نغني أنشودة حب في اسرائيل

منذ سنوات مضت كان من السهل ان تتهم مواطنا عربيا بالخيانة لمجرد انه لا يتعاطف مع القضية الفلسطينية .. وكانت الدول العربية بلا استثناء تعامل مواطنيها على هذا الاساس وبهذا المنطلق .. وكان على جواز السفر السوداني السابق ختم صغير عليه عبارة (جميع الدول ماعدا اسرائيل) .. وان القضية الفلسطينية هي قضية العرب الاولى .. وان اسرائيل هي العدو للشعوب العربية ما دامت تحتل الأرض العربية وتستبيح حقوق الشعب الفلسطيني .. ولم يكن يخرج من هذا الاجماع العربي الا قلة كانت ترى احيانا امكانية الحوار مع اسرائيل او التقارب معها بمفاهيم مستقبلية للسلام والتطبيع … وكانت هذه الفئة مرفوضة من العالم العربي وكان يمثلها الرئيس المصري الاسبق محمد أنور السادات
ودارت الأيام وأصبح من السهل الان ان تتهم كل من يحاول ان يناقش قضايا السلام من وجهة نظره الموضوعية السابقة انها متخلفة في نظر الاخر وان يتهم بانه خارج على الاجماع العربي لان الاجماع العربي اختلف في نظرته لاسرائيل
منذ سنوات كان الاجماع العربي ان إسرائيل دولة معتدية .. وكانت مناهج التعليم تؤكد ذلك .. ونشرات الاخبار تؤكد ذلك .. والخطب في المساجد تؤكد ذلك .. والواقع العربي يؤكد ذلك .. وعشنا سنوات عمرنا كلها على هذا الأساس .. ان قضية فلسطين هي قضية العرب الاولى
وأصبح مطلوب مننا الآن ان نعيد برمجة عقولنا ووجداننا من خلال مقرراتنا الدراسية ومن خلال نشرات اخبارنا وفي كل شي يتعلق بالقضايا العربية وفي فترة قليلة للغاية لا تتجاوز عام واحدا او عامين… وفي الحقيقة هذا التأقلم كان مفروض ان يحدث ويُسعى اليه منذ ان قبل الفلسطينيون المفاوضات مع اسرائيل وتمت مباحثات اوسلو . وهناك اصرار من العرب على ضرورة برمجة العقول العربية طبقا للواقع الجديد ويبدو لقد تم ذلك في الدول العربية .. فاذا كان العرب يحتاجون الى برمجه عقول نحن السودانيين نحتاج الى (فرمطة وتغيير للهادرات) كليا حتى نواكب التغييرات العربية
وهذه البرمجة كانت سهلة بالنسبة لبعض العقول التي استطاعت ان تعيد ترتيب اوضاعها ومصالحها بسرعة غريبة حسب اتجاه الرياح
وفي فترة وجيزة جدا اخذت لغة المصالح مكانها واستطاعت بالفعل ان تحقق نتائج مذهلة وفي من هم في الطريق من اخدوا مصالحهم في عين الاعتبار وسيجنون من هذه البرمجة الكثير من النتائج المذهلة جدا لانهم يمتلكون المال واسرائيل تمتلك العقول
ودارت الايام والزمن ان من استطاعوا اعادة برمجة عقولهم ومواقفهم يتهمون من عجزوا ان يتحركوا من محطة قطار الستينيات بانهم عاجزين عن اتخاذ نفس المواقف بأنهم يقفون ضد حركة التاريخ والزمن يا سبحان الله مغير الاحوال
وكما غنى العالم العربي يوما انشودة واحدة في حب فلسطين اصبح مطلوبا منه الان وبمنتهى السرعة ان يغني انشودة حب في اسرائيل .. البعض من العرب من (بُرمجة) عقولهم استطاعوا ان يواكبوا الاحداث ويغنوا الانشودة الجديدة اما البعض الاخر الذي يحتاج الى (فرمطة) عقول توقف صوته ..
علينا أن نغني بدلا ان نموت حزنا … ومازال هناك اصرارا على الغناء
ياسر عبد الكريم
[email protected]



