الجبهة الثورية تطرح رؤية لحلّ الأزمة بالتوازي مع تحركات للعسكر

طرح المتحدث باسم الجبهة الثورية، ورئيس «مؤتمر البجا» المعارض، أسامة سعيد، الإثنين، رؤية لحل الأزمة السياسية الراهنة، مستحدثة من مبادرتها المعنونة بـ«السودان أولاً».
ودعت الرؤية لتكوين مجلس سيادي مكون من 9 مدنيين، 3 من أطراف السلام و5 ممثلين للأقاليم في البلاد، ومجلس وزراء من الكفاءات الوطنية ومجلس تشريعي، تشارك فيه قوى الثورة، بالإضافة إلى مجلس للأمن والدفاع تحدد صلاحياته بالتوافق مع الأطراف المعنية.
وحددت الفترة الانتقالية بـ(39) شهرا تبدأ من تاريخ تأسيس مؤسسات الفترة الانتقالية، داعية جميع الأطراف للحوار والتوافق على حكومة انتقالية تقود البلاد.
وفي 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، وقعت الحكومة الانتقالية اتفاق سلام مع «الجبهة الثورية» المكونة من حركات مسلحة وتنظيمات معارضة، يتكون من خمسة مسارات تمثل أقاليم البلاد.
وعلى الرغم من إعلان عدد من مكونات الجبهة، رفض الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إلا أنها لا تزال متمسكة بمقاعدها في السلطة، في وقت تدعم مكونات أخرى داخل التنظيم الانقلاب بشكل معلن.
وبعد أشهر من الانقلاب، أطلقت الجبهة مبادرة لحل الأزمة الراهنة في البلاد في مارس/ آذار الماضي في مدينة الدمازين في إقليم النيل الأزرق، جنوب شرقي البلاد.
وقال سعيد، خلال مخاطبته مؤتمر صحافي أمس الإثنين، إن هذه الرؤية المستحدثة أتت نتيجة للتطورات السياسية الراهنة في البلاد، في مقدمتها خطاب رئيس المجلس السيادي، عبد الفتاح البرهان، والذي أعلن فيه خروج المؤسسة العسكرية من الحوار الذي تيسره الآلية الثلاثية.
كما أشار إلى تطورات أخرى، بينها المشاورات غير الرسمية التي رعتها الآلية الرباعية والتي شاركت فيها قيادة الجبهة الثورية، حيث دخلت في مشاورات مع جميع القوى السياسية في مقدمتها الحرية والتغيير والمكون العسكري وبقية المكونات الأخرى، بالإضافة إلى أن هذه الرؤية المستحدثة تتضمن رؤية رئيس الحركة الشعبية شمال، مالك عقار.
الحصان أمام العربة
ولفت كذلك إلى أن هناك مبادرات عديدة قدمت بينها قواسم مشتركة تم تضمينها في مخرجات ورشة المحامين.
وزاد: رؤيتنا تضع الحصان أمام العربة، وتدفع كل القوى السياسية للبدء في حوار بنّاء تسيره الآلية الثلاثية للانطلاق، لأن الأوضاع السياسية الراهنة في البلاد لا تحتمل هذا الاستطالة.
وأضاف: نعلن دفعنا بمبادرة على أن تقوم الآلية بطرح ورقة للقوى السياسية منبثقة من المشتركات الرئيسية الواردة في هذه المبادرات، وهذه المشتركات كثيرة.
وتابع: عكفنا على دراسة كل المبادرات والمشتركات خاصة في القضايا الرئيسية المتعلقة بهياكل ومؤسسات الفترة الانتقالية، مؤكداً أن هناك مشتركات كثيرة وكذلك حول مهام الفترة الانتقالية ومعايير اختيار رئيس الوزراء تشكل جميعها أرضية للانطلاق، لذلك نجدد دعوتنا للآلية لتيسير الحوار وطرح ورقة المشتركات.
وأشار إلى عقدهم أمس الأول اجتماعا مهما مع اللجنة السياسية للمكون العسكري. وقال: ناقشنا الرؤية نفسها وكذلك تم التأكيد من خلال هذه اللجنة أن تعمل وتساعد في هذه المبادرات والدفع ببدء الحوار.
وأكمل: تم التأكيد على أن المكون العسكري ملتزم بما أعلنه القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان ونائبه بالخروج من العملية السياسية والدعوة للحوار بين المدنيين.
وأوضح أن رؤية الجبهة الثورية تنطلق من أساس طبيعة الدولة السودانية وتعريفها، مشيرا إلى أن هذه النقطة مهمة جدا، حيث ترتكز عليها هياكل الدولة ومستقبل وتعريف الدولة ونظام الحكم الذي تختاره القوى السياسية لإدارة الفترة الانتقالية.
وطبيعة الدولة، حسب رؤية الجبهة، أن جمهورية السودان دولة مستقلة ذات سيادة برلمانية ديمقراطية تعددية فيدرالية تكون فيها الحقوق والواجبات على أساس المواطنة بلا تمييز، وأن تلتزم الدولة باحترام كرامة الإنسان والتنوع وتؤسس على العدالة وكفالة حقوق الانسان وحرياته.
