الرتابة قاتلة؟؟!ا

صدي

الرتابة قاتلة؟؟!!

امال عباس

٭ شابة في مقتبل العمر.. زارتني.. تشكو الزمان وتشكو حالها داخل هذا الزمان الجامد كما اسمته قالت لي: بمجرد دخولي مكان عملي والجلوس مع الزملاء والزميلات.. اشعر بالشيخوخة تهجم على وتحاصرني وتحتضني فابدأ بسرعة في محاولة ادخال الطمأنينة الى نفسي.. واردد انا لست مثلهن.. انا شابة متحمسة.. اكره الروتين والرتابة.. احلامي واهدافي مختلفة.. وانظر لزميلتي اجدها تستعين بالاغاني الوطنية وبعض اغاني الحقيبة واحيانا الاناشيد الحماسية.. وتقول ان ما تفعله يطرد البلادة والرتابة وتتجاهل النظرات والتعليقات المستنكرة..
٭ وتأتي الاجتماعات الصباحية التي نسمع فيها نفس الكلام ونفس الموضوعات ونتلقى نفس التوجيهات.. وانظر باشفاق شديد الى رئيسي.. لقد هربت منه الحيوية ولا يعنيه سوى الحديث عن مشاكله الخاصة.. ضعف المرتب.. غلاء المعيشة.. مشاكل المدارس والاولاد.. ومرض زوجته ومرضه هو نفسه وغلاء الدواء وانعدامه.. ويستمر في الشكوى.. ويوقع على الورقة من غير ان ينظر اليها يؤدي عمله بلا حماس.. بلا حيوية.
٭ واصبحت عجوزا تحت التمرين اعيش نفس المشاكل.. زائداً عليها مشكلة المواصلات ومشكلة خواء الحياة الثقافية والاجتماعية ومشكلة غلاء ادوات المعرفة.. لا استطيع شراء الكتب ولا حتى المجلات والجرائد اليومية.. وعندما اجلس لاشاهد الفضائيات او استمع الى الراديو اشعر باني في مكان العمل والشيخوخة تزحف على من كل جانب وتحاصرني..
٭ قلت لها ربما اخطأت اختيار مجال العمل من البداية.. قالت: لا.. انا من اوائل الدفعة واحب توجهي وتخرجت بدرجة جيد جداً.. ولكن من اول يوم في العمل وفي الحياة العامة… تكسرت احلامي.. واظلم وجداني ولسعني الواقع بكرابيج موجعة لا ترحم واحتواني الملل كلية.. حتى نصحتني زميلتي للذهاب لطبيب قريبها فهي تعرف ان الذهاب للطبيب في حد ذاته يحتاج لاعلان برنامج تغشف قاسي.
٭ وبالفعل ذهبت للطبيب.. ولكنه كتب في الاورنيك عبارة موجهة لمكان العمل تحتاج اجازة اسبوعين.. حملت الاورنيك وخرجت وانا اردد.. انا ابحث عن علاج وليس اجازة.
٭ قلت لها العلاج يأتي مع الوقت ومع الشخيص السليم والاصرار والتشبث بالمبادئ وبالعمل.. فانا في مثل عمرك كنت اتمسك بالمبادئ واحلم بالمثالية واتفاني في العمل… وما زلت احلم واعمل واجاهد الملل والشيخوخة ما أمكنني.
٭ ضحكت وقالت سأبدأ..
هذا مع تحياتي وشكري

الصحافة