مقالات سياسية

حقاً الأزمة ليست أمنية فقط!

مديحة عبدالله

خارج السياق

قال وزير الثقافة والإعلام، فيصل محمد صالح، عضو الوفد الوزاري المكلف من رئيس الوزراء، للوقوف على الأوضاع بولاية كسلا، إن الأزمة في الولاية ليست أمنية فقط وإنما هي أزمة سياسية واجتماعية عميقة تحتاج إلى جهد كبير، وأشار إلى الفراغ الإداري والسياسي بالولاية.

حقاً أن الازمة ليست أمنية، فالنزاع حول السلطة الذى اتخذ طابعاً قبلياً واثنيا، يكشف حجم التحديات أمام تأسيس الدولة المدنية، فالفراغ أيضاً (مدنى وثقافي واقتصادي) بدليل أن الجهد الأهلي الثقافي ظهر ضعيفاً أمام ما هو قبلي واثني، وهو جهد لا يتأسس فقط على الدعوة إلى نبذ العنف (ورتق النسيج الاجتماعي) وهو نسيج لن يكتب له الرتق ما لم يتأسس على الوعى بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لكل المكونات الاجتماعية في الولاية، تلك الحقوق التى تستند على مصالح اجتماعية مشتركة يمكن تحقيقها بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

ذلك جهد يتطلب من الحكومة الانتقالية وقوى الحرية والتغيير والمجتمع الأهلي في الولاية القيام بجهد كبير وسريع لوضع الأرضية لسلام حقيقي، ومن الضروري أن يضع المؤتمر الاقتصادي لقحت ذلك في أجندته، وكذا اتفاق السلام، فما عاد من الممكن أن يتم الحديث عن التنمية بعيداً عن الواقع الاقتصادي والتركيبة السكانية وأنشطتها وارتباطها الوثيق بالمفاهيم الثقافية، وعلى رأسها الارتباط بالأرض واقتصاد الموانئ وكيفية إدارة الموارد والاستفادة منها بحيث يشعر كل المواطنين أن مشاريع التنمية تحقق مطالبهم المستندة على مخاطبة المصالح الاجتماعية لكل مكونات الإقليم وأنها وثيقة الصلة ببعضها ولا يمكن تجزئتها على اساس قبلي واثني.

إن المعالجة الجذرية للنزاعات في الشرق تأتي من رؤية جديدة لقضية السلام، بعيداً عن المحاصصة الحزبية ومنطق القوة والنفوذ القبلي والاثني، والأغلبية والأقلية، فالعمل والإنتاج هما الرابط الحقيقي بين المواطنين ولا بد أن يستند أي اتفاق سلام على هذه الحقيقة الموضوعية، مما يمهد الطريق للتغيير الثقافي واضمحلال الرابطة القبلية والاثنية لعلاقات المواطنة القائمة على الحقوق والواجبات، وتلك مسؤولية مشتركة بين الحكومة الانتقالية وقوى الحرية والتغيير والقوى المدنية في الاقليم.
______
*الميدان 3691،، الأحد 30 أغسطس 2020.*

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..