أخبار السودان

لجان المقاومة… محاولات الاحتواء!

عبدالناصر: الانتقالية لم تستفد من القوة الهائلة للجان المقاومة في البناء والاستنهاض

الفاتح محجوب: خطأ الحرية والتغيير السماح بتسييس لجان المقاومة

صدقي كبلو: لجان المقاومة منتشرة في جميع أنحاء السودان

تقرير: الخواص عبدالفضيل

توصف لجان المقاومة بأنها قوى ثورية فرضت نفسها على المشهد السياسي السوداني خلال الحراك في ثورة ديسمبر المجيدة التي أطاحت حكم الإسلاميين، ويعد البعض لجان المقاومة مجموعات ضغط طوال الفترة الانتقالية، الا أنه وبحسب منسوبيها تم تجاهلهم عقب تكوين الحكومة الأولى للفترة الانتقالية والحكومة الثانية..

بيد أن الوقائع تشير الى أن البروز الحقيقي والقوي في المشهد انعكس بعد إجراءات البرهان الأخيرة حيث تصدرت الحراك في الشارع، وأصبحت كلمتها هي العليا ساحبة البساط ممن كان يشاطرها في الشارع من أحزاب، غير أن لجان المقاومة حتى الآن لم تظهر لها قيادة واضحة تمثلها من أجل إيصال رؤيتها ومتطلبات ما تصبو اليه.

حكومتا الثورة لم تستوعبا لجان المقاومة

وأكد دكتور عبد الناصر علي الفكي أستاذ الاجتماع السياسي بجامعة أفريقيا العالمية أن لجان المقاومة قوى اجتماعية سياسية تطورت من محاولات نضالية متراكمة منذ انقلاب الجبهة الإسلامية في 1989، ولكن النقلة الأساسية كانت من خلال تحالف قوى الإجماع الوطني في العشرية الأولى للألفية الثالثة، عبر وحدات مقاومة تكونت في المناطق الجغرافية من عضوية الأحزاب السياسية.

مجموعة شبابية أولاً

ويرى عبد الناصر أنه بعد اتساع الفعل المعارض الذي قوبل بالقتل الممنهج في هبة سبتمبر 2013م، وظهور الانتهاكات بشكل واسع وسقوط الشهداء وأعداد الجرحى والمصابين تبلور رأي عام ساعد فيه المناخ الإقليمي لثورات الربيع العربي في تونس ومصر وسوريا واليمن ودور تنسيقيات لجان المقاومة في تنظيم المقاومة السلمية وظهرت في السودان مجموعات شبابية أطلقت على نفسها أسماء (قرفنا، مرقنا، شرارة وكفاية، التغيير الآن).. وغيرها من المجموعات الشبابية التي التقى معظمها في العمل الخيري والطوعي في مجالات المختلفة فتنامى الوعي لدى الشباب من الخاص إلى العام الوطني السياسي واتسعت كلما زاد العنف والاستهداف زادت نفوذاً كمياً وكيفياً، ساعدت فيه أدوات التواصل الاجتماعي والإنترنت.

ويذهب عبد الناصر الى أنه في نهاية  العام 2018 ظهر تجمع المهنيين السودانيين حيث نظم المواكب بداية. من 25 ديسمبر 2018 وأصبح يعلن المواكب وظهر حينها إعلان ميثاق قوى الحرية والتغيير في 2 يناير 2019 باعتباره تحالف عريض يضم أحزاباً ومهنيين ومجتمع مدني ومجموعات مطلبية وناشطين ومقاومة وحركات مسلحة، ليعمل الجميع تحت شعار يسقط بس في مقابل منظم المؤتمر الوطني.. وتابع عبد الناصر الى أنه وبعد ٦ أبريل واعتصام القيادة العامة للجيش تشكلت علاقات وروابط بين لجان الأحياء والأقاليم تحت إشراف تنسيقية الميدان  الحرية والتغيير، وأضاف: قاد ذلك لحدوث التكيف والتفاعل بين لجان المقاومة وقيامهم بمهام متطلبات المختلفة من تأمين وصحة وغذاء أسهم في بناء علاقات حياة عمل بين الشباب الثوري.

لجنة الميدان تأثيرات متنوعة

ويرى عبد الناصر أن لجنة الميدان بذلت مجهوداً كبيراً في سبيل تشبيك تلك اللجان، واستدرك: لكنها أثناء الفترة الانتقالية لم تستفد من القوة الهائلة للجان المقاومة في البناء والاستنهاض الفاعل، منوهاً إلى أن ذلك أثر في العلاقة بين قحت ولجان المقاومة التي تأثرت أيضاً بعدم وحدة وتماسك الحاضنة وخاصة بعد إعلان الوثيقة الدستورية.

إهمال لجان المقاومة وغياب رؤية استراتيجية لتوظيفها والاستفادة من الطاقة الثورية في عضوية منسوبيها يذلف له عبد الناصر، وأضاف: حكومة الثورة الأولى والثانية لم تضع استراتيجية تعمل بشكل فاعل في استيعاب المقاومة في الخدمة المدنية وأجهزة الدولة بحسب المؤهلات العلمية والعملية.

