سنار: مشروع مسرة والبساطة (واقع الحال يغني عن السؤال)

سنار: مشروع مسرة والبساطة (واقع الحال يغني عن السؤال)
تقرير: حذيفة محي الدين
[email protected]

لا شك للمتابع للوضع الزراعي في ولاية سنار (الزراعة المروية) يدرك بما لا يدع مجالاً للشك ما آلت اليه المشاريع من تدهور وشيخوخة.مشروع مسرة أسسه (آل أبوالعلا) في الخمسينات وكان له خط اتصال مباشر من القرية الي لندن.
وللوقوف علي حجم الضرر والمشاكل التي تواجه هذه المشاريع ومعروف أن سنار لها نظام عقيم للإفادة بالمعلومة حيث أن الجهات المتخصصة في أي مرفق حكومي لا يحق لها الإدلاء بأي معلومة إلا بإذن من رئاسة الولاية وتحديد حجم المعلومة التي يفترض الإدلاء بها . هذا هو ما واجهنا في طريق التعرف علي مشاكل المشروع حيث أننا ذهبنا الي مديرعام المشاريع والري السيد بابكر عثمان محمد علي الذي رفض التعامل معنا وقال بعنجهية بعض أصحاب السلطة (انا ما بتعامل مع صحافة ولا صحفيين). وبعدها مباشرة توجهنا الي رئيس اتحاد المزارعين السيد هجو موسي الذي قابلنا بصورة عكس ما قابلنا به السيد المدير العام ولكن تقل حيلته في المعلومة بل كان صريحاً أن المعلومات هي (حصرياً) عند السيد مدير عام الوزارة.فلجأنا للمزارع (واطي الجمرة). والمعلوم من أمر هذا المشروع أن مزارعيه أمضو عشرة سنين عجاف (بلا إنتاج) وذلك بسبب مشاكل الري ومشاكل إدارية.
يقول السيد عبالله الشريف (مزارع ) أن مشروع مسرة به مشكلة في الري وتمثلت في أن وابورات هذا المشروع تم ترحيلها الي الشمالية (دون ادني سبب) وعند ما عرف مزارعي البساطة ما حل بوابورات مشروعهم قاموا (بتسييخ الوابوارت) وحراستها حتي لا تنزع منهم . ويقول أن الوابورات صناعتها (رستم الألمانية) التي استجلبت مع بداية المشروع عند تأسيسه الذي اسسه (أبوالعلا) وقال منذ تحويل هذه الوابورات ظل المشروع في تدهور الي الآن.
من جانبنا ونحن نعد لهذا التقرير حاولنا جاهدين أن نعرف سر ترحيل الوابورات للشمالية فلا أحد يجيب (فالمفتاح عند النجار). المهم في الأمر أن الوابورات البديلة التي استجلبت للمشروع ظلت في حالة أعطال دائمة حتي يومنا هذا ويقول السيد الشريف أن الموسم السابق( الشتوي ) كان فاشلاً بنسبة 90% .
ويقول أخصائيين زراعيين عند استلام (الإصلاح الزراعي) عام 1968 م كانت معظم الدورة الزراعية تتكون من حيازة المزارع الواحد لخمسة عشر فدان تستثمر كالأتي حيث (5) فدان قطن خاضعة لنظام الحساب المشترك حسب لائحة سحب مياه النيل.و2.5 فدان زرة يؤول كل عائدها للمزارع بدون إلتزام بريها كاملة . و7.5 فدان بور . وكثيراً ما كان يشترك مزارعان في هذه الحواشة ثم تحولت بعض بنود الشراكة التي كانت علي الحساب الفردي الي الحساب المشترك وتم رفع قيمة السلفيات (مثل اللقيط والقلع) كما تم رفع نصيب المزارع من 44% من صافي الأرباح الي 55% وخلق مال للخدمات الإجتماعية بواقع 2.5 للطرفين .لكن هذه التعديلات لم ترفع من شأن المزارع بسبب إرتفاع أسعار المدخلات وعلي رأسها الوقود والزيوت فكان لا بد من تغيير علاقات الإنتاج والتي تحولت الي الحساب الفردي وتحديد أجرة الأرض وسعر لمياه الري (حتي لمحصول الذرة) وإدخال محاصيل أخري كالفول السوداني ثم القمح وعباد الشمس وغير ذلك .
