
من المعيب أن نفسح منابر الوعي التي تعتمد على اللغة والخطابة وقبل ذلك المحتوى، لأناس لا يعلمون أبجديات اللغة وعلومها، ومن ذلك (التطور الدلالي) للألفاظ، لقد خرج علينا شيخ (اللحظة) محمد مصطفى، من على منبر الوعي، وهو يردد كلمة ينبو عنها الذوق العام، وردت هذه الكلمة بحسب زعمه، في إحدى المرويات التي ينسبوها للرسول صلوات ربي عليه وسلامه، فأصبحت مثار تهكم من الجهلاء وتحفظ من العقلاء.
رغم ايماني التام أن معظم المرويات التي يقوم عليها تديننا الزائف اليوم، هي التي أورثتنا الجهل والهطل والخوار والدمار، وما هي إلا وضع الوضاعين، ولا حاجة لنا بها اليوم، فحسبنا القرآن وصحيح سنة الله تعالى التي مارسها رسوله الكريم والتي تلقيناها تواتراً. سنفترض ابتداء أن هذه الكلمة المستبشعة قد وردت بالفعل في المروية التي سنفترض جدلاً أنها منسوبة له صلوات ربي عليه الموصوف في كتاب الله تعالى (وإنك لعلى خلق عظيم)، وبما أن أن المروية وردت في سياق الرجم، فحتى افتراضنا لن ينجو من تهافت لقوله تعلى (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ)، الشيء الذي يجعل منها مجرد محاولة مفضوحة للنيل من النبي الكريم ومن أخلاقه العظيمة ليصدق فيهم قوله تعالى (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا).
فدلالة الكلمات لا تنفك تتغير وتتبدل لأسباب سياسية أو اجتماعية أو ثقافية، لا نريد أن نغوص كثيراً في ضرب الأمثال وذلك لضيق مساحة المقال ولكننا سندلف مباشرة ونركز على الأسباب النفسية والعاطفية، وما يتعلق تحديداً بالجنس، فالألفاظ التي تتناول الجنس في المجتمعات المحافظة تُغلَّف وتلطف بصورة تحفظ وقار المتكلم، وما ان تنتشر اللفظة حتى يتم ابدالها بأخرى غير معلومة، فتندثر الأولى وتحل محلها أُخرى أقل وضوحاً ومباشرة، لتكون أكثر لطافة، لذلك فإن المتكلم الحصيف يلوذ دوماً بالكناية(euphemism) وهي استخدام كلمة أو جملة محل أخرى، فالمجتمع يعمد إلى تغيير كل كلمة يتم ابتذالها بأخرى أكثر رقة وابهام، وليس بعيداً عن ذلك الألفاظ التي تشير إلى “التبول والتبرز” حيث نجد لها في كل تجمع أو (شُلة) تعبير مختلف (الكنيف- بيت الراحة- بيت الأدب- المرحاض- نداء الطبيعة).
فالسؤال لمصلحة من يعمل هذا الشيخ، ولمصلحة من يتسفل في القول، ولمصلحة من يأتي بغريب الألفاظ وغريب المرويات ليثبت للعامة والدهماء والجهلاء أن ثقافة الشتم واللعن والتفاف والتسفل في القول مستوحاة من الشريعة الغراء!!! أفيقوا أيها الناس.
حتى لا نخسر ديننا ودنيانا، وحتى لا يُظن أن هذا الهراء وهذا الهطل من الدين، حتى لا تنحط ثقافتنا وتتسفل ألفاظنا ويخرج أولادنا من هذا الدين ذرافات، ولكي نحافظ على الذوق العام، فلا بد لكل من في نفسه ثقافة وفي سلوكه لطافة وفي سمته وقار أن يتصدى لهذا المد (الرجعي)، وأن يقول لا لثقافة الجنس المفضوح والألفاظ المستبشعة واللعن والطعن والتفاف، لا للهبوط بمستوى الفرد المسلم، لاتلاف عقله ووجدانه.
ونعم لثقافة الأدب والتأدب مع الله تعالى ورسوله الكريم!!!
والله ما طلعت شمسٌ ولا غربت
إلا و حبّـك مقـرون بأنفاسـي
ولا خلوتُ إلى قوم أحدّثهــم
إلا وأنت حديثي بين جلاســي
ولا ذكرتك محزوناً و لا فَرِحا
إلا وأنت بقلبي بين وسواســـي
صديق النعمة الطيب
يااستاذ صديق ماوريتنا المعزة ده قال شنو بالضبط ؟ شايفو ينفخ في المكرفون زي التيس الدخل ليه حب العيش في نخرتو
رباطابى انت
فعلا ما هي الكلمة التي قالها هذا الشيخ لكي نحكم عليها ولا داسيها انت يا صديق النغمة!
فعلا شئ عجيب جدا انه التفل و السب لها اصل و مسموح بها فى الشريعة !!
ذرافات؟ أم زرافات
قال أبو تمام في الحماسة:
قومٌ إذا الشرُّ أبدى ناجِذَيه لهم
طاروا إليه زَرافاتٍ ووُحدانا
لا يسألون أخاهم حينَ يندُبُهم
في النائبات على ما قال برهانا
الاستاذ صديق من الكتاب الذين يفهمون الدين فهما راقيا ويلجون إلى لبه وروحه وكتاباته تشي عن رؤيته الكلية بعكس المتنطعين بالفرعيات والجزئيات التي إن سألتهم لا تجدهم يعلمون لها تأصيلا! وهذا التصحيح من باب بيان السهو وجل من لا يسهو… وشكراً على المقال وإن كان يمكنك الإشارة إلى الكلمة أو الحركة موضوع المقال مع ذمها ولا حياء في الدين أو حرج.