مقالات سياسية

نخب إنتهى تأريخ صلاحيتها

عثمان قسم السيد

  قبل أحداث انقلاب البرهان المشؤوم المعروف بانقلاب 25 أكتوبر كانت الثورة السودانية قد إزاحة الرئيس المخلوع البشير وكل الطبقة السياسية التي كانت تحيط به من الحكم غير أن الثمن كان باهظا على مايبدوا كخروجهم بالباب ودخولهم بالشباك..

لم يتمكن اى حزب أو حركة مسلحة متمردة على نظام البشير من القيام بإزالة حكمه والانقلاب عليه بأنفسهم وكانوا يائسين من وقوع أيّ نوع من التغيير الجوهري. غير أن التغيير الذي وقع بعد ثورة ديسمبر المجيدة كان أشبه بالزلزال الذي إقتلع كل شيء.

السودان الذي حلم السودانيين باستعادته مثلما عرفوه لم يعد له وجود . السودان الدولة التي أسسها ألاجداد وقاتلوا المستعمر بات هشيما ولم نربح سوى ذلك الفشل الزريع في ما يتعلق بالطبقة السياسية الجديدة بكل أصنافها قبل حمدوك وبعده .

ولقد توهّمنا  نتيجة لذلك لعدم خبرتنا واعتقادنا أن الديمقراطية يمكن اختزالها بذلك الفشل أو ما ظننا بأنه حرية تعبير. تلك كذبة لم تعش طويلا حتى صحا منها السودانيين والثوار فى كل المواكب التي تجوب العاصمة والولايات ليلا ونهارا رفضا للانقلاب على الديمقراطية على أصوات الطلقات التي اخترقت أجساد المحتجين.

كان القتل والاختفاء القسري والاعتقال والتهديد  بالمرصاد لكل محاولة نقد ديمقراطي أو نقد للنظام الموجود اليوم بالسودان…

الطبقة السياسية السودانية والعسكريين بكل أصنافهم القديمة والحديثة لا يؤمنون بانتقال السلطة أو تداولها سلميا. فالعسكر يعتبرون السلطة غنيمة حرب وعليهم أن يتمسكوا بها ما لم يتم إسقاطهم بالقوة اما المدنيين فيكيدون بعضهم لبعض والكراسي والمناصب همهم الأكبر ….

كان عمر البشير  يؤمن بالشرعية الثورية هى حكم العسكر والجيش والحزب الواحد التي تتيح لحزبه (المؤتمر الوطنى المنحل) الحكم إلى ما لا نهاية وها هي الأحزاب والعسكر الذين جاءوا بمعية الثورة المباركة تكرر الحكاية نفسها.
ثلاثون سنة مرت والأشخاص أنفسهم أختفى البعض إما بسبب الموت والسجن والمنفي أو الشعور بالخوف غير أن الدائرة لا تزال مغلقة على رموز الخراب والفساد التي لا ترى أن هناك سببا يدعوها إلى الإنسحاب بعد أن أثبتت فشلها وبعد أن قال الشعب رأيه الصريح بها وبالأسماء.

من غير استثناء أدرك الشعب السودانى أن وجودهم مكروه. الشعب يكرههم ويحمّلهم مسؤولية ضياع الثروات والزمن وفرص البناء . فالبلد الذي مرت به حروب من مختلف الأنواع لا يزال عبارة عن أطلال. بل إن المستوى الإنساني للمواطن السودانى صار أسوأ مما كان عليه أيام حكم المخلوع البشير  …

نجح الفاسدون فى نظام المخلوع البشير  في تطبيع الفساد بكل أصنافه وخلق طبقة فاسدة قليلة العدد نشرت الفساد وطبعته بحيث صار المستقبل لا يبشر بخير. لقد عملوا على ترجمة فسادهم إلى سلوك يومي يعيشه المواطن السودانى في كل مفصل من مفاصل الدولة الرثة التي قرروا أن يحكموها حتى بعد زوالهم إلى ما لا نهاية.

الهلاك الذي تعرض له السودان  عبر حروبه المختلفة بالجنوب ودارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان والعقوبات المفروضة عليه منذ العام 1990م لا يزال ممكنا في كل لحظة بل هو يتربص بالأجيال القادمة التي تنظر بكآبة إلى اللعبة التي يتداول فيها الكرة البرهان  وحميدتي وقادة الإسلاميين بقيادة غندور وقوش وايلا ونافع وقحت القديمة بقيادة البعثيين والشيوعيين وقوي الثورة وقحت الجديدة بقيادة الحركات المسلحة بكل أصنافها وسواهم من رموز الضياع، ضياع السودان  وشعبه.

تلك طبقة لم يصنعها المستعمر البريطانى ولا أى قوة غربية  ولم تكن خيارا سياسيا سودانيا.

أفراد تلك الطبقة أشبه بالمعلبات التي تم تصنيعها في معامل دول أخرى وكان على السودانيين قراءة التاريخ الذي تنتهي فيه الصلاحية.
اليوم تتداول الأحزاب والحركات حتى المواطنين  الأقوال والشائعات التي تتحدث عن عودة الكيزان والنظام القديم عبر ظهور وقدوم محمد طاهر إيلا من غير أن يجرؤوا على القول علانية عبر الإعلام والصحف والبيانات خشية أن تصيبهم رصاصة أو تلفق لهم تهمة ويدخلون السجون…..

الطبقة السياسية التي حكمت في السودان والتي تحكم اليوم وإن كانت تتألف من جهلة وأميين غير أنها تدرك أنّ لا أحد يقف مع الشعب السودانى في نكبته. ذلك ما يجعلها تشعر بالحماية حتى في أقصى لحظات ضعفها وهو ما تعيشه اليوم.

ختاما
على السودانيين أن يقبلوا بعدم وجود سلطة شرعية لا اليوم ولا غد فى البلد .

وللقصة بقية

[email protected]

تعليق واحد

  1. ههههههه كل من كان يحلم بتحول السودان الي دولة علمانية يتصدرهاالشواذو العنقال وعملاءالسفارات فنقول لهم خاب فالكم وطاش سهمكم والناس قدعاداليهاالوعي فعودو باحلامكم وامالكم الي مزبلة التاريخ.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..