مقالات وآراء

ما بين خروج ترباس وحسين خوجلي

فتح الرحمن عبدالباقي

قبل فترة ليس بالقصيرة خرج إلينا المغني كمال ترباس (وكما قال شيخ مصر) ترباس تربس الله عقله ، حينما كان يغني (البعبدا) ويبدو أن هذه الدعوة قد صادفت استجابة فتربس على عقل هذا الرجل ـ خرج ترباس عبر قناة الهلال يبكي نفسه وليس الوطن وقال بأنه سيهاجر ويترك السودان وان له إقامة بدبي وسيقتات من غنائه بدبي ، والسبب حسبما أورد بالقناة بانه ولأسباب جائحة كرونا قد منع الغناء (بالعربي كدا العداد وقف  والنقاطة وقفت)، ولم يستطع الحصول على لقمة العيش  وخلال أيام قليلة ومن صالة مطار الخرطوم شاهدنا فيديو لهذا الترباس عائدا إلى أرض الوطن واستقبلته (عمتنا) بالمطار تسأله لماذا رجع ، فلم يجب ترباس وأنا نفسي لم اعرف لماذا رجع
طالعنا بالأمس الأستاذ / حسين خوجلي وهي يبكي من منبر آخر وبصوت يختلف عن صوت الترباس فترباس بكى مباشرة عبر مايكرفون قناة الهلال ليبكي حسين خوجلي عبر منصة ( مارك ) اختلف البكاء والسبب واحد ترباس فقد العداد وحسين خوجلي فقد بوصلة العدالة كما يدعي ولا ادري ملابسات القضية
اعتذر ترباس لجمهوره بانه سيغادر البلاد ، وسرعان ما تجاوب معه مذيعي القناة ويطالبونه بعدم الرحيل ويبكون لبكائه لا تتركنا بابا ترباس فمن يغني البعبدا ، واعتذر حسين خوجلي وذكر عبر صفحته بالفيسبوك بانه يعترف جهرا ولأول مرة (ولا أدري كلمة لأول مرة يقصد بها الاعتراف أم الاعتراف جهرا لان كل اعترافاته السابقة سرا ، عن نيته الهجرة خارج البلاد بسبب ما أورد من قضية وان قضيته مع النائب العام ليس مجللا بفضائل العلم والخلق والنخوة والتجرد .
حسين خوجلي يترك السودان لانعدام العدالة فيه ، فأين كنت يا حسين خوجلي أيام الإنقاذ التي اعترف أهلها وعرابوها بالفساد والمحسوبية وتشوه العدالة وضياع الحقوق واذا فتحت معك باب بيت واحد من بيوت الأشباح لشابت الولدان من هول ما نجده بالداخل ودعنا نتحدث عن جزء من بعض من قضايا العدالة بالسودان أيام ما كنت صامتا لا تبكي ولا ترحل ومؤسساتك الإعلامية من صحف وفضائيات تتدفق إليها الإعلانات صباح مساء من الدولة ومن شركات الكيزان المسيطرة على اقتصاد البلاد بينما تصادر الصحف الحرة بعد الطبع لتصبح (ميتة وخراب ديار) لا اجد فرق بينك وبين ترباس الذي قالها صريحة بان العداد وقف بينما انت تتحدث حديثا مبطنا وتغلف العدالة بالعداد لان العدالة اليوم لم تكن أسوا من الأمس وهذا يدل على انك لم تشعر بالظلم إلا حينما يقع عليك
مهما كان اذا كان هنالك ظلم وقع بك فالعدالة لا تتجزأ ونطالب بالعدالة لك ، ولكن  الكاتب لا يحاكم إلا عبر قلمه والشاعر لا يحاكم إلا عبر شعره فدعنا ندلف إلى سياحة خفيفة معك عبر بعض المواقف العدلية في البلاد وبالذات أيام الإنقاذ  لنرى ماذا تغير وتبدل ليغادر حسين خوجلي البلاد ولنرى ماذا كتب فيها حسين خوجلي وماذا قال عبر وسائل الإعلام المختلفة والمتوفرة له ليل نهار
