مقالات سياسية

لإستعباط السياسي عكسري القاتل في السودان!

أحمد محمود كانم

ما فتئتِ الأيامُ تباغتنا تباعاً بسحب ستارٍ إثر آخر عن ما كانت تواري سوءات الساسة والعسكر في السودان… سوءات لطالما أريدَ لها الستر عن الأعين والأسماع ولو لحين.
فمنذ سقوط الطاغية عمر البشير الذي لم تسقط معه سوى رقصاته وهزات الذقون والأصلاب المصاحبة لهتافات انصاره ومويسقاه الحماسية على منصات الخطابات الجماهيرية؛ حاولَتْ لجنته الأمنية العزف على ذات الأوتار الرامية إلى التلاعب بعقلية الشعب السوداني، عن طريق إيهامه بأنها في صف ثورة الشعب السوداني وحاميها.. ولم تبذل كبير جهد في جعله يصدق جميع تلك الترهات ويرقص لأيام على إيقاعها، هاتفة بشعارات وصلت بعضُها لدرجة التقديس “الضكران الخوّف الكيزان” ” الجيش معانا ما همانا” ونحو ذلك.
لكن وكما ذكرتُ في مقال نُشر على صحف سودانية صبيحة يوم الثاني عشر من أبريل 2019، أي صبيحة اليوم التالي لإزاحة البشير، أن: “الثورة كالدولة ، مبتدأها ومنتهاها مِلك للشعب السوداني الحر الشامخ بلا إقصاء أو تمييز لأحد، لكن لا يعني ذلك تسليم زمام أمرها وثمرة نجاحها للجلادين من عباد النظام الهالك وأمراء حربه مرة أخري.
فالرئيس المخلوع السفاح عمر حسن أحمد البشير كشخص سقط وطويت صفحته بلا شك، إنما البشير كمؤسسة أمنية إخوانية إرهابية جهادية إجرامية متخصصة في قتل الشعب وسلب املاكه وبيع أجزاء الوطن ، بل وبيع أبناء الوطن وكرامته بثمن بخس دراهم معدودة؛ تتطلب مننا المزيد من الغربلة لإجتثاثها من أعماق الجذور، وتقديم كل منسوبيها إلى العدالة ، واستعادة جميع الأموال المنهوبة، وتفكيك جميع تلك المؤسسات وإعادة عجنها بما يتوافق مع متطلبات الشعب السوداني الثائر .
وبما أن تسليم السلطة للعسكر الموالين للنظام البائد مرة أخرى سوف يفتح النوافذ والأبواب واسعة أمام لصوص الثورة كما حدث في بعض دول الربيع العربي _ على اختلاف وضعيتها _ كان لزاما على الثوار تولي إدارة تكليف الشخص المناسب لرئاسة الحكومة الانتقالية ممن لم يتلطخ بدماء شعب جبال النوبة ودارفور والنيل الأزرق والخرطوم وكل أجزاء السودان حتى يستطيع هذا الجيل الحر الواعي التمتع بقطف وتناول ثمار الثورة بلا منٍّ ولا أذى أو خوف من أحد.
وحتي لا يضطر هذا الشعب العظيم ثانياً وثالثا ورابعا لدفع ثمن أغلى، لاسترداد لحظات المجاملات القاتلة، يجب أن يذهب عمر البشير وكل من تربطه أية صلة تنظيمية بالبشير”.
* بعد مرور ثلاث سنوات، يبدو أن الأيام قد كشفت لنا أكثر بكثير مما كنا نتخوف منه، إذ لم يخطر على بال أحد أن بعضاً من تلك الأجسام السياسية التي شاركت بفاعلية في صناعة الثورة السودانية وتقدمت الصفوف لمواجهة بطش ووحشية النظام السابق؛ هي التي ستصبح سُلّما تعتليه اللجنة الأمنية للوصول إلى ظهر الشعب السوداني العنيد..
فمن منا كان يتصور أن تتراخى حبال عزيمة أبطال عرفانهم في مقدمة صفوف الثورة السودانية حتى يصل بهم الأمر بأن يصبحوا دُمية في يد العسكر يتلاعب بهم كيف ما شاء؟
لكن حدث ذلك بكل أسف.. حين ضربت بشعاراتها الوحدوية عرض حائط القيادة العامة، وتفرقوا أيدي سبأ، مهرولين صوب تقسيم المناصب، حتى قبل أن تدفن جثث من سقطوا أمامهم من الشهداء الذين ازدحمت بهم العنابر وتراكمت كالأحجار لتغطي أرضيات المشارح بالعاصمة الخرطوم، والتي بلغت حتى الآن ثلاثة ألف وبضع عشرة جثة مواطن سوداني ثائر .. فحدثت الاتفاقية مع القتلة في السابع عشر من أغسطس 2019… ولم يتوقف القتل.
ومع ذلك لم يستطع السياسيون الذين فرضوا أنفسهم على الثوار التحرر كاملا من عقلية التعالي العرقي والجهوي ، فوقعت في نفس فخاخ نظام البشير والأنظمة السابقة، بإقصاءها أهم شريك لها في تفجير الثورة، قوى الكفاح المسلح التي كانت ضمن مكونات قوى الحرية والتغيير، فاضطرت الأخيرة لفرز كومها وجاءت عبر بوابة اتفاقية جوبا للسلام..ولم يتوقف القتل في دارفور ولا الخرطوم..
لكنهم أصبحوا أيضا مطية للجنة الأمنية سيما بعد الإنقلاب.
* كل هذه الأمور تمت وفقما أرادت لها اللجنة الأمنية البشيرية.
وها قد انتهى للتو الجزء الثالث من مسرحية الاستعباط السياسعكسري في السودان، ونحن على وشك الدخول في الجزء الرابع الذي أتوقع كغيري أن تدير من خلاله اللجنة الأمنية ظهرها عن مناصريها “أصدقاء اعتصام القصر”، لتتحول نحو الطرف الثاني الذي لا استبعد أنه شريك في إعداد وإخراج المسرحية بأكملها.
وهو ما دفع البعض لإطلاق تهديد ووعيد بعد أن استشعروا الخطر المحدق بمصالحهم، إلا أن العسكر لم يأبه لتلك التهديدات بعد ان استنفدت حاجتها منهم، واتجهت نحو شركاءها القدامى الذين سيأتون عبر سيناريو لا يختلف كثيراً عن انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر .. في محاولة يائسة لفتح ما سُدّت في وجهها من أبواب، خصوصاً بنك النقد الدولي الذي لم يتردد في مواجهة وزير المالية في اجتماعه الأخير بنويورك بأن التسوية السياسية في البلاد شرط لا سبيل للتراجع عنه.
*إن ما جرى ويجري الآن من تسويات، هي مجرد استعباط واستهبال سياسي عسكري، لا يعني الشعب السوداني ولا الثورة السودانية في شيء.
ذلك لأن العسكرين لا يؤمنون أساساً بأن يحكمهم نظام مدني تكون الكلمة فيها للشعب من جهة، وخوفهم من الملاحقة عن جرائمهم التي ارتكبوها بحق الشعب السوداني من جهة أخرى.
كما أن التجارب اثبتت لنا بكل وضوح أن السياسيين الحاليين لا رؤية لهم، ولا برنامج سياسي واضح يسهم في تحقيق ولو ربع الربع من متطلبات الثورة السودانية العظيمة.
بل لا يهمهم سوى الحصول على مناصب تتيح لهم فرص كسب العيش الباذخ وامتطاء السيارات الفارهات والمنازل الفارهات والنساء الدعوبات مقابل لا شيء.

