شرق السودان.. مفاصل الاقتصاد جميعها مصابة بالشلل

الخرطوم -الأناضول
أزمة جديدة تطل برأسها على الاقتصاد السوداني، تضاف إلى رصيده المتضخم من الأزمات بعد التصعيد المستمر لمشكلة شرق البلاد، والتي تنعكس بصورة مباشرة على مجمل حركة الاقتصاد.
وتفاقمت مشكلة الشرق في 17 سبتمبر/أيلول الماضي، عقب إعلان مجلس تكوينات قبلية شرق السودان أو ما يعرف بـ «مجلس البجا»، عن إغلاق كافة الموانئ على البحر الأحمر والطريق الرئيس بين الخرطوم وبورتسودان.
ويحتج المجلس القبلي على «مسار الشرق» ضمن اتفاقية السلام الموقعة في جوبا، بين الخرطوم وحركات مسلحة متمردة، إذ يشتكي من تهميش مناطق الشرق، ويطالب بإلغاء المسار وإقامة مؤتمر قومي لقضايا الشرق، ينتج عنه إقرار مشاريع تنموية فيه. والثلاثاء، علقت الحكومة السودانية، عمل لجنة التفاوض مع المحتجين شرق البلاد، فيما أعلنت الأربعاء، تشكيل لجنة برئاسة رئيس الحكومة عبدالله حمدوك وعضوية عدد من الوزراء للاتصال بالمكون العسكري، في مجلس السيادة من أجل التوصل إلى حلول عملية حول قضية شرق البلاد.
وتنبع أهمية شرق السودان، لوجود الميناء البحري الوحيد الذي تدار عبره حركة الصادرات والواردات في مدينة بورتسودان بولاية البحر الأحمر. ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يقوم بها المجلس بإغلاق الطريق القومي، ففي 5 يوليو/تموز الماضي، أغلق المجلس الطريق القومي بين الخرطوم وبورتسودان لثلاثة أيام.
إلا أن وفداً حكومياً أرسل من الخرطوم في 17 من الشهر ذاته، للتفاوض معهم حول مطالبهم، لكن من دون الاستجابة لها، حسب تصريحات لقيادات المجلس.
وبيد أن التصعيد الأكثر خطورة كان في 25 سبتمبر/ أيلول، عند إعلان المجلس إغلاق الأنبوب النفطي الوحيد الذي ينقل الوقود إلى العاصمة الخرطوم، في سياق تصعيد احتجاجاتهم على «مسار الشرق» ضمن اتفاقية السلام.
إلا أن جهوداً حكومية أسفرت عن التوصل إلى اتفاق مع المجلس، عقب زيارة قام بها وفد حكومي لولاية الشرق بقيادة عضو المجلس السيادي الفريق شمس الدين كباشي.وفي 27 سبتمبر/ أيلول الماضي، أعلنت وزارة الطاقة والنفط السودانية عن التوصل إلى اتفاق مع المجلس القبلي بشرقي السودان، على استئناف عمليات صادرات الخام النفطي القادم من جنوب السودان وإدخال الوقود للخرطوم.
وخط نقل نفط جنوب السودان عبر السودان وصولا إلى البحر الأحمر، والذي تم تعطيله مؤقتا من جانب المجلس أيضا، يعتبر الأطول في افريقيا وبكلفة 1.8 مليار دولار.
ويرى وزير النفط الأسبق، إسحق جماع أن استمرار التصعيد لمشكلة الشرق سيؤدي إلى إيقاف كامل لحركة الاقتصاد السوداني. وتوقع جماع حدوث أزمة في المواد البترولية خلال الأيام القليلة المقبلة، تزامنا مع التصعيد المستمر من قبل مجلس الشرق.
وقال: «إيقاف ميناء بشائر المتخصص في استقبال وتصدير المواد البترولية، سيتلف خطوط أنابيب صادر الجنوب، لجهة أن عدم استمرار مرور الخام بالأنابيب يعمل على تجميد الخام.» ونوه جماع إلى أن 90 ٪ من المواد البترولية الواردة، تمر عبر خطوط الأنابيب. ويوجد خطان للأنابيب من ميناء بشائر، تعملان على نقل واردات المشتقات، الأول ينتهي في منطقة الجيلي شمال الخرطوم، والثاني في منطقة الشجرة جنوب الخرطوم.
وقلل جماع من وجود مخزون كافي للمواد البترولية بالبلاد قائلاً: «مخزون عشرة أيام لا يعد مخزونا استراتيجيا.. أي تصعيد أكبر في الفترة المقبلة وقطع كامل للخطوط يعني أن البلاد ستدخل أزمة شح وقود».
في المقابل، أعلن مسؤول في قطاع مطاحن القمح بالبلاد، وفضل عدم الكشف عن اسمه، عن اقتراب نفاذ مخزون القمح.. «نسبة لتوزيع الدقيق على المخابز تصل إلى 50 في المئة من الحصص المقررة».
وقال: «توقفت واحدة من أكبر المطاحن عن توزيع الدقيق لنفاد القمح الخاص بها».. نتوقع حدوث أزمة خبز ابتداء من بداية الأسبوع المقبل، حال لم يصل الطرفان إلى حلول مرضية». ويتجاوز استهلاك السودان من القمح مليوني طن سنويا، فيما يتراوح إنتاج البلاد بين 12 – 17 في المئة من احتياجاته.