صحافتنا من شارع الزلط الى سكة الدقداق !

عُرف عن السياسي اللبناني المخضرم ورئيس الوزراء الأسبق الدكتور سليم الحص أنه صاحب مداعبات طريفة مع أهل الصحافة في بلاده و لديه إجابات على أسئلتهم تنم عن محبته لهم وتقديره لدورهم في قيادة وتنوير الراى العام بالحقائق في وجود التحكيم القانوني الذي يحفظ ويحمى حق كل الآطراف دون ضرر أو ضرار .
ويتسم كلامه للصحافة كسياسي حصيف وأكاديمي عريق و مثقف مرتب العقل وعفيف اللسان ونظيف الكف ببلاغة المعنى الذي يكتنف أراءه النيرة ويجعل لها طعما خاصاً يرطب من حالة الشد والجذب التي كثيراً ما تسود بين الصحفيين الملحاحين والسياسين الذين يضيق صدرهم بذلك الحصار المحرج لهم أحياناً .
فمرة سأله صحفي عن رأيه في دور منظمة دول عدم الإنحياز التي كانت تحتضر بعد إنهيار منظومة الإتحاد السوفيتي الراحل و أتباعه من الدول الشرقية وانفراد الولايات المتحدة الأمريكية بملعب الهيمنة الدولية ؟
فقال له في إجابة ذكية ومختصرة ..هي الآن.. أصبح نصفها عدم ونصفها الآخر إنحياز .
وفي أحد المؤتمرات الصحفية بقاعة الحكومة .. وقد حشد له رؤساء تحرير الصحف اللبنانية وأساطينها .. ابتدر الجلسة قائلا لهم .. مرحبا بكم في بلدكم الثاني لبنان .. فضجت القاعة بالضحك إعجابا ًبسخرية الرجل المحببة و العميقة التي يشير فيها الى قوة الصحافة اللبنانية وهو الذي يعتبرها بفهمه كرجل دولة ليبرالي من الطراز الأول هي التي تتقدم و بخطوات جريئة في مكانتها المرموقة في نظر المجتمع عن دولة الحكومة وليس العكس
!
في السودان الآن عندنا نوعية من سياسيي الغفلة من يذهب في عنجهيته الى تحقير الصحفيين بأن يستنكر عليهم دورهم من أساسه متسائلا . ويسالهم .في تهكم .. من الذي أعطاكم الحق في الحديث إنابة عن الشعب !
اليوم وعلى خلفية الأحداث الجارية حاليا والتي فجرإحتقانها الكامن في بطن وصدر الشارع المغبون تكرار حالات إغتيال طلاب الجامعات بالسلاح الذي يخترق أجسادهم الغضة من خلف ظلام الغدر الذي يتستر وراءه القتلة ومن ثم يظهرون للبكاء على ضحاياهم بالإحتساب في الصحف والسير في جنازاتهم بخطى النكران المريبة !
فتؤمر الصحف بعدم الخوض في هذا الامر لان في ذلك ما أعتبرته السلطة نوعا من التحريض على إثارة المشاعر الشعبية و الدعوة الى المزيد من الفوضى وفقا لما سمته تلك الجهات الآمرة !
لم يصدر ذلك الآمر من جهة قضائية .. مثلما تقتضي مجريات العدالة في حالة أنها تقوم بالفصل في قضية ما يقف فيها الطرفان المتخاصمان متساويان أمام منصتها كأسنان المشط .. ضمانا لحيادية التداول وعدم إختلال ميزان التحكيم في مراحل الفصل من قبل الصحافة التي قد تصدر حكما مسبقا بحكم تأثيرها الكبير على عواطف بل وعقول الناس !
