيننا ياجارتى بحر عميق …بيننا بحر من العجز رهيب وعيق …وأنا لست بقرصان ولم اركب سفينة . ,,,من قصيدةلحن لصلاح عبد الصبور .صلاح عبدالصبور ونازك الملائكة وبدر شاكر السياب , هم رواد الحداثة فى الشعر العربى . صارت القصيدة عندهم تعبر عن مضمون اجتماعى واقعى وتحمل قضية . ولم تعد القصيدة بكاء على الاطلال وتعبير عن احاسيس ذاتية عن فراق الحبيب وهجره وواصاف حسية تثير الغرائز ولا تعبر عن موقف .