وفيما يتعلق بالترتيبات الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية، أكدت الجبهة تمسكها بإدارة الفترة الانتقالية بالوثيقة الدستورية تعديل 2020، بالإضافة إلى إجراء التعديلات اللازمة في الوثيقة بما يتلاءم مع الإعلان السياسي المتوافق عليه دون المساس باتفاق السلام.
وبخصوص مدة الفترة الانتقالية، قال إن تحديد الفترة ترتبط بالمهام التي يجب تنفيذها. ورأى البيان أن هذه النقطة يجب أن تتسق مع البرامج والأهداف المنوط بها تنفيذها في الفترة الانتقالية.
وترى الجبهة الثورية أن تكون الفترة الانتقالية 39 شهرا تبدأ من تاريخ تأسيس مؤسسات الفترة الانتقالية مجلسا سياديا ووزراء وتشريعيا، على أن تكون مهام الفترة هي المهام المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية.
أولوية الاقتصاد
لكن البيان أكد أن الجبهة تعتبر أن هناك مهام ذات أولوية يجب البدء بها فورا، وهي ضرورة معالجة الأزمة الاقتصادية، ووقف التدهور عبر برنامج اقتصادي ومالي واجتماعي وإنساني، لمواجهة التحديات الراهنة، بجانب مراجعة كل الإجراءات التي تمت بعد الخامس والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر وذلك لمواكبة الوضع الذي سيتم الاتفاق عليه.
كما دعت الرؤية إلى مواصلة إعادة هيكلة تفكيك وإزالة تمكين ورفدها بالخبرات ذات الصلة لأداء عملها بصورة ناجحة وعادلة مع إعادة تشكيل لجنة الاستئنافات لمراجعة قرارات اللجنة وفقا لدرجات التقاضي المدرجة قانونا.
كما شددت على إعمال العدالة لكل من ارتكب جرماً وتسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية من أركان النظام البائد، بالإضافة إلى العمل على استكمال وهيكلة أجهزة الدولة بصورة تعكس قوميتها وعدالة توزيع الفرص دون المساس بشروط الكفاءة والعدالة، وأن يتم ذلك بإشراف المجلس التشريعي.
ودعت لتنفيذ اتفاق سلام جوبا، سالما دون تجزئة والعمل على تحسين الوضع المعيشي للمواطنين، ومحاربة خطاب الكراهية والهوية.
دعت لتكوين مجلس سيادي يضم 9 مدنيين وآخر تشريعي تشارك فيه قوى الثورة
وحول صناعة الدستور، حثت على تقديم كل الدعم المطلوب للجان التحقيق في الجرائم والانتهاكات التي جرت قبل وبعد الثورة السودانية.
وفيما يتعلق بمؤسسات الفترة الانتقالية أكدت على إعادة تشكيل الأجهزة والمؤسسات الانتقالية، على أن تشمل المجلس السيادي، ورأس الدولة ورمز سيادتها ووحدتها ومجلس الوزراء السلطة التنفيذية العليا للدولة والمجلس التشريعي سلطة التشريع والرقابة على أساس الجهاز التنفيذي.
مجلس السيادة
وأوضحت أن مجلس السيادة هو رمز السيادة الوطنية والسلطة العليا في الدولة، وتتم إعادة هيكلته على أن يتكون من 9 أعضاء، 3 من أعضاء السلام و6 من المدنيين يتم اختيارهم على أن يمثلوا أقاليم السودان المختلفة مع تمثيل المرأة بنسبة 40 ٪، على أن تكون مهام المجلس كما وردت في الوثيقة الدستورية المعدلة 2020 مع فصل الاختصاصات والصلاحيات بين مجلس السيادة والوزراء.
وفيما يتصل بمجلس الوزراء رأت أنه يمثل السلطة العليا في البلاد ويتولى مهام وصلاحيات وسلطات مجلس الوزراء المحددة في الوثيقة الدستورية ويتكون من رئيس وزراء وعدد من الوزراء ويتم التوافق على اختيار رئيس وزراء مدني من ضمن الكفاءات الوطنية عبر تشاور واسع بمشاركة قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية وأطراف العملية السياسية الأخرى ولجان المقاومة وبقية قوى الثورة الحية، على أن يقود رئيس الوزراء تشاورا مع القوى المدنية والسياسية عدا حزب المؤتمر الوطني المحلول ويتولى بموجبه وبحرية كاملة اختيار مجلس الوزراء الانتقالي من كفاءات وطنية على أن يتكون من عدد لا يقل عن 26 وزيرا ويكون من بينهم نسبة 25 ٪ لأطراف اتفاق السلام، بالإضافة الى مشاركة المرأة بنسبة 40٪.
فيما يخص التشريعي، تم التشديد على كونه جسما مستقلا ولا يجوز حله على أن يراعي في تمثيله كافة القوى المشاركة في التغيير.