ولكن الإيقاف صادر من جهة هي في الأساس متهمة بالضلوع في محاباة من لهم مصلحة في نحر كل حنجرة طالب يجأر هاتفا بهواء ساخن يخرج زفيرا تنفيسيا من صدره عبرها … بل أن تلك الجهة التي سلطت نفسها رقيبا في غياب دور القانون عن ممارسة حقه في هذه الجزئية المفصلية ..وهي بالطبع لا تملك هذا الحق أيضا أو يفترض في وجود مجلس صحافة ومطبوعات من أوجب مسئؤلياته إن كان حقا هو موجود فعلا لاقولا .. أن يقف في حياد يوازن ما بين الحفاظ على كرامة الصحافة و أصحاب وصاحبات أقلامها و بين ما يحفظ حق المجتمع في معرفة الحقيقة .. ووجود إتحاد صحفيين غير مدجن يقف منافحا الى جانب منسوبيه بما يوفر لهم قوة حركتهم في مضمار البحث عن تلك الحقيقة وفي أجواء نقية ومناخات صحية بعيدة عن الترهيب من أية جهة تستهدف إغتيالهم معنويا ومحاربتهم في رزقهم والتضييق عليهم مهنيا .. ومن ثم يحفظ للصالح العام وللمجتمع حقه بتنشيط ضمير الصحافة في أن لا تنحرف الى الغرض الذاتي في تناول الأمور مالم تكن تملك من الإثباتات ما يدعم قولها ويعضد مسعاها لتحقيق ذلك الصالح !
لن يستقيم ظل الحقيقة في أفق أي مجتمع ويتمدد في وضح النهار أو تحت اضواء الليل الكاشفة ما لم تنتصب أعواد الأقلام الحادبة على مصلحة البلاد وكرامة العباد شامخة في بلاطها غير واجفةٍ من رقيب الأسحارالذي يكسرها بكف تسلطه ولا ينازعها بسلطة القانون وغير خائفة من عسس الفجر الذين يسبقونها على أكشاك البيع لمصادرتها في أكياس الحسادة التي تؤدي الى إفقارها و هي الرقيقة الحال أصلاً في ظل سياسة الخيار و الفقوس عند توزيع الحكومة لمنة جزرة الإعلانات لمن يخر ساجدا حيالها .. او الضرب بعصا الحرمان لمن تأبى عن الركوع لها !
صحافتنا الآن باتت بالضبط مثل سيارة أمامها طريق معبد ونظيف يقودها بصورة مباشرة الى نقطة ارتكاز أمامها هي محطة الحقيقة .. ولكن ما أن تتقدم خطوات في ذلك الطريق السالك .. حتى تجد شرطياً يقف سادا بقية الجادة عنها ويامرها مؤشرا ً لها بحركة عسكرية صارمة بالنزول الى شارع ترابي كله حفر وعثرات .. إما أنه فجّر إطاراتها أو على الأقل أعاق مسيرها …وبالتالي يجعلها تثير غبارا يحجب عن من يقتفي أثرها ويعمي عيونه عن معرفة وجهتها نحو الحقيقة التي ستظل غائبة طالما أن القانون هو الغائب عن ممارسة دوره المنوط به في هذا الصدد .. مفسحا المجال لمن ينصب نفسه قاضيا يحكم بلا دراية و مقصا يقطع دون معرفة بابجديات القراية وهو في ذات الوقت الخصم بل هو ذاته المتهم المتسبب في كل الحكاية
نقول لهم
أنتم لا سنة ولا شيعة
ولا حتى بنى ماسون
لزني المحارم انتم فاعلون
وفي فاحش القول انتم ساقطون
ومن قتل النفس البريئة ابداً لاترتدعون
ومن اللبن الحرام انتم راضعون
ومن الدمار والخراب ابداً لاتتورعون
وفي جمع المال انتم منغمسون
وفي ضلالكم القديم انتم صادرون
خبرونا بالله!!!
اى دين او إلهاً انتم تعبدون؟؟؟
يا بني السودان
يابنى السودان
ان رفعتم ارجلكم
عن أبنص الثورة
فوالله والله والله
انتم وحدكم الخاسرون