المهن في الأغنية السودانية.. تمنٍّ ورجاء وصدود.. الدكاترة ولاد الهناء

الخرطوم – أماني شريف
المهن والأعمال أو الأشغال التي يزاولها المرء كمصدر دخل معيشي سواء أكانت في مؤسسات خاصة أو حكومية، تتنوع وتتعدد وتختلف من حيث دراستها وممارستها وأنواعها وأنماطها، ولكل كارزميتها التي تتسم به.
وتعد المهن أيضا مقياساً للحكم على مستوى الفرد من حيث المقدرة المالية والمستوى المعيشي أو الموقع المكاني المجتمعي أي من حيث مكانة المرء متقلد المهنة نفسها.
شغال شنو ؟
وهذا السؤال أول ما يخطر على البال ويجيء في مقدمة التساؤلات الأسرية من جانب أسرة الفتاة عندما يتقدم إليها أحد الراغبين في الزواج منها ومصاهرة هذه الأسرة أن كان غريباً عنها ولا يمت إليها بصلة سواء من بعيد أو من قريب كزميل عمل أو دراسة مثلاً أو قريب إحدى صديقاتها أو حيثما التقته فتم التعارف وجاءت به لاهلها فيكون السؤال التقليدي اعلاه ( شغال شنو ؟ أو مهنتك شنو ؟ ) وذلك بالطبع أن لم يكن لزوم البرستيج في الأساس مثال (بتنا اتقدم ليها واحد شغال كذا) كتفاخر ومباهاة، يكون القصد منه الاطمئنان على مستقبل البنت، وقد نادت الأغنية بهذا كنصح إرشادي بما يحقق الاستقرار الأسري “راجل السترة ما تفكي، لوكي القرضة وامسكي في بيت عيالك ما تخلي”.
ما بدور المزارعية
اهتمت الأغنية السودانية وما يسمى بأغاني البنات خاصة بتنوع المهن وما بين الاستحسان والإقصاء والرجاء والقبول والنداء، وخاصة من جانب الفتيات في حلمهن بفارس الأحلام الذي يأتي ممتطياً سيف مهنته البتار، ويختطفها على ظهر حصان أبيض لينقلها إلى عوالم عش الزوجية الهانئ والسعيد، ولنتجول ما بين سوح هذه المهن، ولنتأمل كل ماقد سبق :حيث تقول إحداهن عن مهنة المدرس: “ياالماشي لي باريس جيب لي معاكا عريس..ـ شرطاً يكون لبيس وفي مهنة التدريس”، وفي زمننا هذا بعد أن تغير الوضع وأصبح المدرس يعاني في ظل مهنته التي أصبحت طاردة لضعف عائدها المادي، وكما يقال بالدارجية “أصبحت ما بتأكل عيش ومابتفتح بيت”.. تحولت كلمات الأغنية وتبدل الشرط لصاحب الأموال ورجل الأعمال وسمحة المقدرة “ياالماشي لي باريس جيب لي معاكا عريس.. شرطاً يكون لبيس وزي صلاح إدريس”.
تنازلات واضحة
وهنالك رأي آخر يقول إنه في ظل عزوف الشباب عن الزواج مع متطلباته ومسؤولياته وغلاء المهور التعجيزي، فإن الفتاة تنازلت عن الشرط أعلاه وأصبح كل أملها في الحصول على زوج بغض النظر عن مهنته أو محدودية وقلة دخله حتى أنها أصبحت تنادي على أبسط أصحاب المهن والدخل (المهدود) بأن “سيد الكارو تعال.. يا أب وجيهاً صارو تعال.. تعال بالعندك تعال.. بيت أبوي بسندك تعال”، وحتى مهنة المزارع التي رفضت في زمان ما لعلها قد أصبح ممارسوها من المقربين بعد أن صرحت إحداهن على لسانها وأخريات “أنا ما بدور المزارعية.. يجيب اللحمة في الطاقية.. أنا ما بدور المزارعية.. ويجيب الخدره يورقا ليا”.
في سيرة الدكاترة
وهذه العبارة الدالة على الإعجاب المبهر وتمني مثلها إنما تجيء للتعبير عن مهنة الدكترة “الدكاترة ولادة الهناء” وتماثلها الهندسة “المهندس رسم البنا”، والأطباء ملائكة الرحمة وكم من مريض هام بطبيبته التي شفي على يديها “يا أمدر الحبيبة يا النادية ورطيبة.. أموت في القصر العيني وتنقذني الطبيبة”. ولا ننسي مهنة المحاماة فقد أعطيت نصيبها في الأغنية السودانية “طيري يا قمرية وركي في الزنكية.. ابقي ليكي محامي واستأنف القضية
اليوم التالي