وداوني بالتي كانت هي الداء

بسم الله الرحمن الرحيم
ظاهرة غريبة نجدها في مواقف وآراء الكتاب والمثقفين المنتمين للتيار الاسلامي في السودان ..المعارضين للتجربة الفاشلة للحكم الذي فرضته جماعة الاسلام السياسي ..فرغم تعدد واختلاف تواقيت وأسباب خلافهم مع الجماعة الحاكمة..إلا أنهم جميعاً وبلا استثناء .. لا يجدون حلاً لاشكالات السودان إلا من خلال نفس المنصة الفكرية.. فتجد نفسك في حيرة من أمرك ..عندما تجد أن رجلاً كان له موقفه الناصع من معارضة حزبه وشيخه عند إقرار مبدأ الانقلاب ..متمثلاً في الدكتور الطيب زين العابدين ..يكاد ينطبق رأيه مع كاتب مهتم بالفكر ما زال يدافع عن التجربة من داخلها مثل خالد موسى دفع الله.. في استمرارية التيار في حكم السودان..فجل المعارضين للتجربة..لم ينظروا يوماً إلى الفكرة نفسها كإشكال ..والمتمثلة في بساطة شديدة..بإعادة إحياء دولة المدينة..مع اختلافات إجتهادية للتأقلم مع الأمر الواقع.. وبالطبع توجد تباينات بين من هم داخل التجربة كخالد موسى الذي يعتبر أن التجربة السياسية في السودان قد بلغت سدرة منتهاها بوصول الاسلامويين إلى سدة الحكم ..في ما يشبه الحديث عن نهاية التاريخ السياسي في السودان !!..وامين حسن عمر في استخدام نفس الأسلحة الصدئة ..في مقابل انتقادات الفشل..بالحديث عن الملاحدة والفساق.. وآخرين منهم ممن فارقوا في مناسبات مختلفة سواء أكانت بالمفاصلة أو بغيرها..أمثال الأفندي والمحبوب عبد السلام وكثيرين غيرهم..ألسنتهم حداد على النظام..ولكنهم في النهاية ..يحيلون كل شئ إلى الانقلاب وطلاب السلطة .. دون طرح السؤال المهم..ما الذي جعل حركة بدأت صفوية ..تقبل في سبيل انتشارها وتحكمها ..كلما كانت تعيبه على غيرها من المرتكزين على التيار الديني مثل الطائفتين التين ما فتئت أقلامهم تنعت الحزب بالاعتماد على الولاء الأعمى الذي لم تجد الاستنارة إليه سبيلا.. في حين يدرس أبناء السادة في بريطانيا .. ولا أنسى تعليقاً لصحيفة الوان وقتها ..إذ روجت لترداد المتظاهرين المنتمين إلى حزب الأمة القادمين من الريف عبارة منظم المسيرة بمكبر الصوت( أمشوا ورا الخيالة) ظانينه هتافاً..ما الذي جعل الحركة التي اجتهدت في تذويب ذلك الفوارق بين الصفوة ..لتزكي القبلية والجهوية وتعتمد على ولاء الزعامات تماماً كالطائفية ؟..وأبناء زعمائها ومتمكنيها يدرسون بذوات الرسوم العالية والجامعات الأجنبية ؟..أهو سلوك فردي ..أم خلل فكري في إغفال قوانين تطور المجتمعات..؟ وما الذي جعل النظام الاقتصادي الذي نادوا بميزان العدالة الاسلامية فيه زمن المعارضة ..إلى أسوأ صور الرأسمالية ..والأنكى الطفيلية..أياً كانت الأسباب ..فإن اجترار نفس المفاهيم السابقة للتجربة..يعني فقدان البديل ليس إلا..رغم تكرار نفس الأزمة عند صعود الاسلامويين إلى الحكم في مصر ؟
ولكي نكون منصفين وواقعيين فإن هذه المشكلة ..تعاني منها كل الأحزاب بتياراتها الفكرية المختلفة بدرجة أو بأخرى..ففشل التجارب لم يغير في قناعاتها كثيراً ..سؤاء أكان في الاتحاد السوفيتي أو في دول التيارات العروبية..أعتقد ان هذا العامل سيظل عادل ضمور لكل هذه التكوينات ..في مواجهة أجيال العصيان ..وحركات الهامش إن ابتعدت عما هو جهوي مع الإقرار بأن الوصم الأخير ..يستخدم كثيراً في غمط الحقوق ..استغلالاً لفوبيا العنصرية والجهوي
[email][email protected][/email]