النمل يدخل على الخط!!

هنادي الصديق
بت أكثر من متأكدة أن هذه الدولة المترامية الأطراف يحكمها أصحاب الخيال وحولوا غالبية شعبها إلى شعب صاحب متوهم ، وكل ذلك بفضل ذكاء (كتائب الردع الإليكتروني) التي صرفت عليها السلطة مالم تصرفه طيلة حكم الإنقاذ، والسبب بطبيعة الحال يعود للإمساك بخيوط اللعبة وعدم تركها تفلت من بين أصابع أولي الفساد، فأصبح (الجداد الاليكتروني) يرمي الطُعم للمواطن المسكين في شكل أخبار مثيرة وأكاذيب لا تدخل عقل رضيع، فيلتهمه الأخير بنهم غريب يدل على جوع كافر لمثل هذه الأخبار الغريبة والمفبركة ليعيش عليها زمنا علها تخرجه من الواقع المرير الذي يعيش فيه ولا يستطيع الفكاك منه ، إلى واقع افتراضي لا يمت للواقع بصلة.
فأصبح من السهل جدا لأصغر مسؤول (مستهبل) أن يختلق فرية أو (كضبة حامضة) ينوي بها المخارجة من مأزق أو (صفقة مليارية)، فما عليه إلا وأن يرمي بها في إيميل اصغر جدادة اليكترونية وينام بعدها قرير العين هانئاً، ليستيقظ من نومه وقد وجد أن مهمته قد إنتهت بعد أن عبرت (فريته) السهول والوديان ووصلت لخارج الحدود، وأصبحت الشغل الشاغل لكافة السودانيين بالداخل والخارج، بل تعدت لأن تصبح مضحكة وسخرية للدول من حولنا، وأبلغ دليل على حديثي قصة جبل كسلا الذي إختفى فجأة، والمعدنيين الصينيين الذين اختفوا معه، وما صاحب ذلك من قصص وحكاوى يشيب لها الولدان، فأنست المواطنين أزمة الجازولين والغاز ورغيف الخبز وانعدام الدواء.
ونذكر علي شكالة هذه الاخبار، قصة (الصقر)الذي دخل في جناح إحدي طائرات طيبة الذكر سودانير فعطل محركها لتهبط إضطرارياً لنكتشف بعدها براءة (الصقر) من هذه الحادثة براءة الذئب من دم بن يعقوب لأن الحقيقة كانت هي عطل أصاب الطائرة بسبب الإهمال وليس الصقر المسكين.
ونذكر أيضاً تعطل حركة المرور لأشهر عديدة بكوبري المنشية وإنقطاع معظم سكان العاصمة عن ذويهم بسبب (جقور) أكلت بأسنانها الرفيعة (الترسانات) التي تحمل الكوبري الجديد، وكيف أن الجقور شكت المسؤول الذي إتهمها لله ليفضحه الله بعدها وتظهر حقيقة تلاعب(الجقور الآدمية) في مواصفات تشييد الكوبري.
* وقبلها سمعنا (بالسحلية) التي قطعت الكهرباء من خزان مروي و(الغنماية) التي تسببت في هدم سور المدرسة النموذجية و(الضب) الذي تسبب في قطع الكهرباء عن ولاية سنار ليومين، وشقيقه الضب الآخر قليل الدم عديم الإحساس الذي تسبب في قطع الكهرباء من غرفة العمليات بالمستشفى الكبير وتسبب في وفاة ثلاثة أشخاص.
وأمس الأول تابعنا قصة (النمل والسكر) الذي تم الإدعاء عليه بأنه إلتهم أكثر من 450 جوال سكر، من مخزون الدندر، فبات الخبر متصدراً للوسائط ونسجت حوله القصص والحكاوى الساخرة، ولعله كان الأكثر إنتشاراً حتي اليوم.
* أسهل شيء في بلدنا إلصاق إلتهمه بالآخر ، خاصة إن كان الآخر حيوان أو جماد، والحقيقة هي سوء الإدارة الذي تمتاز به حكومتنا والفساد الضارب فيها حتي الأذنين ولم يتبق للحكومة إلا أن تقول حتى الحيوانات والزواحف جزء من المعارضة، لنعلن أننا في دولة الصقور والجقور.
ما يتطلبه منا الضمير الانساني عدم ترك الأمور في أيادي عابثة لم ترضع من ثدي الوطنية ولم تعرف معناها يوماً، الانتفاضة على الوضع الكارثي هذا تتطلب تضافر الجهود من كافة أبناء السودان ورفع شعار الانتفاضة عالياً، وحتماً سننجح ما دمنا نريد ذلك.
الجريدة