مقالات سياسية

هذا هو المطلوب من جولات “عقار” الإفريقية

وائل محجوب

• الجولات الخارجية التي يقوم بها الفريق مالك عقار للدول الافريقية بصفته الجديدة كنائب لرئيس المجلس السيادي، وتلك التي ينشط فيها الموفد الدبلوماسي للفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس السلطة الانقلابية، ومجموعات السفراء التي تتولى الملف، والمطلوب منها تحقيق هدفين؛

– الهدف الأول؛ محاولة خلق منبر افريقي موازي لمنبر جدة، الذي يتمتع بقوة أطرافه والجهات الداعمة له، ممثلة في المجموعة الاوربية والمنظمة الأممية وبعثتها.

– الهدف الثاني؛ كسب الزمن والمناورة بتعدد المنابر، وهي عملية أجادتها مجموعات الانقاذ المتنفذة داخل وجهاز الدولة لسنوات.

• وهذا الهدف الثاني يسعى له الجيش عسكريا للعمل خلال تلك الفترة على التصعيد القتالي المكثف، بهدف تغيير الموازين على الأرض، وخلق واقع جديد تكون الغلبة فيه للجيش عسكريا، ويقلل ذلك سياسيا من فرص الإلتزام تجاه المنبرين، استنادا لقوة الدعم الشعبي الداخلي وعبر خلق واقع سياسي جديد، من خلال هزيمة أو اضعاف الدعم السريع وصولا لفرض إرادة الجيش عليه.

• فيما تسعى له المجموعات المتنفذة من بقايا المؤتمر الوطني، التي تدير المشهد الحالي من الباطن، للتحلل من أي التزام تجاه منبر جدة وإفشاله، والإتجاه نحو تحريك مبادرة افريقية موازية، انطلاقا من منصة الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا “إيقاد”، التي استطاعت السلطة الانقلابية إستبدال رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك من رئاستها عقب الانقلاب، على الرغم من تعارض ذلك مع صحيح الإجراءات وقواعد الهيئة، وتسمية البرهان خلفا له كعضو بالمنظمة حاليا ممثلا للسودان، في خلل يوضح طبيعتها، ومن المعلوم أن الاتحاد الافريقي جزء من الآلية الثلاثية، كما انه قد قام بتجميد عضوية السودان بالإتحاد عقب انقلاب ٢٥ اكتوبر، ولا يعترف الإتحاد بالسلطة الانقلابية، وهو طرف مشارك وداعم للإتفاق الإطاري، لذلك تم تجنب اللجؤ اليه.

• تنبني هذه الاستراتيجية على إغراق مبادرة جدة بمبادرات موازية، على فرضية انه يمكن التأثير على المبادرة الافريقية والتحكم في مسارها، من خلال العمل الدبلوماسي، عبر التدخل في اختيار المبعوثين، ومن يتولون قيادة وتنفيذ الوساطات، وفي امكانية تحديد أجندة الحوار ومساره، بما يفضي لتحويل جانبه السياسي لحوار شامل “لا يستثني أحدا”، وهي العبارة التي ظل يرددها البرهان وقادة السلطة الانقلابية قبل اندلاع الحرب، وتعني شمول الحوار للمؤتمر الوطني.

• هذه المناورة الدافع الأساسي لها أن مبادرة جدة هذه تقف حارسا عليها الولايات المتحدة، بكل نفوذها وقوتها السياسية والدبلوماسية والدولية، وراعيا لها المملكة العربية السعودية، برمزيتيها الدينية والسياسية في المنطقة العربية، بما يعني عدم القدرة على المناورة والإلتفاف، وامتلاك الدولتين للقوة المادية والدبلوماسية الكافية لحمل أطراف النزاع على الالتزام بأي اتفاق يتم توقيعه مستقبلا، بجانب انها تحظى بالدعم بواسطة المنظمة الأممية وبعثة دعم الإنتقال في السودان، بما يعني إكتساب أي اتفاق يتم عبرها لقوة الاعتراف الدولي، ومن ثم يصبح الخروج عليه، ومحاولة تعطيله هي ساحة لمواجهة مفتوحة مع كل هذه الأطراف.

• وغني عن القول ان المرحلة التي يحب أن يدخل اليها التفاوض حاليا عبر مبادرة جدة، هي مناقشة وقف اطلاق النار الدائم وترتيباته الأمنية، بما يحسم وضعية الدعم السريع المستقبلية، وطبيعة علاقته بالقوات المسلحة، يليها مباشرة إطلاق عملية سياسية بمشاركة قوى الإتفاق الإطاري، والقوى الرافضة له وتشمل الأحزاب المعترضة عليه، مثل الحزب الشيوعي وحزب البعث وغيرها من الأحزاب، كما تشمل لجان المقاومة وغيرها من القوى المدنية، تنتهي بتسليم كامل للسلطة لحكومة مدنية انتقالية.

• ومن المعلوم أن هذا الحوار المزمع عقده في المرحلة الأخيرة لمبادرة جدة، لن يستثني جهة خلاف المؤتمر الوطني ولافتاته، وذلك كاف لتوضيح ما هي الجهة الساعية في الخفاء لإفشال تلك المبادرة، ومن تمثل الدبلوماسية السودانية حاليا، ولصالح من يتحرك الفريق عقار.

• يبقى القول ان من يهندسون هذه العملية يتجاهلون حقائق أساسية، هي أن التأثير الدولي قادر على النفاذ وإعادة تشكيل أي مبادرة افريقية لتتلائم مع مطلوبات الحل الجاري حاليا، كما انه قادر على تعطيل أي مسار أخر وعدم دعمه، وخلق موقف اقليمي رافض له ولنتائجه، وأن السلطة الانقلابية لا تحتكم ولا تمثل شرعية دستورية، على عكس وضعية نظام الإنقاذ سابقا، وبالتالي فهي لا تملك التأثير المطلوب لفرض إرادتها على الأخرين.

• بالإضافة الى أن اتساع نطاق العمليات العسكرية، وتزايد أعداد الضحايا من المدنيين والخسائر والأضرار، مع تدهور الاوضاع الانسانية، كلها عناصر تحاصر هذا النوع من التحركات الدبلوماسية، وتدفع القوى الدولية والاقليمية لتحرك مضاد سريع لوقف الحرب، ودفع الطرفين لإنهاء الحرب، بما في ذلك النظر في كافة الخيارات المتاحة وهي أكثر من أن تعد وتحصى.

تعليق واحد

  1. طيب وماذا عن الشعب وبالاخص سكان الخرطوم الذين اكتوا بنار الحرب هل تظنهم سيستقبلون الفاتحين الجدد بالورود.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..