وقفة من أجل المسنين في يومهم العالمي

من الآخر
أسماء جمعة
في مطلع هذا الشهر إحتفل العالم بيوم استثنائي، خُصص لمراعاة حقوق فئة من أعظم الفئات الاجتماعية مكانة وأكثرها ضعفا، فئة أفنت عمرها في خدمة الفئات الأخرى والدولة، ألا وهي فئة المسنين أو كبار السن، هذا اليوم خصصته الأمم المتحدة عام 1990، بهدف رفع الوعي بالمشاكل التي تواجه المسنين ومراعاة حقوقهم وعدم الاساءة إليهم، وكذلك للاحتفال بما أنجزوه للمجتمع خلال سنوات عمرهم حين كانوا اقوياء واشداء، وما أحوجنا اليوم في السودان إلى وقفة نراجع فيها احوال المسنين.
على مستوى الدولة السودانية يواجه المسنون أوضاعاً صعبة، فهم خارج حساباتها وحقوقهم منتهكة تماما، ولدينا ما يكفي من ادلة تؤكد هذا، وليس من نموذج يمكن ان نذكره أكثر من المعاش الذي يتقاضاه المتقاعدون من المؤسسات المختلفة والذي لا يتجاوز ثلاثة ألف جنيه، أي اقل من 10 دولار، تخيلوا أن يكون معاش من قضى 40 سنة في خدمة الدولة والمجتمع هذا المبلغ الذي لا يكفي لشراء خبز حاف لمدة شهر له وحده، أما الذين لم يعملوا في الدولة، فهؤلاء واقعهم أكثر سوءا، فمن لم يجد قريب يعيله فلا مكان له غير الشارع، وما اكثرهم في الشوراع.
من الظواهر السالبة التي لا نراها الا في شوارع السودان وبعض الدول المشابهة، هي كثرة كبار السن الذين يقومون بخدمة أنفسهم وهم في حالة لا تسمح بذلك، وقد اصبح هذا من المشاهد العادية تقريبا، فلا تمر أمامك لحظة دون أن ترى مسنا يقاوم سنين عمره، مستقلا المواصلات ذاهبا الى السوق او الى المستشفى أو لاحضار معاش لا يتناسب مع ما قدمه للدولة في ايام شبابه، وكم كتبت الصحف عن مسنين كانوا يعملون في وظائف مرموقة أو في مجال مهم أصبحوا مشردين أو مقعدين في منازلهم يعانون اوضاعاً مأساوية، ورغم هذا يواجهون مصيرهم بصمت وصبر، وكم من واحد منهم قام المواطنون بنشر قصته المؤلمة في وسائل التواصل الاجتماعي من بينهم مشاهير، ثم تتحرك الدولة لتفعل شيئاً بعد فوات الأوان.
كل دول العالم تضع سياسات خاصة للفئات الأضعف، وخاصة المسنين، وتقدم لهم كل المساعدات التي تجعل حياتهم أكثر متعة، إلا السودان لا يفعل شيئا من اجلهم، ودول قليلة تشبهه، وهو أمر يتعلق بسلوك الحكومات الفاسدة الديكتاتورية التي تتعمد إهمال الضعفاء وإضعاف الأقوياء، مثل الشباب حتى لا يقاوموها، ويتسنى لها حكمهم.
المؤلم حقا هو أنه حتى المجتمع أصبح عاجزا عن رعاية المسنين بسبب الفقر والضنك وقسوة المعيشة التي جعلت كثيراً من الأبناء منشغلين أو هاربين من المسئولية، وقد انتشرت قصص الإساءة إلى المسنين بشكل مخجل، وحتى الآن الدولة ليس لديها سياسة تهتم بالمسنين، ولا تقدم لهم أي نوع من انواع التسهيلات أو المساعدات.
كان أملنا بعد ثورة ديسمبر أن تأتي حكومة انتقالية تقوم بوضع سياسة قومية تراعي ظروف المسنين تضمن لهم حقوقهم، ولكن ما أكثر اللواكن التي تجعل هذا الامر مجرد حلم مؤجل، ولذلك نقول علينا جميعا تقع مسئولية خلق مجتمع بار بالمسنين يعمل على وقف الاساءة لهم، فهذه مرحلة سيصلها الجميع، لذلك علينا أن نطالب ونصر ونقاوم من أجل بناء دولة العدالة الاجتماعية التي ترفضها العصابات السياسية التي تفرض على السودان سياسة الامر الواقع، لا حل لانقاذ المسنين ولا غيرهم مما هم فيه الا في ظل نظام سياسي جديد مختلف، نظام لا يفكر الا في العدالة الاجتماعية بالطرق الدستورية والقانونية.
الديمقراطي