ويري أحد مزارعي المشروع ?رفض ذكر إسمه ? أن المشكلة الإدارية هي أكبر طامة في المشروع وذلك لضعف الإدارات وخورها وخضوعها للضغوط السياسية أو لضغوط إتحادات المزارعين والتي تحول بعض قادتها الي الإحتراف وإبتزاز الإدارات وتهديدها وبدون أي عطاء منهم يسهم في تحسين الإنتاجية أو تقدم حالة المزارعين.وقال أن أراضي المزارع يتم استغلالها باسم الإستثمار في المشروع لجهات (معينة) ووضعها في مواقع سهلة الري والضائع المزارع.وحين الحصاد لا يراعي المزارع الغير منتج ويؤخذ انتاج المزارع كله لسداد الري. دون مراعاة للمزارع.(ومثال لذلك حدث هذا في مشروع الحجيرات)مع أن هنالك أسباب جوهرية أدت الي قلة الإنتاج . وقال عدم وجود بذور محسنة وإن وجدت بعض الأحيان لا تخضع لمساءلة (والتي قد تكون ضاربة).
وإفادة أخري من أحد مزارعي المشروع بخصوص مشاكل الري أن اخر صيانة تمت للوابورات كانت في النمسا واستغرقت زمناً طويلاً ووعدنا خيراً في الحل النهائي لهذه المشكلة وقال أن تكلفة الصيانة كلفت قرابة (ال2 مليار) والتركيب كذلك بتكلفة عالية جداً وقال بعد وصولها من الصيانة وفي أقل من خمس دقائق (إتصلبت الوابورات) وقال (طلعنا من المولد بدون حمص؟؟؟) .وبالرغم من ذلك قال أنه يستغرب في دور اتحاد المزارعين والمفترض علي حسب قوله أن يكون نصير للمزارع والوقوف معه والدفاع عنه وذلك في (قصور الري ، والحصاد) ولكن أصبح عصا الدولة علي المزارع الذي تضرب به يمناً ويسري.
بعض المشفقين من أهل الإختصاص قالوا ل(الحقيقة) أن المشكلة الرئيسية كانت في تدهور الإنتاجية عموماً حيث تسببت عدة عوامل أهمها عدم إنتظام الري وتذبذبه (لا نتناول هنا انحسار النيل أو رداءة الزنابيات والمضارب) بسبب عدم الإنسجام المزمن بين سلطات الري وسلطات الزراعة ثم ارتفاع سعر المواد البترولية (خاصة بعد حرب أكتوبر73 ) لعدة أضعاف السعر القديم دون ارتفاع مماثل في اسعار القطن والمحصولات المنتجة ، ثم تهالكت وابورات الري وقدمها واستهلاكها غير المعقول للبترول . وإرتفاع تكلفة العمالة وخاصة لإزالة الحشائش ولقيط القطن والقليع وغيره وقلة العاملين في هذا المجال مع التضخم المالي المتصاعد والمواكب لثبات أو ضعف أسعار المحاصيل (حتي أواسط السبعينات من القرن الماضي كان سعر طن الذرة يقل عن عشرين جنيه سوداني) . ويضيفوا أن ضراوة الآفات والتهاون في عمليات قليع بقايا المحصول وحرقه ونظافة الأرض من الحشائش الضارة. زاد الطين بلة هجرة السواعد الشابة وهروبها من العمل الزراعي للنزوح للخرطوم أو للعمل في دول البترول وترك الحواشات للعجزة من النساء والرجال ولبعض العمالة الوافدة المستأجرة . وتدهور البني التحتة من وابورات وترع( وإطماء ) ومكاتب ومخازن واستراحات وعربات وآليات وتهالكها بسبب من العجز عن صيانتها..
ولكن كثير من المهتمين يري أن هذه المشاكل سهلة الحل اذا توفرت الإرادة؟؟؟؟ ويمكن حلها جذرياً وهي محصورة في مشاكل الري وتبدأ بالطلمبات الرافعة وتأهيل الحابسات للمياه (الكباري ) وتأهيل الوابورات لأن بعض المناولات غير مؤهلة وزمن الدوارة يتنافي مع الزمن الأصلي مما يؤدي (للعطش) وكذلك مستوي أبوعشرينات بالنسبة للترع غير متناسق وكلها يمكن علاجها . مما يعيد هذه المشاريع الي سيرتها الأولي.

تعليق واحد

  1. الخلل الرئيس لهذه المشاريع هو سوء الادارة

    مشروع مسرة ا لزراعى والبساطه من اكبر المشاريع سابقا وهى تضاهى مشروع ود تكتوك او الرهد حاليا . ولكن سوء الادارة والحزبية هى التى دمرت المشروع وفى ظل الانقاذ تم تدمير المشروع بصفة كاملة وترك المزارع يكافح وعلى بركة الله . هناك بعض من المنتمين لحزب المؤتمر ولكن منافقين ولمصلحتهم الخاصه يعملون امثال الوالى وخضر عثمان وهم اخطر ناس على الولاية وعلى المزاعين وعلى الشعب . المطالبة بطردهم من الولاية والحزب حتى تكون الولاية مستقلة ومنتجة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..