مقالات سياسية

الديمقراطية هي صراط مستقيم!

صديق النعمة الطيب!

يقول الله تعالى في محكم تنزيله (وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ). والأيمان “بفتح الألف” يشير إلى العهود والمواثيق، فلا ينبغي أن نجعلها تبعاً لأهوائنا، متى شئنا وفينا بها، ومتى شئنا نقضناها، فإننا إذا فعلنا ذلك تزل أقدامنا إلى فوضى السياسة التي ستنتهي الي حكم الفرد المستبد، بعد ثبوتها على الصراط المستقيم بثورة اهتزت لها أركان المعمورة، وارتوت بدماء وعرق ودموع شباب ونساء ورجال وأطفال.

الصراط المستقيم في عالم السياسة، على الاقل في عصرنا الراهن، هو الديمقراطية إلى أن تَثبُت نجاعة غيرها من وسائل إدارة شؤون الناس، وذلك مصداقاً لقوله تعالى  (وأمرهم شورى بينهم)!

لن نفهم شمولية القرآن، أو أن نفك الإشكال القائم بين الفرق والمذاهب والطوائف، إلا إذا فمهنا الفرق بين (المفهوم) و (المصداق). فالمفهوم هو نفس المعنى بما هو، أي نفس الصورة الذهنية المنتزعة من حقائق الأشياء، فكلمة (حيوان)، هي مفهوم كلي يمكن أن ينطبق على الحمار أو الأسد أو الانسان، إذن الحيوان مفهوم كلي له مصاديق كثيرة في الواقع، وبالتالي يمكن تعريف (المصداق) على أنه هو ما ينطبق عليه المفهوم، فمن يفهم من الحيوان أنه أسد فهو صادق، ومن يقول بأنه حمار فهو صادق، ومن يقول هو إنسان هو كذلك صادق!

نعود للآية الكريمة (وامرهم شورى بينهم)، فالآية هنا أرست لنا مفهوم “الشورى” وتركت لنا مهمة البحث عن مصداق الآية في حياتنا وهو هنا “الديمقراطية” وهي المفهوم الذي عمل به غيرنا، واثبت جدواه وأصلح حالهم، فبأمر القرآن علينا إذن أن نسير في الأرض لنعرف “كيف بدأ الخلق” لمفهوم الديمقراطية.

من يقول بأن الديمقراطية كفر، فهو اما جاهل بالفرق بين المفهوم والمصداق، واما كافر بالعلم! فالديمقراطية هي مفهوم وله مصاديق كثيرة تختلف باختلاف طبيعة من يطبقها، وكذلك ينطبق القول على مفهوم العلمانية، فما يحرم منها هو المصداق أي التطبيق الذي يحارب الدين، وليس المفهوم في ذاته!

مالكم كيف تحكمون!

صديق النعمة الطيب
[email protected]

‫3 تعليقات

  1. ((…..فالديمقراطية هي مفهوم وله مصاديق كثيرة..))
    ألم تقل إن الديمقراطية هي مصداق لمفهوم الشورى؟؟

    ((وكذلك ينطبق القول على مفهوم العلمانية، فما يحرم منها هو المصداق أي التطبيق الذي يحارب الدين، وليس المفهوم في ذاته!))
    اعتقد أنك في حاجة إلى إعادة التفكير في هذا القولويبدو أن لك مفهوماً خاصاً للعلمانية، فهي تعني عندك، حسب قولك هذا، محاربة الدين!! لا أظن أن هذا المفهوم صحيحاً، فالعلمانية هي مفهوم وليس محاربة الدين مصداقاً للعلمانية بمفهومها الصحيح وهو فصل الدين عن سياسة أو تنظيم إدارة الدولة، وهما أمران لا علاقة بينهما كما ترى. فالدولة الثيوقراطية الدينية أو العقائدية المذهبية السياسة كاشيوعية مثلاً بالضرورة يكون تنظيمها للدولة وفقاً لمفهومها الطبقي الذي تريده للمجتمع – بقيادة رجال الدين في الدولة الدينية والطليعة البروليتارية في الشيوعية وكلاهما يفهمان ويستخدمان الدولة كأداة قمعية ضد أعدائهما المفترضين وهم الكفار واللادينيين بالنسبة للدينيين والبرجوزاية بالنسبة للشيوعيين. وكلاهما يحاربان عقيدة الآخر بصولجان الدولة. أما العلمانية فلا تنظر يميناً ولا شمالاً وليس لها موقف من اليمين أو اليسار غير رفضها لتدخل أيهما في تنظيم الدولة بصفته المذهبية وانما تتعامل معه كفرد مواطن له الحق وعليه الواجب المتساويين في الدولة.

  2. الديمقراطية هي (مصداق) الشورى وليست المصداق الأوحد بدليل أنني قلت على الاقل في وقتنا الراهن إلى أن تثبت نجاعة غيرها.

    والديمقراطية بطبيعة الحال تتطلب قدر وافر من العلمانية.

    العلمانية صحيح أنها تحييد لنظم إدارة الدولة من التأثيرات العقيدية والجهوية ولكن واقع التطبيق يقول بأن هنالك علمانيات كثيرة جداً في العالم.

    ليس هنالك مفهوم واحد يتفق عليه جميع البشر، فكل نظام حكم يأخذ شكل المجتمع الذي يحكمه، حتى الديمقراطية فهي (خشم بيوت) تتعدد بتعدد ثقافات الشعوب.

    بالنسبة للعلمانية فهي طيف واسع جداً، يمتد من العلمانية (الاقصائية) الى العلمانية المحايدةفي أرقى تجلياتها، وهذا الطيف تفرضه التطبيق الفعلي على الارض. فأنت لا يمكن أن تتحدث عن مفهوم بعيداً عن تطبيقاته الواقعية.

    العلمانية في أبهى صورها هي غاية تسعى لها كل شعوب الأرض بوعي أو بدون وعي، لأنها نهاية حتمية في تطور الادارة، فهنالك من اقترب منها اكثر غيره ولكن لم يبلغها احد… (تشبيه بوش للحرب ضد العراق على أنها حرب صليبية)..

    كثير من الدول التي تدعي العلمانية تمارس أقسى أنواع الاقصاء…

    لم افهم كيف راق لك ان تقول ان فهمي العلمانية هو محاربة الدين؟ اعتقد انك تعجلت الرد يا سيدي…

    ولك وافر الشكر والتقدير..

  3. تصحيح: لا أظن أن هذا المفهوم صحيحاً
    الصحيح: لا أظن أن هذا المفهومَ صحيحٌ
    آسف للخطأ النحوي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..