مقالات وآراء

“الوساطة المزعومة: مصر طرفٌ لا وسيط في الأزمة السودانية”

زهير عثمان حمد

منذ اندلاع الحرب في السودان، لم تتوقف القاهرة عن إعلان دعمها لحل سياسي شامل، رافضة الانخراط في أي مسار يُقصي أحد الأطراف، ومؤكدة على وحدة السودان ورفض التدخل الأجنبي. لكن بين السطور، وبين التصريحات والحقائق، تتكشف صورة مغايرة تمامًا، تُشير إلى أن مصر لم تعد وسيطًا نزيهًا، بل أصبحت أحد أبرز الأطراف المساهمة في تعقيد الأزمة.

القاهرة والخطاب الرسمي: لغة مزدوجة
في خطاب وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (يونيو 2025)، حرص على تأكيد ما يلي:

دعم “حل سياسي شامل لا يُقصي أحدًا”

رفض التدخلات الخارجية والمرتزقة

دعم وحدة السودان ومؤسساته

اعتبار الجيش هو الحامي للسيادة الوطنية

لكن هذه العبارات، كما تراها القوى المدنية السودانية، ليست سوى غطاء بلاغي لسياسة واقعية منحازة للجيش والإسلاميين، تعيد تدوير النظام القديم وتُجهض المسار الديمقراطي تحت شعارات الاستقرار.

من الوساطة إلى التورط: وثائق تُدين القاهرة

وثائق مسربة وتحقيقات صحفية من جهات موثوقة كشفت حجم التدخل المصري في الأزمة، ويمكن تلخيصها في عدة نقاط:

الدعم العسكري المباشر للعسكر:
وثائق من “سودان تربيون” تؤكد توجيه شحنات أسلحة عبر ميناء بورتسودان للجيش السوداني، بتنسيق مصري.

وفد من المخابرات المصرية زار بورتسودان لتنسيق عمليات ضد قوات الدعم السريع.

مناورة مائية مفضوحة:

مصر تضغط على الحكومة المؤقتة في بورتسودان للتوقيع على اتفاقية منفردة بخصوص سد النهضة، متجاوزة الاتحاد الأفريقي.

قدمت احتجاجًا للأمم المتحدة ضد أي تفاوض سوداني مستقل مع إثيوبيا، مما يعني أنها تستخدم السودان كورقة في ملف مياه النيل.

إقصاء القوى المدنية والثورية:

الادعاء المصري الواقع المثبت
“نحن على الحياد” رفضت استقبال وفد من تجمع “صمود”، وسهّلت عبور عناصر الجبهة الثورية المؤيدة للجيش
“ندعم الحل السوداني” أعدّت وثيقة سرية لفرض مشاركة الإسلاميين في الحكم (“مبادرة القاهرة”)
“نحارب الإرهاب” صنّفت “لجان المقاومة” جماعة إرهابية في خطاب داخلي رسمي

التدخل الاقتصادي والإعلامي:

حوالات مالية بقيمة 3.7 مليون دولار من البنك الأهلي المصري لحزب “الاتحاد الوطني” الموالي للعسكر.

قنوات “المحور” و”Extra News” المصرية تشن حملات إعلامية تشوه قوى الثورة، وتروّج لشرعية حكومة بورتسودان.

الممارسات القمعية داخل مصر:

اعتقال 17 ناشطًا سودانيًا في القاهرة يونيو 2025 بعد تنظيمهم وقفة ضد الحرب.

منع أي نشاط علني لقوى المقاومة السودانية في الأراضي المصرية.

هل تسعى مصر لتقسيم السودان؟

مصر، رغم شعاراتها حول وحدة السودان، تُمارس سياسات تُمهّد لتقسيم فعلي:

إنشاء قاعدة عسكرية في وادي حلفا بذريعة “حماية المنشآت المائية”.

دعم مشروع “مجلس حكماء دارفور” كبديل سياسي يمهد لفصل الإقليم.

الهدف هنا واضح: فرض هيمنة جيوسياسية على الشمال السوداني، ومنع أي نموذج ديمقراطي قد يهدد البنية السلطوية في مصر نفسها.

الرهانات المصرية: المصالح فوق المبادئ

المصلحة المصرية الكلفة السودانية
السيطرة على مياه النيل رفض أي حكم ذاتي لدارفور يُعيد النظر في الاتفاقيات المائية
القضاء على الإسلام السياسي دعم العسكر المتحالفين مع الإسلاميين في دارفور
منع النموذج الديمقراطي ضرب الحراك المدني ومنع أي تحول ديمقراطي ملهم في الإقليم

ما الذي يجب فعله؟ مسؤولية القوى المدنية السودانية
لم يعد مقبولًا التعامل مع القاهرة كوسيط نزيه. القوى المدنية الثورية مطالبة بـ:

فضح التورط المصري في المحافل الدولية.

مقاطعة أي مبادرة ترعاها مصر، باعتبارها منحازة وغير محايدة.

توحيد الصف المدني لمواجهة مثلث العسكر، الإسلاميين، والمصالح المصرية.

السودان يُذبح بسكينين
واحد في يد الدعم السريع،
والآخر في يد العسكر المدعوم من مصر…
والضحايا هم من يُصدّقون خطاب “الوساطة النزيهة”.

مصر لم تعد خارج اللعبة. هي الآن لاعب رئيسي يسعى لحماية مصالحه لا مبادئه. والسودان، إذا لم تحكمه إرادة أبنائه، فستتقاسمه شهوات جيرانه.

[email protected]

‫5 تعليقات

  1. مصر العدو الحقيقي للسودان يجب أن لا تشارك في أي مفاوضات تخص السودان تريد أن تنهب مواردنا وأن يستمر عذاب الشعب السوداني وتشرده نرفض تدخلها في شؤننا

  2. لماذا لم يقتنع-حتى الان- الشعب السوداني بان مصر سبب ازماتنا ومصائبنا،؟؟؟ الم يكتفي المصريون بسرقة مياه النيل وسرقة كل مواردنا الطبيعة؟؟ الم يكتفو بانقلاباتهم العسكرية امتدادا من عبود مرورا بالهالك نميري فالبشير وليس، انتهاء بالبرهان العميل؟؟ الم يكتفو بفض الاعتصام في القيادة وقتل الشباب؟؟ الم يكتفو بعامين من الحرب والتدمير والسرقة والاغتصاب؟؟ الم يكتفو بالصداقة الغريبة بين الاخوان المسلمين ومصر الكارهة والمجرمة للاخوان؟؟ والمؤامرات الخبيثة التي يحيكها الاسلاميون مع مصر،،
    يا شعب السودان المضلل والعميان والاطرش والمغيب،اسلاميا والاصم،، مصر هي العدوة الكبرى، والرئيسية لما يجري الان

  3. مصر إستثمرت في صناعة جيش في السودان همه الاول والاخير مصالح مصر وتبعية الحديقة الخلفية لها من أعلي سلم قيادة الدولة إلي أصغر فرد في هذا الشعب المغيب, والآن تحصد ثماره..
    ما لم يستيقظ من هم في سبات عميق من الوطنيين والصالحين فلن تقوم لهذا البلد قائمة..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..