أيضا شملت الرؤية مجلسا للأمن والدفاع، على أن يختص بقضايا الأمن والدفاع يتم التشاور على صلاحياته لاحقا مع الأطراف ذات الصلة، كما شددت على تكوين المفوضيات التي نصت عليها الوثيقة الدستورية في مقدمتها مفوضيات السلام والإصلاح القانوني والعدالة الانتقالية والدستور.
الإصلاح العدلي
وبالنسبة للأجهزة العدلية، أكدت على ضرورة تكوين مفوضية الإصلاح العدلي وفق قانونه المجاز 2020 لتبدأ فورا إنجاز مهامها بتطوير المنظومة الحقوقية والعدلية وضمان استقلال القضاء والنيابة العامة وتكوين مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الدستورية، وكذلك مجلس النيابة الأعلى.
وفيما يتعلق بملف السلام، قالت إنها تولي هذا الملف اهتماما بالغا باعتباره أحد أهداف الثورة، مشيرة في هذا السياق إلى عدم تنفيذ اتفاق سلام جوبا بالشكل المطلوب.
وحسب الرؤية، فإن هناك مشكلات رئيسية وآثارا مترتبة في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان وجبال النوبة وشرق السودان.
كما أكدت على ضرورة قيام وكالات الأمم المتحدة بعمل مسح تنموي لتحديد الاحتياجات الضرورية في المناطق المتأثرة بالحرب وإطلاق حملة بالخصوص لترتيب الأوضاع في المناطق المتأثرة بالحرب مع وكالات الأمم المتحدة المتخصصة وإطلاق الحملة الوطنية لإعادة النازحين واللاجئين. وقالت إن على الأمم المتحدة أن تضطلع بدورها في تحقيق الأمن والاستقرار في مناطق النزاع، ويجب ألا تتأثر هذه العملية بالأوضاع السياسية في البلاد.
كما أكدت الرؤية على ضرورة استكمال السلام وانطلاق المفاوضات مع الحركات غير الموقعة عبد الواحد والحلو.
وشددت على ضرورة تنفيذ الترتيبات الامنية وفق اتفاق السلام والمتعلقة بعملية مهمة وهي عملية إصلاح القطاع الأمني والعسكري، وتوليه الجبهة الثورية اهتماما بالغا وهو من الأولويات الرئيسية من مهام الفترة الانتقالية وعملية إصلاح القطاع الأمني والعسكري في البلاد، مؤكدة على أن هذه العملية لن تتم إلا بتنفيذ الترتيبات الأمنية وفق البروتوكولات المتفق عليها، ما يعني تنفيذ الاتفاق دون تجزئة للمسار.
وفي هذا السياق، شددت الجبهة الثورية على ما وصفته بموقفها الصارم من تنفيذ اتفاق مسار شرق السودان دون تجميد او تعليق، وقيام مؤتمر أهل الشرق الوارد في الاتفاق، الذي ترى الجبهة الثورية أنه المدخل الصريح لحل الأزمة في شرق السودان.
ترك الحكم للمدنيين
في الموازاة، أعلن رئيس اللجنة الثلاثية للمكون العسكري، محمد حمدان دقلو «حميدتي» تأكيده التزام المؤسسة العسكرية الصارم بترك أمر الحكم للمدنيين، والتفرغ التام لأداء المهام الوطنية المنصوص عليها في الدستور والقانون.
وأعلن في بيان «استعداد المكون العسكري لعقد لقاءات تشاورية مع الأطراف، حول الجهود المبذولة لانطلاق الحوار السوداني، من أجل تحقيق توافق وطني يكمل مسار الانتقال والتحول الديمقراطي وصولاً لانتخابات بنهاية الفترة الانتقالية» مؤكداً «حرص المكون العسكري على تحقيق تطلعات الشعب السوداني في الأمن والاستقرار، من خلال التعاون مع الأطراف لتذليل أي مصاعب تعيق دعم التحول والانتقال الديمقراطي».
ودعا جميع قوى الثورة والقوى الوطنية، للإسراع في التوصل إلى حلول عاجلة تؤدي لتكوين مؤسسات وهياكل الحكم الانتقالي المدني.
في السياق، التقى عضو المجلس السيادي، ياسر العطا، أمس، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة رئيس بعثة «يونيتامس» في السودان، فولكر بيرتس.
وحسب إعلام المجلس السيادي، قال فولكر إن اللقاء كان مثمراً، ويأتي «في إطار الجهود المبذولة مع كافة الأطراف السودانية والمكون العسكري، لمعالجة الأزمة السياسية الراهنة».
وأوضح أنه «تطرق للعملية السياسية الجارية في البلاد، وضرورة الوصول إلى حل سياسي في أقرب وقت ممكن، وعودة السودان لحكم مدني، وصولاً لمرحلة الانتقال الديمقراطي الذي يقود السودان لانتخابات ديمقراطية بقيادة مدنية».
القدس العربي