رفض الوصاية الأبوية

ويرصد عبد الناصر تدهور العلاقة بين المقاومة وبعض الأحزاب نتيجة للممارسات  التي كانت بهدف الوصاية والأبوية وتقليص مساحات القرار والحرية للجان وهو الأمر الذي لا يتوافق مع الانتقال الديمقراطي، وأضاف: مع الوقت والتجارب  استطاعت لجان المقاومة ترتيب نفسها عبر تنظيم داخلي في المناطق والأحياء وكانت جريمة فض الاعتصام بالقوة وأمام المكون العسكري والمدني حالة فارقة ومؤثرة على العلاقة مع قحت، وتابع: في اعتقادي أنها قللت من الثقة والتعاون الوطني بين قحت والمقاومة وحكومتي الفترة الانتقالية فيما بعد، فضلاً عن البيروقراطية التي نفرت لجان المقاومة من أداء الحكومة وتباطؤها في إدارة ملفات عديدة في المحليات والتمثيل التشريعي وملفات العدالة وإزالة التمكين كانت بطيئة جداً. ويرى عبد الناصر أن كل ذلك واستمرار ملف الشهداء والمفقودين والجرحى  مؤشر على العلاقة بين الحاضنة والحكومة من طرف ولجان المقاومة من طرف آخر، وأضاف: تلك الملفات كانت تتطلب المواجهة من قحت ممثلة في لجنة الميدان وهو عدم تقدير من تنسيقية لجنة الميدان في تعاملها مع اللجان وكان تعيين منسقين المحليات السبع في العاصمة دون رجوع أو تشاور مع اللجان المقاومة القشة التي قصمت ظهر البعير.

بعد انقلاب 25 أكتوبر

عبد الناصر اعتبر لجان المقاومة القوى الفاعلة في الواقع الثوري خاصة بعد انقلاب ٢٥ أكتوبر، وأضاف: ويتطلب الحال إعادة بناء الثقة بين قوى الحرية والتغيير مع لجان المقاومة، أساسه تقييم أداء الجانبين وهم الشركاء في تحقيق مطالب الثورة وأهدافها وإدارة حوار حول كيفية مشاركة لجان المقاومة في مؤسسات التنفيذية والتشريعية في الفترة الانتقالية، رغم أنها تعد حركات اجتماعية نظرياً تعمل على مراقبة وحماية التحول الديمقراطي.

ويفترض عبد الناصر أنه على الأحزاب والفاعلين السياسيين المحافظة ودعم ومساندة لجان المقاومة واستقلالها من الاستقطاب بالرغم من أنها تشمل بداخلها كل التوجهات السياسية المختلفة، وأضاف: لجان المقاومة شمعة تضيء مستقبل الدولة المدنية وتحتاج للحماية والدعم والتكوين المؤسسي باعتبار أنها أحد أهم صمامات  حماية التحول الديمقراطي، بالذات في ظل تنامي مخاطر الشموليين والانقلابيين العسكريين والمدنيين.

 

تسييس لجان المقاومة

ويقول الدكتور والمحلل السياسي الفاتح محجوب عثمان إنه من أكبر أخطاء قوى الحرية والتغيير أنها خلال انشغالها بالحكم بعد توقيع الوثيقة الدستورية سمحت لجهات سياسية أخرى بالسيطرة على لجان المقاومة وتجمع المهنيين وهو ما انعكس على قيادات قوى الحرية والتغيير من طرد وضرب خلال محاولاتهم المشاركة في التظاهرات.

 مواقف متطرفة

الآن تتبنى لجان المقاومة وتجمع المهنيين مواقف متطرفة تنادي بإبعاد المكون العسكري بشكل كامل عن الحكم واإاطاحة بالقيادة العسكرية الحالية وأن تتبع القوات النظامية لرئيس مجلس الوزراء وأن يكون هو القائد العام للجيش ودمج كل القوات النظامية والحركات المسلحة في الجيش السوداني. وأن تمتد الحكومة الانتقالية الجديدة لثلاث سنوات قادمة بدون انتخابات.

وبالطبع يصعب على المكون العسكري وأيضاً على قوى الحرية والتغيير فرع ميثاق قاعة الصداقة الموافقة على هكذا مقترحات، بينما يطالب تجمع المهنيين بأن تمتد فترة الحكومة الانتقالية لأربع سنوات قادمة، إذن إذا أصرت لجان المقاومة وتجمع المهنيين على هكذا مقترحات فإن المبادرة الأممية غالباً سيكون مصيرها الفشل.

الانتشار في جميع أنحاء السودان

بالمقابل يرى صدقي كبلو القيادي بالحزب الشيوعي السوداني وعضو لجنته المركزية أن لجان المقاومة تكون لها الأغلبية في المجلس التشريعي الانتقالي بحيث يكون صوتها الأعلى في اختيار رئيس مجلس الوزراء واختيار أعضاء مجلس السيادة وفي إجازة أي دستور انتقالي أو وثيقة دستورية وفي تكوين المفوضيات الخاصة بالفترة الانتقالية هذا ما يقتضي مشاركة لجان المقاومة وبقية الأجسام الثورية في الفترة الانتقالية لأن هذه الأجسام ساهمت مساهمة كبيرة في طريق تعبيد الثورة وهي القوى الوحيدة التي يمكن أن يطلق القول عليها أنها منتشرة في السودان وتجمع كل أطيافه المختلفة بالتالي لجان المقاومة يمكن أن يكون لديها ممثلون من جميع الولايات والمحليات والوحدات الإدارية في السلطة القومية.

وأشار الى أنه بهذا الحجم لا يمكن لأحد أن يزايد على لجان المقاومة ومن المؤكد أن تختار ممثليها في المجلس التشريعي بطريقة دمقراطية وهو حق للجان المقاومة خاصة أنها بعد تكوين السلطات السابقة لم تنل عضويتها أي شيء من السلطة الانتقالية.

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..