وغدا ستكشف الأيام ما سكتت عنها الألسن والاقلام .

[email protected]

‫5 تعليقات

  1. لحنتها يعني دسيت السم في الدسم؟ قال حركات الكفاح المسلح الكانت مشاركة في الثورة تما اقصاؤهم ولذلك لجأوا لاتفاقية جوبا مع العسكر قال؟ يا خي الحركات نفسها لا تدعي شرف المشاركة في الثورة ةقالوا إن كافحوا وناضلوا زمان وإن النظام سقط نتيجة لتراكم النضال منذ الاستقلال – نحننعرف الشياب اتباع عبد الواحد وقد كان النظام يأخذ أبناء دارفور في الجامعات أكباش فداء باعتبارهم تابعين لخركة عبد الواحد وليس العدل والمساواة تحرير السودان نهيك عن الجبهة الثورية أو تمازج التي لم نسمع بها إلا بعد خدعة جوبا؟ عالم بس تكتب بدون فهم!

  2. هههههه اضحكتنا (قوى الكفاح المسلح) هل الكوز و حركته الطفيليه فكي جبرين أو المكرش من اكل مال الشعب عقار أو النكره الذي لم يسمع به الشعب إلا في الثوره الطهار حجر أو المرتزقه الذين تم تكوينهم ابان الثوره لتقويضها و لم يسمع بهم احد من قبل المدعوين بـ تمازج أو الجنجويد القتله المدلعين بإسم الدعم السريع و اردول حرامي الذهب و شارب المريسه هل هؤلاء كفاح !!؟ حركات الانبطاح المصلح هؤلاء استغلوا قضية اهلنا في دارفور و كردفان و تاجروا بها لأجل مصالحهم الشخصيه و المناصب و بحبوحاتها على حساب الشعب و ها هو فكي جبريل ينهب الشعب بالجبايات و الضرائب لصالح حركات الارتزاق المسلحه , القتل الحاصل في دارفور الذي تتحدث عنه حركات الارتزاق المسلح الذين تتحدث عنهم هم نفسهم سببها , لو ارادوا ايقاف القتل و الحروب لنشروا و نقلوا جنودهم لحفظ السلام في دارفور و لكن كل حركة و ناسها مكومين في الخرطوم بل ان بعض هذه الحركات منسوبيها من العطاله اصبحوا يرهبوا سكان العاصمه و يمارسوا السرقات تحت تهديد السلاح , يعني انهم هم انفسهم سبب البلاء و الحروب في دارفور هم نفسهم حركات النكاح المسلح

  3. اتفاقية جوبا الجرم كانت قبل الخلاف بين المكون العسكري والمدني مجتمعا
    كيف جاؤوا عن طرقها؟

  4. يا استاذ احمد كانم،، لماذا يصر الدارفوريون على البقاء مهمشين في دولة الجلابه العنصريين ونخب الشريط النيلي اصحاب الامتيازات التاريخيه كما تدعون؟؟؟

    … لماذا لا يطالب الدارفوريون بانفصال دارفور ؟؟

    . هل السبب هو عجزكم التام على حكم دارفور؟ ام ان الدارفوريين يعانون من عقدة النفس وعدم الثقة ويفضلون البقاء مع جلاديهم مضطهدين كما يدعون… ؟؟؟

    .. ربنا يفكنا من الSuper Glue الدارفوري الذي التصق بنا منذ عام 1917…

    … الانفصال قادم رضيتم ام ابيتم…

    … يحلنا الحلا بلة…

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..