مقالات وآراء

انفض السامر

حسن إبراهيم حسن الأفندي

لو أن للآجال عمرا يُشترى … لأعيش ثانية وأنظم سُكّرا
تمضي بنا الأيام مرَّ سحابة … ويقال عنا قد قضى متأخرا
فكأن بالأمس القريب أخاله … جئت الحياة لها نثرت معطرا
وكأنني ما زلت في عمر الصبا … لكنما يأتي المشيب مبكرا
وأخادعنَّ النفس لا أُلفى بها … إلا خداعا ظاهرا ومسيطرا
لم يبق من عمر قصير ما يفي … آمال نفس حاذرت أن تحذرا
تمضي السنون على تراب قاحل … ضمَّ الرفات وظل سجنا قاهرا هل يا ترى بالموت أفقد زاخرا … من فيض علم قد جمعت مثابرا .
أم أن بعد الموت ألقى ما أنا … أحببت في دنياي أعشق ما أرى؟
كم من جمال عشت فيه مقيِّدا … نفسي وسرت مع الجمال متى سرى
انفض سامرنا وراح مراحنا … ذهب الشباب وما فتئت معبرا
في كل زاوية لنا أنشودة … عبقت بطيب الياسمين تبخترا
فالشرق يعرفني ويعرف ماهرا … في شعره طرق النداوة أبحرا
خبب , بسيط أو بكامل نظمه … جاء المعاني تستطيب الوافرا
غنى له شعب العراق ومغرب … وأقام دولته قديرا ماهرا
يسعى إليه النابغون مديحهم … حفظ الوداد وللبلاغة سطرا
حتى كأني من عظيم ثنائهم … كانت قلادته المرصع أحمرا
غطى لأكتاف وشاح فخاره … طربا يهز العطف زاد مفاخرا
يا رب يوم كنت فيه مغردا … ما جئت إلا بالجمال مسامرا
ومدحت أفذاذ الرجال ولم أزل … لم أحن رأسا بالدهان مشطّرا
ملك أنا بين الملوك رصيفهم … ركب الصعاب ولا تبختر وازدرى
قالت لي الحسناء وهي ترومني … أكذا تردُّ على غبي اِفترى
أين البطانة في عظيم مكانة … لتردَّ عنك سؤال من لك اشترى
قلت الحياة لنا طريق عابر … نحو الفسيح وللصلافة أنكرا
لو عشت عمرا بعد عمري مرة … أخرى وأخرى ما عرفت تكبرا وحفظت حق الصالحين ولم أزل … أرعى ودادا للذي لي أكبرا
ما راعني إلا قضاء حاذق … خطف الأحبة عائدين إلى ثرى
دمعي أكفكفه بموت عزيزة … فإذا بدمع آخر يهمي جرى
الحزن يعرفني رقيقا باكيا … فأقام خيمته بقلبي عسكرا
ماذا ترى لو عشت قلبا قاسيا … ما حنَّ يوما أو تلفّت للورا
لرأيت من رغد الحياة جمالها … ولعشت عمرا في ربيع مقمرا
سبعون عاما ربما قد عشتها … كانت أرق من الورود وأنضرا
في رحلة أرضت لصدر مائج … حمل المآثر لا يمل لها برى
********
هل لي ببعض العمر أحيا ما مضى … ولجرت كنوز عند كفي أنهرا
لأعود أنفق من جديد على الألى … حُرموا الحياة وما رأيت تذمرا
الصابرون بفقرهم لمصيبة … والمؤمنون بربنا مهما جرى
يا رب إني لم أعش بثباتهم … حين الشديد قد طرقت منابرا
جزعي يؤرقني وعفوك واسع … فارحم لضعفي إذ أتيتك شاعرا
لا لست أطرق غير بابك رحمة … أنت الذي تدري وغيرك ما درى
لوّامتي زجرت لفعل شائن … كم لمت نفسي حينذاك كما ترى
وبكيت إشفاقا بيوم مرعب … رصد الكبير من الأمور وأصغرا
يا ربي فاعصم لي عن الزلل الذي … لا ترتضيه وكن رحيما غافرا .

[email protected]

‫2 تعليقات

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..