قبل أن ندخل بيوت الأشباح دعني أسالك سؤالا حائرا كم عدد الشباب الأكفاء الذين هاجروا إلى ديار الله الواسعة كم عدد المهندسين والأطباء والكفاءات الشابة التي تحتاجها البلاد لبنائها ، ولتنمية البلاد ورفع الاقتصاد هل بكيت على هؤلاء أليس البلاد بأحوج لهم مني ومنك ، كم من الشباب مات عبر الصحراء وهو ينشد لقمة العيش الكريم الذي افتقده داخل بلده ، كم من الشباب مات عبر البحار وهو ينشد الحياة الكريمة ببلاد أوروبا ، وكم من الشباب والشياب مات بدارفور وقال رئيسكم ولأتفه الأسباب ، وكم وكم وكم …. ماذا كتب قلمك صوتا أو حرفا عن هذه المآسي
أما عن العدالة فلنبدأ منذ فجر انقلاب البشير وإعدام الضباط ال28 في شهر رمضان وبلا رحمة وهوادة ودفنهم أحياء ، ثم تلاها محاولة اغتيال حسني مبارك وما تلاها من أحداث تحدث عنها القاصي والداني من اغتيالات وإخفاء
ماذا دار في بيوت الأشباح والتي تم بث فظائعه بعد أن تركتم السلطة وماذا كان يفعل جهاز الأمن ، هل كان يقدم المعارضين للمحاكمات ، وهل كان للنائب العام المبجل أيام الإنقاذ محاكم ، أم أنها مشانق مباشرة فانت قد ذكرت بان مشكلتك قضيتك لم تقدم للمحاكمة ولكنك حر طليق تتحدث وتهدد بالخروج من البلاد ، فهل كان بإمكان أي معارض في عهدكم أن يجد نفسا واحدا ليتنفسه ، ناهيك عن أن يتحدث ويعلن للملأ بأنه سيترك البلاد لعدم تحقق العدالة .
سوف لن أذهب بعيدا ولكنني سأرجع إلى السنين الأخيرة والأوجاع الكبيرة ومجزرة فض الاعتصام والمفقودين والتي عجز قضاؤنا أن يقول فيها شيء وعجز أمثالك من الصحفيين أن يرفعوا القضية عبر المنصات المتعددة من وسائل الإعلام ، بينما أفئدة أمهاتهم تتصدع وفؤاد الوطن الجريح يئن ويتألم ولكنك لا تحس بذلك ، ولجنة نبيل أديب لا تستطيع فعل شيء رغم وضوح الأدلة حسب رؤيتنا
مهما كان الأمر ومهما كانت الأسباب لا يستقيم ولا يتقدم وطن بلا عدالة فان كان لك الحق فنعلي صوتنا لتنال حقك كما نعلى صوتنا لينال غيرك حقه ، ولكن ومهما اختلفنا في الفكر والرؤيا فلا يستقيم أن يغادر حسين خوجلي كما غادر ترباس عندما دخل الألم إلى جلده ولم يكن كالجسد الواحد يتألم لألم غيره ويتحسر لضياع العدالة سواء له أو لغيره ، اخرج حسين خوجلي فستعود صاغرا كما عاد ترباس اخرج حسين خوجلي فقد خرج بسببكم شباب احق بالعيش منك في بلدهم ، وقد خرج شباب من بوابة الوطن ولم يعودوا مطلقا ، اخرج فلربما لك قراءتك الأمنية على ما تقدم إليه البلاد في مقبل الأيام ، اخرج فمرارات الوطن لن يحليها كل أنواع الحلو بالسفر (بضم السين وفتح الفاء) العالمية والمحلية ، واصبر ايها الوطن الجريح فلا محالة سيشرق الصبح .

 

[email protected]

‫5 تعليقات

  1. اخونا العزيز
    هل تعلم ان حسينا هذا نعرفه نحن أبناء ودنوباوي لم يعمل موظفًا قط وقد إعترف في قناة امدرمان بعضمة لسانه أن بيتة الذي بناه كان من كميشن او سمسرة لشركة كندية بتاعت تنقيب
    لقد تذكرت قصة الصحابي الجليل الذي طارد مشركا فر من ساحة الوغى فلما لحق به وتمكن منه شاهرا سيفه فما كان من الكافر الا وقد بصق على وجه المسلم فانزل المسلم سيفه وام يضربه حتى لا يقال انه أنتقم لنفسه ولم ينتقم لدين الله
    لعنة الله على الذين خدعوننا في ديننا فانخدعنا لهم

  2. اين كنت زمن الإنقاذ يا حسين خوجلي
    (( يجي الخريف واللواري بتقيف ))
    هذا مثل دكام ينطبق عليك

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..