
يجب توفير شيئين أساسيين قبل أي تفكير في المخاطرة برفع الدعم عن المشتقات البترولية والقمح ، الأول توفر دولارات بالبنك المركزي ، وسوف افصل كيف يتم ذلك ، و الأمر الثاني قبل رفع الدعم يجب توفير الخضروات والمحاصيل الغذائية الأساسية للناس كالفول والعدس والفاصوليا و البقوليات بأسعار في متناول اليد حتى يستطيع الناس أن يحتملوا الرفع المتدرج للدعم ، بغير هذين الاثنين يعتبر الأمر برمته مغامرة ومخاطرة كبرى قد تنسف الفترة الانتقالية برمتها.
الأمر الأول ، الدولارات العاجلة والكافية بالبنك المركزي تحل مشكلة الأمر الثاني المؤقتة و ذلك بتوفير المواد الغذائية العاجلة لحين أن تأخذ دورة الإنتاج مداها ، شرح أكثر للفكرة ، فإذا كان الرصيد الإستراتيجي من الدولار يكفي لاستيراد كامل احتياجاتنا الأساسية من الغذاء ومن الأدوية ومن القمح ومن المواد الخام اللازمة للصناعة ومن كل احتياجات السوق السوداني فهذا يعني استقرار سعر الدولار في الأسواق وعدم وجود أسواق موازية والرصيد الحالي لنا من العملات إذا وصل عبر استنفار الشعب السوداني إلى 5 مليار دولار فقط سينخفض سعر الجنيه للدولار الى 50 جنيها أو ادني من ذلك ولو ارتفع الرصيد للدولار في البنك المركزي الى 10 مليار دولار لانخفض سعر الجنيه للدولار الى 30 – 40 جنيها و ذلك يكون عبر استنفار الشعب السوداني و مخاطبته خطابا واضحا ، فلا تراهنوا على غيره. ما سيدفعه الأصدقاء ، إن أتى ، يكون زيادة خير و بركة و بذلك يكون البنك المركزي قادرا و يستطيع وقتها توفير كافة احتياجات المستوردين من العملات الأجنبية دون اللجوء إلى البحث عنها في الأسواق الموازية .
لتوفير الدولارات بالبنك المركزي يجب السيطرة على الذهب وهذا تم عبر هذه الشركة الموحدة للتصدير وإيقاف استيراد الكماليات نهائيا فنحن في مرحلة ربط الأحزمة و توجيه حملة إعلامية بهذا الصدد هو أمر هام و عاجل ، أما كيفية استنفار الشعب السوداني فيبدأ بتحفيز المغتربين ، أولا بإحياء الفكرة القديمة بالسماح لهم بإدخال عربات بحالة جيدة على ان يدفع نصف قيمة الجمارك المتعارف عليها ولكن يتم الدفع بالعملة الصعبة ، أي دولارات ، و أيضا علينا ان نقتدي بالجارة إثيوبيا ، يحضرني هنا ما كان قد أعلنه البنك المركزي الإثيوبي قبل عام من الآن من أن تحويلات المغتربين الإثيوبيين تجاوزت لأول مره إجمالي صادرات إثيوبيا البالغة حينها ما يقارب 5 مليار دولار سنويا ، نعم خمسة مليار لا أكثر ، نحن لسنا في وضع سيئ جدا و بقليل من التدبير والإرادة والإدارة سنخرج من عنق الزجاجة ، وأيضا اى مغترب اثيوبى/إثيوبية تحول 50 ألف دولار تحصل او يحصل على قطعة أرض سكنيه أو تجارية مجانا من الدولة.
الفكرة التي أضيفها اليوم هنا هي لجلب ودائع دولارات المغتربين بصورة عاجلة و سريعة عبر التحفيز المميز ، أي مغترب سوداني لديه دولارات بالخارج و عقار بالداخل ، حسنا مقابل كل 10 ألف دولار يضعها المغترب كوديعة عند البنك المركزي يمنح المغترب قرض او تمويل لمشروع بثلاثة أضعاف هذا المبلغ بالجنيه السوداني بدون فوائد او بفوائد رمزية مع استصحاب العقار كضمان للقرض و يكون المشروع يشغل على الأقل أربعة أشخاص ، هنا جميع الأطراف مستفيدة ، المغترب مستفيد ، الدولة مستفيدة من تدفق عملات حرة هائلة ، المجتمع مستفيد بتشغيل العمالة والشباب ، إذا افترضنا أن مليون مغترب حول كل منهم مبلغ 10 ألف دولار سيكون بالبنك المركزي 10 مليار دولار وإذا نصف هذا العدد فقط اشترك في الفكرة أي 500 ألف مغترب سيصل المبلغ إلى 5 مليار دولار بالبنك المركزي ، لا تتحدثوا معنا كمغتربين حديث عاطفي ان ادفعوا كمساهمة ، كما يقول السيد وزير المالية ، ان ادفعوا 100 دولار و ما الى ذلك ، هذا قول لن يكون له أي صدى ، هذه فكرة ميتة في مكانها ، فقد دفعنا وعن طيب خاطر مليارات الدولارات ذهبت هباءا منثورا لأنظمة فاسدة أو ليست لديها أي رؤية وطنية ،هنا نحن نحدثكم اليوم بلغة الأرقام و لغة المصالح لجميع الأطراف وليس للمغترب فقط و نحن احن على الوطن و نحن أرفق بكم من التسول على أبواب الدول الغربية والعربية ومن صندوق النقد الدولي .
