أخبار السودان

تباينات الجنرالات.. صراعات أم نيران صديقة

الفريق حسن يحي: اختلاف التصريحات نيران صديقة ومناورات سياسية

 

 عبدالله آدم خاطر: تباين الجنرالات نقاش مشروع ينتهي بجيش مهني

 اللواء محمد عجيب: تصريحات رئيس السيادي ونائبه لم تخرج من دائرة المناورات

الفاتح عثمان: الرجلان يحافظان تنسيق في القضايا السياسية الكبرى

 

فاطمة مبارك

لم تكن المرة الأولى التي تخرج فيها قيادة المؤسسة العسكرية وقائد الدعم السريع الهواء الساخن في لقاءات عامة لإرسال رسائل لبعضهما عبر بريد التصريحات، لكن قد تكون المرة الأكثر حدة أو حسماً لقضايا يعتقد بعض السياسيون إنها أصبحت محل خلاف بين قادة المؤسسة العسكرية وقائد الدعم السريع كان آخرها موضوع الاتفاق الإطاري، ففي الوقت الذي شدد فيه الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان على ضرورة توسعة المشاركة في الاتفاق الإطاري لتشمل قوى أخرى، وعزز الفريق شمس الدين كباشي هذا التشديد بقوله في لقاء جماهيري بكادوقلي إن القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري غير كافية لحل المشكلة السياسية، والقوات المسلحة لن تمضي في الاتفاق الإطاري، إذا لم تأتِ قوى أخرى بمقترح مقبول، ولن تحمي دستور غير متوافق عليه، خرج قائد الدعم السريع بعدهما  بقول حاسم أقسم فيه بالمضي قدماً في الإطاري وعدم التراجع بحجة أنه الضامن لوحدة البلاد من التفكك

 

خلاف أم تبادل أدوار:

التراشقات الإعلامية التي شهدتها الساحة الأيام الماضية جعلت البعض يتحدث عن وجود خلافات داخل قيادة المؤسسة العسكرية، أي بين البرهان وحميدتي وهؤلاء دعموا هذه الرؤية بتحليلات  أشار خلالها إلى اختلاف الرجلين حول بعض القضايا مثل المحاور الإقليمية والدولية، والمشاكل الحدودية في أفريقيا الوسطى وتشاد وربما المبادرة المصرية والعلاقة مع إسرائيل حيث أصدر حميدتي بيان أوضح خلاله عدم علمه بالزيارة أو مقابلته للمسؤولين الإسرائيلين.

لكن بالمقابل استبعد البعض الآخر وجود خلافات واعتبر ما يحدث لا يخرج من كونه تبادل أدور، وتعبير عن وجهات نظر حول الاتفاق الإطاري مع الالتزام به وتزامناً مع الرؤية أكدت (اليوم التالي) في خبر  تداولته المواقع على نطاق واسع أمس أنه سيلتئم اجتماع بين الحرية والتّغيير المجلس المركزي وتنظيمات من تحالف الكُتلة الديمقراطية حركة العدل والمساواة، تحرير السودان، الاتحادي الديمقراطي الأصل بقيادة جعفر الميرغني.

وأفاد مصدر بالحرية والتّغيير (باج نيوز) إنّ الاجتماع بحضور رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان حميدتي.

ويأتي الاجتماع وفقاً للمصدر بعد انتهاء مهلة 24 ساعة التي طلبتها التنظيمات الثلاثة حول موقفها النهائي من التوقيع على الإعلان السياسي.

المختصون والسياسيون من جانبهم تباينت آراؤهم حول مستقبل العلاقة بين الدعم السريع والقوات المسلحة، هناك من يرى وجود ثمة مؤشرات تدل على أن الطرفين يتعاملان مع القضايا العسكرية والسياسية بصورة منفردة وليس كممثلين لمؤسسة واحدة ولفتوا الى وجود ناطق رسمي في القوات المسلحة وآخر في الدعم السريع وإصدار قبل يومين كل طرف بيان لنفي خبر غير صحيح نشرته مواقع التواصل الاجتماعي حول وجود هيكلة في المؤسسة العسكرية واختيار حميدتي مساعد للقائد العام على المستوى السياسي نوهوا إلى زيارة البرهان وحميدتي لتشاد بطريقة أكدت عدم وجود تنسيق أو تفاهمات حول هذا الملف، رغم ذلك ذهب أغلبهم في اتجاه أن ما يحدث هو مناورات وتكتيك.

