باستثناء العصيان..الكل يملأ أشرعته من غيره فقط !!

بسم الله الرحمن الرحيم
المتتبع للحراك السياسي في السودان ..يلحظ بلا أي عناء ..أنه باستثناء العصيان المدني بجولتيه..في نوفمبر وديسمبر .. فإن كلاً من الحكومة والمعارضة..تعملان في منطقة رد الفعل وملاحقة الأحداث..حتى رفع الدعم من قبل الحكومة ..كان استجابة لفشل السياسات وضعف التحويلات ومقاطعة المصارف الخارجية..وبإعلان العصيان المدني في مواجهة القرارت الاقتصادية..وجدت الحكومة لأول مرة منذ زمان طويل ..نفسها في منطقة رد الفعل..فطفقت تصطنع لحشود في كسلا والجزيرة..ثم افتعلت احتفالات الاستقلال داخل البرلمان في يوم العصيان المعلن..أما المعارضة بكل أطيافها فقد لهثت لتلاحق زلزال العصيان وارتداداته..
وباستثناء مسيرة قوى الإجماع للقصر للمطالبة بتنحي البشير..لم تقم المعارضة الحزبية بأي أنشطة تجبر بها الحكومة على فعل شيء يذكر..
وقد خطط الصادق المهدي لجعل عودته مناسبة فاعلة ..لكنها للمفارقة ووجهت برد فعل من الحكومة بالاحتفال بتحرير الخرطوم في نفس الساحة التي اختارها حزب الأمة ونفس اليوم..أما الصادق فإن استقباله من أعضاء حزبه وطائفته شيء متوقع بحجم الولاء..والملاحظ للجزء الذي يلي بقية السودانيين من غير حزبه ..لم يأت بجديد ..ولا تكاد تسمع له ركزا.. ما يجعل السؤال ينهض تلقائياً ..هل إذا ما قدر للميرغني أن يقرر العودة..سيختلف الوضع رغم قربه من الحكومة ؟ الراجح أنه سيقابل بنفس الاستقبال وربما أكبر..دون أن يضيف شيئاً يحرك ساكن الفعل السياسي ..ولقاء الصادق لمبارك لن يضيف شيئاً كما هو متوقع ..أما لقاؤه بالبشير..فأكبر الاحتمالات أنه سيكون ترداداً للمواقف المعلنة من كل طرف.. حتى المؤتمر الشعبي الذي ملأ الدنيا ضجيجاً بشأن التعديلات الدستورية بشأن الحريات..فإن كل المتابعين يدركون أن معركته التي أثارها في غير معترك..وخير من رد على هذه التحركات هو الاستاذ نبيل أديب في مقاله الأخير..وإنه فقط سيشارك في الحكومة..
وقد كانت القرارات الأمريكية الأخيرة ..مناسبة لتهليل الطرف. الحكومي..فرفع العقوبات اعتبرته الحكومة انتصاراً أحرز به هدفاً مهماً في مرمى المعارضة ..حتى أن مبارك الفاضل في تماهيه مع الموقف الحكومي ..قال ان المعارضة قد فوجئت بالقرار الذي وصفه عثمان ميرغني بقون المغربية..لكن المفارقة أن الحكومة أيضاً قد وصلت إلى ذلك عبر تطبيق لمسارات خمسة طلبتها أمريكا للوصول إلى هذا القرار..ما يؤكد ما ذهبنا إليه من الركون في منطقة رد الفعل من الطرفين حكومة ومعارضة..
أما قرار ترامب بوضع السودانيين ضمن قائمة مواطني الدول التي يمنعون من دخول أمريكا..فقد أصاب الطرفين في مقتل ..فالحكومة لن تستطيع المعاملة بالمثل كما فعلت الحكومة العراقية وهي في وضع مراقبة حسن السير والسلوك..والمهاجر هي مناطق حركة المعارضة الخارجية ..فصار الطرفان أسرى للقرار..
كل ما سبق يسوق إلى الاقرار بأن السودان بحكومته ومعارضته يعيش على وقع فعل الآخرين..نتيجة لتوازن الضعف بينهما..يبقى الأمل معقوداً على تصرف المجموعات الشبابية ومقدرتها على إعادة الإمساك بزمام المبادرة وإعادة الحيوية إلى نشاطها عبر فعل مضاد ..وإلا فستظل اسطوانة الوطن ..عالقة في لزمة موسيقية مشروخة واحدة.
[email][email protected][/email]