فكرة أخرى يمكن بيع مشاريع وطنية سيادية ملكها مستثمرون أجانب في غفلة من الزمان يجب بيعها لسودانيين من خارج السودان ويتم الدفع بالعملة الحرة كشركات الاتصالات الأجنبية وبذلك نضرب عصفورين بحجر واحد ، نضمن عملة حرة تدخل و تتدفق الى البنك المركزي ووقف هدر تحاويل هذه الشركات لأرباحها الى خارج السودان.
الأمر الثاني أنا مع التدرج في رفع الدعم لوقف تهريب المشتقات البترولية وتهريب الدقيق ولكن ليحدث ذلك في ظروف و أجواء مهيئة لابد من ان تتولى الدولة بنفسها مشاريع عاجلة وسريعة الإنتاج عبر تخصيص مليوني فدان او أكثر من الحقول المفتوحة في الولايات المنتجة والخصبة لإنتاج جميع أنواع الخضروات وبصورة مستمرة ،وليس فصل الشتاء الحالي فقط ، مع زراعة المحاصيل الإستراتيجية التى نستوردها كالقمح والفول والعدس و العدسية والحمص ، و تكثيف زراعة الذرة و ابو سبعين للأعلاف والبذور الزيتية لإنتاج زيوت الطعام والتى نستورد جزء منها من الخارج ، وبهذا نكون قد حققنا منفعة مزدوجة بزيادة نسبة الاكتفاء الذاتي من السلع الإستراتيجية والحفاظ على أسعار الخضروات والسلع الغذائية الرئيسية رخيصة وفي متناول يد اغلب الناس. بغير هذا لن يمر مشروع رفع الدعم المتدرج بسلام.
لقد توفرت للسيد حمدوك شعبية لم تتوفر لسوداني منذ عهد السلطنة الزرقاء ، أي منذ خمسمائة عام ، و لكن عليه أن يعلم أن من يريد ان يحكم هذا الشعب السوداني العزيز عليه التوقف فورا عن أي حديث متهور و غير مدروس عن رفع الدعم العشوائي غير المدروس ، ما سيؤدي بالضرورة إلى رفع أسعار السلع الغذائية و عليه أن يتوقف عن رفع الدعم في هذه المرحلة قبل توفير الشروط أعلاه و قبل وضع حصيلة معتبرة من العملات في البنك المركزي أي قبل رفع الدعم عليه أن يقوم بإحداث تنمية اقتصادية شاملة للاكتفاء الذاتي عبر زيادة الإنتاج الزراعي والصناعي و عبر تنمية وتعظيم الصادرات قدر الإمكان وزيادة دخل الدولة والأفراد وتحسين الاقتصاد و أن تكون هناك عدالة في فرض الضرائب. وعلى المدى المتوسط و البعيد يجب مضاعفة إنتاجنا النفطي ومضاعفة إنتاج دولة جنوب السودان وان أكرمنا الله بغاز في البحر الأحمر فسيصل رصيدنا في البنك المركزي الى 100 مليار دولار وحينها واحد دولار سيساوي واحد جنيه.
ختاما لم أرَ السيد حمدوك حتى اليوم يقوم بجولة بالمروحية على مختلف الولايات ليرى المساحات التي يمكن زراعتها ، وليرى وليستمع الى أحلام الناس ،بل هو كسول جدا في هذا الجانب ، يقول جواهر لال نهرو كل شئ يمكن ان يحتمل التأخير إلا الزراعة وفي البرازيل آمن و راهن لولا دي سيلفا بقدرة الزراعة على إحداث التنمية في فجعلها ثامن اقوى اقتصاد في العالم.
طارق عبد الهادي
[email protected]
لك التحيه طارق اتفق تماما مع مقترحاتك القيمه حقيقة مجهود رائع جدا ومبسط وواضح ياريت يجد آذان صاغية من المعنيين بالشأن الاقتصادي أضف الي ذلك علي الشباب التوجه للإنتاج والعمل لأنه دي الثورة الحقيقية والتغيير لايتم بهدر الزمن في المليونيات وقطر عطبرة…الحل ما في البل الحل في العمل فقط كل زول يسأل نفسو آخر اليوم أنتج شنو وساهم بشنو. .كفاية ضياع زمن …الانتاج ثم الإنتاج ده الحل. ..