 

مناورات وتكتيك

وتطابق هذا القول مع إفادة الخبير العسكري اللواء محمد عجيب الذي أكد لـ(اليوم التالي) إن التصريحات التي أطلقها رئيس المجلس السيادي ونائبه لم تخرج حتى الآن من دائرة المناورات، ولم ترق لمستوى استراتيجي بدليل أن كليهما لا زال يؤيد الاتفاق الإطاري، وأوضح عجيب أن البرهان يريد حسب رؤيته إعادة النظر في الإطاري من أجل توسيع المشاركة، وحميدتي يريد توسيع المشاركة، لكن يبدو أن موقفه المؤيد للاتفاق حتمي ومصيري، ويمضي في حديثه: بالنسبة للبرهان تذهب بعض التحليلات إلى أنه بارع في المناورة والتكتيك واللعب على تناقضات القوى السياسية التي تمنحه مساحة لكسب الوقت لفترة انتقالية تم تصفير عدادها في الخامس من ديسمبر واعتماد أجل جديد، لذلك يظهر أحياناً داعماً للمجلس المركزي وأحياناً داعماً للكتلة الديمقراطية.

 

صراع مصالح:

فيما لفت المحلل السياسي والأكاديمي الدكتور محمد إبراهيم، إلى قدم التباين بين هذين الطرفين وأشار إلى ظهوره منذ بداية التغيير حول إدارة وتوظيف التغيير وقال لـ(اليوم التالي) في فترة حكومة حمدوك حدث هذا التباين في مرحلة دعا إلى تدخل قوى الحرية والتغيير  لتخفيف حدة الصراع، ووصف إبراهيم ما يجري بينهما بصراع المصالح، لا سيما وأن الدعم السريع أصبح لديه وجود ومصدر قوى يريد تعظيمها، كما يرى أن هناك صراع خفي يظهر حسب الأوضاع، وأحياناً يكون لحظي مشيراً إلى التوافق حول انقلاب ٢٥ أكتوبر وبعد ذلك حصل تباعد في تقدير ما حصل، وقال الصراع ليس بين المؤسسة العسكرية والدعم السريع وإنما مرتبط بشبكات إقليمية ودولية، هناك مجموعة فاعلة في الصراع، تحاول توظيف ذلك في إطار الصراع السياسي، كما أن الموضوع ليس مرتبطاً بالاتفاق الإطاري وإنما بالتحول المدني الديمقراطي، ودعا إبراهيم  للبحث عن الفاعلين في هذا الصراع ومعرفة مصالحهم. ولديه قناعة بأن المجموعات الخفية هي من تقوم بتغذية الصراع العسكري – العسكري أو المدني – المدني ولم يستبعد أن تقود حالة الهشاشة إلى انقلاب أو تدخل عسكري وحينها سيكون بمثابة قفزة في الظلام، وحذر من الطموحات السياسية والاقتصادية في المؤسسة العسكرية لأنها تؤدي لعدم ثبات المواقف والتكتيك، حتى لا تتضرر المصالح وتتعوق مسيرة التحول الديمقراطي ودعا إلى تعزيز مسألة وجود عقل استراتيجي في المؤسسة وصولاً لجيش قومي واحد.

 

المسألة طبيعية:

أما المحلل السياسي عبدالله آدم خاطر فقد نظر إلى ما يحدث من تباينات بين قادة العسكر، من زاوية مرحلة الانتقال من الشمولية إلى التعددية الديمقراطية، وأشار الى أن الشمولية كانت تحدد القدرات العسكرية ومؤسساتها ومن يقوم عليها وكانت السلطة مركزية والدكتاتورية تهيمن على المجتمع سياسياً وأمنياً واقتصادياً، ويرى خاطر أن الانتقال الديمقراطي لابد أن ينقل لواقع جديد وأضاف: القوات المسلحة مثل المهن لها أدوار وعليها واجبات في الدولة، وأوضح لـ(اليوم التالي) أن الرئيس المعزول البشير جعل وضع الدعم السريع موازياً للقوات المسلحة واعتبر ذلك من تكتيكات الحكم القابض، ومضى في القول: لكن الحكمة التاريخية للقوات المسلحة جعلت أن يناقش ذلك الموضوع في إطار ديمقراطي تفادياً لحدوث أي صدام، وأكد أن المسألة أصبحت واضحة هناك نقاشات وقرارات والتزامات سواءً من قبل الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان أو الفريق حميدتي وسيتم تشكيل جيش واحد مشترك لحماية السودان والقيام بواجباته التشريعية، واعتبر أن أي نقاش بينهما نقاش مشروع والقوى السياسية مدركة أن النقاشات ستنتهي إلى جيش مهني، ونظر المحلل السياسي آدم خاطر للمسألة في إطار طبيعي. وحث على تشجيع الحوار المفتوح بين كل الأطراف، وطالب الصحافة الى لعب دور لتساعد في أن يتم الانتقال بطريقة سلسة من خلال تنسيق القدرات لبناء الوطن.

