حالات مرَضِيّة

أستميح القاري الكريم عفوا لأحكي له هذه الحكاية.
درجت مؤخرا مؤسسة علاجية شهيرة في مدينة الخبر شرق المملكة العربية السعودية على تخصيص أيام معينة كل سنة لتقديم خدماتها العلاجية المجانية للأجانب المقيمين في المنطقة الشرقية، بالتعاون مع كل جالية ، وكان للسودانيين المقيمين هناك يوما علاجيا مجانيا مثل الآخرين. وفي غياب الوجود الشرعي الفاعل للجالية السودانية التي تشظت إلى ثلاث جاليات، واحدة منها صنعها بعض مسؤولي السفارة السودانية في الرياض، تقدمت الرابطة الرياضية للسودانيين في المنطقة الشرقية لشغل هذا الفراغ،بمظلتها الرياضية الجامعة التي تتسع لكل الناس، وتطوعت وتعهدت بالإعداد لهذا اليوم العلاجي المجاني بالتعاون مع إدارة المؤسسة العلاجية الكريمة، وباشرت عملها بنشاط وهمة في حشد الرعاة والداعمين والمتطوعين والوصول للمستفيدين الذين هم في معظمهم من الواقعين خارج تغطية التأمين الطبي. وبينما كان الجميع يجرون اللمسات النهائية للحدث الذي حدد له يوم الجمعة الأول من مايو 2015م، جاء من أقصى المدينة رجل يسعى ليقول لمدير المؤسسة العلاجية إنه (مفوض) من رئاسة الجمهورية السودانية(كدا حتة واحدة) بالإشراف على وإدارة شؤون كل السودانيين المقيمين في المنطقة الشرقية، ومن هذا المنطلق، وبتلك الصفة، فهو يأمر الرابطة الرياضية بالتالي بالحصول على خطاب ممهور بتوقيعه الكريم وبموافقته (الكريمة ايضا) على مشاركة الرابطة الرياضية في هذا اليوم العلاجي،وموافقته أيضا على إقامة المؤسسة العلاجية لهذا اليوم العلاجي المجاني نفسه، وإلا فلا يوم علاجي البتة. وتدليلا على جديته وصدق قوله،فتح خط هاتفه الجوال مع مسؤول في السفارة السودانية في الرياض ليؤمن هذا الأخير بدوره على ما ادعاه الرجل الذي جاء من أقصى المدينة يسعى، ويكرر القول،لا فض فوه، بأن الرابطة الرياضية ومن شايعها شلة من الفوضويين المخربين.ولم يجد الدبلوماسي في نفسه حرجا كذلك من التبرع عبر الهاتف بنصح إدارة المؤسسة العلاجية بإلغاء اليوم العلاجي المجاني المخصص للسودانيين إذا لم تتحصل الرابطة الرياضية على مباركة ذلك السيد،على طريقة (أنا أو الطوفان)و(يا فيها يا نطفيها).
إدارة المؤسسة العلاجية، التي هي بطبيعة الحال في غنى عن وجع الدماغ والخوض في مستنقعات خلافات لا تعنيها، آثرت العافية والسلامة وقررت إلغاء ذلك اليوم العلاجي المجاني، لأن الرابطة السودانية لا سبيل لها للحصول على تلك الموافقة الكريمة حتى لو ابتلعت كرامتها وسعت للحصول على تلك الموافقة الكريمة.إذن تبددت في الهواء كل الجهود والترتيبات المبذولة طوال الايام السابقة،وبدا الأمر كما لو أن إلغاء هذه المناسبة الخيرية أمر واقع لا محالة، ولا عزاء للسودانيين المستهدفين بالعلاج المجاني. ولكن لأن كل مجتمع لا يخلو من العقلاء مهما بلغ ببعضهم الشطط والتعسف، فقد هيأ الله عاقلا من عباده اتصل بمسؤولين أعلى درجة وأكثر تعقلا وإدراكا في ذات السفارة السودانية ليطلعهم علي حقيقة الأمور ويقنعهم بخطأ وخطل ما حدث، وعلى الفور أرسلوا رسالة عاجلة للمؤسسة العلاجية ينقضون فيها تصرف زميلهم، ويؤكدون على أهلية الرابطة الرياضية للسودانيين في المنطقة الشرقية للتعاون مع المؤسسة العلاجية لتقديم هذه الخدمة، ويشكرون في نفس الوقت المؤسسة العلاجية على جميل صنعها وكرمها.
رغم أن الوقت المتاح قبل موعد اليوم العلاجي المجاني كان يومين فقط، ورغم كل تلك(الشوشرة)، فقد قام الحدث في اليوم المقرر له.. الجمعة أول مايو 2015م، بنجاح تام وبقدرات تنظيمية متميزة لم تشهدها المؤسسة العلاجية من قبل في مثل هذه المناسبات، وكان ملفتا للنظر منظر الشباب السودانيين من الجنسين بمظهرهم الجميل وهم يتطوعون بتقديم كافة الخدمات للمراجعين الكثيرين وتوجيههم بانضباط وسلاسة، وكان ملفتا للنظر بصفة خاصة منظر اليافعات الصغيرات السودانيات وهن يقمن بكافة عمليات الكمبيوتر من تسجيل وإدخال بيانات وطباعة بمهنية ومهارة تفوق أعمارهن بكثير. كان حدثا مشرفا رفع هامات كل السودانيين لتعانق السماء فوق مياه الخليج في ذلك اليوم المبارك. واستفاد بضع مئات من السودانيين من هذه الخدمة العلاجية المجانية،ولله الحمد، ومرت العاصفة بسلام بلا خسائر مادية أو معنوية على أحد إلا على من سعى لتعويق هذا العمل الخيري الطيب.
كانت فكرة ومحاولة منع قيام اليوم العلاجي المجاني والإنحدار بالإختلاف في الرأي إلى ذلك الدرك من الخصومة أمرا منافيا للفطرة السليمة وعاطلا من الحكمة،وكانت مشاركة ذلك (الدبلوماسي)،الذي علمنا أنه يحزم حقائبه استعداد للرحيل(مصحوبا بالسلامة والأمنيات الطيبة)، في هذا الفعل العاطل من الحكمة خيارا سيئا، لا شك في ذلك.
ترى هل تبلغ هذه الأفعال علم من يهمهم الأمر؟
والحمد لله على كل حال، وأستغفر الله لي ولهم ولكم.
(عبدالله علقم)
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..