أخبار السودان

زواج الحرب.. قشة للتمسك بالحياة أم مراسم احتضار

 

الخرطوم: العفراء

المواطنون في أرض المعارك، هرباً من الواقع، بعد أن صنفتهم الحرب مشاريع موتى..

زيجات الحروب، كانقشاع نور من وسط العتمة، سلاح مقاومة للموت و إثبات أن هنا مازلت هناك حياة وأمل ومحاولة للبحث عن الأمان.

معركة مقاومة من المواطنين الذين يعانون ليحصلوا على لقمة خبز، رغم الموت والدمار وسلب كل أشكال الحياة والإنسانية منهم.

وأيضا هو فعل تعايش وترويض لمآسي الحرب وضغوطها، الكثير من التكهنات والتساؤلات التي تجول بخاطر كل شخص يطرق سمعه خبر زواح أحد وهو مازال في منطقة عسكرية، في وسط أيام تضج بالاشتباك، شغلتنا الحيرة وطرحنا هذا التساؤل على الشاب أبو عاقلة محمد المتوج بإحدى هذه الزيجات فضاحكاً يجيبنا: ( حب في زمن الحرب ده ، هههه والله حاجة ما كانت في البال إنها تحصل في ظروف بالشكل ده لكن نقول قسمة مقدرة، أنا خاطب سنتين قبل الحرب وبجهز في حالي، الحرب وقفت كل حاجة، وسط الإحباط ده قررت بس أتم الموضوع ده وننتظر الحياة تودينا وين) وفي ما إذا القرار وجد إستحسان أم إستهجان وسط الأهل والأصدقاء قال: ( والله حكاوي وبلاوي كتيرة، مضحكة ومبكية، العروس كانت متخوفة، وأهلها قالوا ده عايز يخلص من الترتيبات وتكاليف العرس وكلام كتير، والأصحاب قالوا ده مجنون والأتهمني بالتعاون مع المرتزقة، في حين أنو ما عملنا أي شكل من أشكال الاحتفال، وأهلي مرة يدعموني ومرة يقولوا دي مسئولية ما بتقدر عليها، لكن الموضوع تم وربنا هون، نعيش سوا ولا نموت سوا ولا نطلع سوا)

هكذا هو الشباب جامح لا يرتضي التقيد، يسعى للنجاة دوماً وانقاذ ما تبقى من مستقبله، ربما هو شعور نفسي يثبت الناس به فعل المقاومة ورسالة أن الشعب سيظل صامداً متمسكا بحقه في الحياة.

لكن زواج وسام كان في زاوية أخرى معتمة قليلاً، لم يتخلله الكثير من الفرح، فقد تزوجت من شخص عُقد قرانها عليه قبل الحرب، وهذا ما دفعها لإكمال مراسم زواجها خارج منطقة الحرب التي تقيم فيها أسرتها، بعد أن أصر العريس وأهله على ذلك أو فسخ عقد الزواج، فتقول أمها: ( فرحتنا ناقصة وما عملنا ليها كل حاجة مخططين ليها ولا فرحنا مع الأهل والأصحاب، لكن على الأقل بقت في مكان آمن ربنا يحفظها ويسعدها، ويجمعنا ونعيد ليها اللمة والفرحة) هنا نجد الزواج فعل نجاة، دفع كثير من الأهل ببناتهم هكذا لخارج الوطن أو داخله، في محاولة إنقاذ وحفظ لهن.  وهذا ما صب بالكثير من النفع على الشاب يوسف الذي كان أهل الفتاة التي يريدها يرفضون زواجه بها بحجة إكمال دراستها، فأنتهز الفرصة بعد أن قطعت الحرب كل الحجج التي كانت تحول بينهم.

لم نستشفي من كل هذه الإجابات مما دفعنا لمحاولة التبرير النفسي ودراسة الحالة من أهل العلم فتقول الباحثة الاجتماعية بلقيس خالد:( أن الأمر أشبه برد فعل مضاد، هجوم بدافع النجاة، فالإنسان مجبول على حب الحياة، كلما أحس بخطر زوالها سعى خلفها بكل الطرق، الناس تحاول أن تنجوا وتصنع لنفسها واقع مغاير يهربون إليه، كما أنه سعي نحو الاستمرارية، وتلبية رغبات الإنسان الطبيعية، علما بأن كل احتياجاته في تناقص من مأكل ومشرب ومأمن ومسكن، هذا مايدفعه لرتق حياته من زاوية أخرى)

هكذا هي الحياة تضج بكثير من التناقضات نودع بالدموع الموتى، ونستقبل بالزغاريد المواليد، وسط شلال المآسي نجد لحظة نسرق فيها الفرح، نقحم ألوان الفرحة في هذه اللوحة السوداء، ونحتفي بالحياة منتظرين أجيالاً خلقوا تحت القصف وزخات الرصاص، استقبلتهم اصوات المضادات والمدافع، ومع ذلك رسموا الفرحة على وجوه شاحبة ومنهكة من تداعيات الحرب.

يجعلون من حياتهم شريط سينمائي يخلد ذكريات لغد أجمل.

‫2 تعليقات

  1. هههههههههه فرصة للإستفادة من موسم التخفيضات والعروض الخاصة وتخلص أسرة الفتاة من فوبيا الاغتصاب قبل الزواج وضياع مستقبل البنت .

    اللهم استر على بنات الجميع ونسوان الجميع.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..