سيد أحمد الحاج .. ألاثر الذي لا يموت .

كثيرون مثله من كفاءات السودان هم من خرجوا في
زمان كان فيه وطننا القارة كبيراً يتمطى مادا رجليه في براحات فراش ذهبه الأبيض كالمخمل لا أشواك في حوافه و لا أرق في متونه . وكان واسع الصدر لكل ابنائه وبناته .. ما أعطوه من أكفهم النظيفة مسحة من لطف البنوة إلا و أعطاهم دفقاً من حبه وحنانه في ابوة وأمومة ثرةٍ أرضعت الكل حليب التآلف والمحبة لبعضهم من أثداء الحنوِ والكرم .
ولم تكن الغربة جاذبة إلا لمن تضطره ظروف الدراسة أو واجب التكليف أو قصدا للسياحة و الترويح عن النفس .
وما كانت أرض الخليج إلا صحراء قاحلة تطفي من قيظ نهارها بسمات أهلها المرحابة لكل قادم جاء يمد يد العون في بناء أوطانهم التي إنعتقت لتوها من ربقة الوصاية الأجنبية .. ففتحت صدرها لذوي القربى الذين قاسموها سقيا العرق النازف من رطوبة سماواتها و أنفاس بحارها !
مع أولئلك قدِم سيد أحمد الحاج خبيرا في مجال الصحة العامة واستقر به المقام في مدينة العين التي جاءها في نهاية ستينيات القرن الماضي والعودُ منه أخضرُ وغادرها في العقد الأول من القرن الجديد وقد تركها بمجهوده مع الآخرين والعودُ منها أخضرُ.
بصمات الرجل في قسمات المدينة لم تمحها خطوات الزمان التى مشت عليها حتى بعد ذهابه بسنوات .. والكل ظل يذكره حتى نعاه الناعي بالأمس فأدمعت أوراق أشجار النيم التي غرسها بيده في كل دروب المدينة الواحة فباتت تشكل مع نخلها السامق هدباً تلهم عينها الشعراء و تغار منها الحسان و الغزلان .
وناحت دار الجالية لخبر ترجل الفارس الفاجعة .. وقد كان أحد الذين حملوها طفلة حتى كبرت على حِجر عطائه فصارت صبية تنثر جدائلها الوضاءة الخضراء ظلالا كم تغنت له ولآقرانه الذين شادوها طوبة طوبة على أرض زايد الخير .. وكان سيد رئيسا لمجلس إدارتها لعدة دورات كانت الأخيرة حينما غادرنا وظلت بسمته تشع نورا مع كشافات ملاعبها وثريات مسارحها .
عاصرت الرجل وكنت قريبا منه في العمل الإداري والإجتماعي فكان نعم الآب المربي الحادب على السودان و المتفاني في ذات الوقت في أداء واجبه تجاه الشقيقة دولة الإمارات.. نهلنا من معين معارفه ونحن الشباب في بدايات غربتنا التي بدأناها في النصف الثاني من السعينيات ما أعاننا في مستقبلها .. وتعلمنا منه أبجديات المبادي التي كان أولها أن لا يفارقنا الإحساس بأننا ضيوف مهما طال بنا المقام وإن كانت بلاد العرب اوطاننا لان ذلك الشعور هو ما يحفزنا على احترام الذات و كسب تقدير الآخرين لنا كسودانيين .
وكم كنا في حوجة للقدوة التي تأخذ بايادينا لتحقيق الأهداف المعنوية قبل المادية من تلك الهجرة التي كتبت علينا خطىً فمشيناها مقتفين أثر أستاذنا سيد وكل الرعيل الذين تركوا إسم السودان ورسمه منقوشا في عيون ونفوس البشر قبل أن يخلدوه معالما في خدود الحجر وحفيف الشجر !
رحمك الله أبا اسامة وغفر لك وجعل مآبك الجنة وأحسن اليك بقدرما كنت عفيف النفس .. مخلصا في فعلك و صادقا في قولك .. وطوبى لكل الذين سبقوك الى دار الخلود من رفاق الغربة الناصعة التاريخ والنافعة العمل بعد ان رسموا صورة زاهية لإنساننا لا في ذاكرة الزمان فحسب .. بل وفي كل مكان .. وانا لله وانا اليه راجعون .
رحم الله الوالد سيد وشكر لك يا الأخ برقاوى انت فعلا رجل ذو إحساس صادق ومشاعر دفاعه وإنشاء ما يجى يوم شكرا ولكنًًًًً ،،،،
الآخ الكريم برقاوي
شكرا جزيلا على هذا المقال الرائع
ولكني أهمس في أذنك الشاعرية بكل عفوية أن لا تستعمل هذا الخطأ الشائع ” وكم كنا في حوجة للقدوة ” والصحيح هو كم كنا في حاجة للقدوة . وهي قلب الواو الفا ولك العتبى حتى ترضى.
احسنت اخونا برقاوى وجزاك الله خيرا فقد كان الفقيد فعلا سيدا فى اخلاقه وعمله وعشرتهمع الكل له الرحمه والمغفره ولاهله لعزاء