 

غياب الرؤية:

من جانبه قال: الفريق ركن معاش حسن يحي أن الاتفاق الإطاري وقع عليه الطرفان بضغوط خارجية كما صرح بذلك قائد الدعم السريع محمد حمدان حميدتي، والتصريحات المتبادل بين العسكريين التي وصفها الإعلام المحلي حرب التصريحات بين الجنرالات تدل على  عدم وجود رؤية استراتيجية مشتركة حول الاتفاق الإطاري، لذلك كل واحد أصبح يعبر عن وجهة نظره، واعتبر الفريق المختص في الشأن العسكري التصريحات أكبر مهدد للأمن القومي وأبدى خشيته من أن تقود لمهدد عسكري يفجر الأوضاع في منطقة ذات أهمية استراتيجية، بيد أنه أكد عدم سماح المجتمع الدولي بهذه التوترات التي يمكن أن تهدد الأمن والسلم الدوليين، وتوقع حال انفجارها أن يؤدي ذلك إلى تدخل دولي تحت البند السابع، وأضاف الفريق الحرب أولها كلام وأخشى أن تتحول إلى حرب حقيقية، وعبر عن أمله في أن تكون هذه التصريحات نيران صديقة ومناورات سياسية القصد منها الخروج بتسوية سياسية شاملة.

 

لا يوجد خلاف:

وفي شأن التباين في المؤسسة العسكرية يرى الخبير الأمني الفاتح عثمان محجوب إن قوات الدعم السريع التي كانت إبان البشير محصورة في مناطق النزاع وبات معظمها في الخرطوم لحظة الإطاحة بالبشير أصبحت لاعباً رئيسياً في الصراع على السلطة وتضخم دورها في الاقتصاد وباتت لاعب مهم يصعب تجاوزه ولفت الخبير الأمني إلى تعاظم دور قوات الدعم السريع وقائدها في دول جوار السودان، بيد أنه قال لكن العلاقة القوية بين قائد الجيش وقائد الدعم السريع ساعدت على احتواء التوتر الذي يحدث عندما يتضح وجود خلاف حول بعض القضايا السياسية أو العسكرية، وحسب الفاتح أن الرجلين ما زالا يحافظان على تنسيق معقول في كل القضايا السياسية الكبرى .

واستبعد أن يكون حديث الفريق أول حميدتي عن تمسكه بالاتفاق الإطاري ورفضه لأي محاولات للتراجع بمثابة هجوم على من فهم أنهم يريدون التراجع عن دعمه بالمقابل أشار إلى أن الفريق أول عبدالفتاح البرهان تبنى موقفاً واضحاً من الاتفاق الإطاري وصفه بالممتاز، لكن يتطلب توسيع المشاركة فيه ويقصد ضرورة إدخال الكتلة الديمقراطية بقيادة السيد جعفر الميرغني وهذا الموقف يشاطره فيه الفريق أول حميدتي، لكن ليس بذات الحماس ويعتقد أنه لهذا السبب قاد وساطات عديدة للتوفيق بين الكتلة الديمقراطية والمجلس المركزي، بعد أن نفض البرهان يده عن الوساطة، وأوضح أن إدخال الكتلة الديمقراطية في الاتفاق الإطاري أو توسيعه لإدخالها أمر تبنته أيضاً الرباعية الدولية.

وتابع: عملياً لا يوجد خلاف واضح بين قائد الجيش وقائد الدعم السريع، بل يوجد تنسيق جيد بينهما وربما تبادل أدوار، لكن على المدى البعيد إن لم يتم دمج الدعم السريع في الجيش قد تتطور الأمور للأسوأ إن غاب الرجلين أو أحدهما عن كابينة القيادة.

=-=-=-

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..