مقالات سياسية
التهافت العلماني

يوسف السندي
حتى لا ينفلت زمام الأمر وتغرق الثورة في مطبات لم تحسب من قبل، مهم ان يتحاور الجميع حول المفاهيم الأصيلة والمفاهيم المرنة القابلة للحركة.
الحكومة الانتقالية بما فيها من مجلس سيادي ومجلس وزراء تنفيذي مفوضة تفويض تكليف وليس تفويض شرعية، وبالتالي لا يمكن السماح بتجاوز المفوض لتفويضه، وإن كان ثمة باحث عن تنفيذ أجندة خاصة به، يؤمن بها، فلينتظر الانتخابات العامة، ويقدم اجندته هذه في شكل برنامج انتخابي لجماهير الشعب السوداني، فإن فاز، أصبح مفوضا شرعا من قبل الجماهير لتنفيذ برنامجه ذاك وما على مخالفيه سوى السمع والطاعة.
المفاهيم الأصيلة التي لا يجوز أن يقتحمها المفوض الانتقالي أولها مسألة الهوية، ثانيها قضية الدين والدولة، ثالثها العلاقة مع إسرائيل. هذه القضايا الثلاث تمثل أساس أزمة الحكم والحرب في السودان، وبالتالي لا يمكن التعامل معها بطريقة احادية كما ظلت تفعل الحكومات الشمولية، ولا يمكن اختطاف المواقف تجاهها ووضع الجميع أمام الأمر الواقع.
الخلاف حول الثلاثية أعلاه عميق ولكنه ليس مستحيل، عميق لجهة أن تعدد الاعراق والثقافات والاديان يعني تعدد المنطلقات وتعدد زوايا النظر، وهذا التعدد لا يمكن توحيده الا عبر منبر جامع يضم الجميع، يناقش فيه الجميع هذه الملفات بشفافية وموضوعية ويتم إصدار دستور دائم بناءا على المخرجات، ليكون هو الحاكم والمرجع.
نعلم أن سقوط نظام الحركة الإسلامية جعل البعض يتهافت على العلمانية التي طرحتها حركة الحلو، هذا التهافت بني على فرضية كاذبة مفادها أن سقوط الحركة الإسلامية التي أقامت حكما دينيا يجب أن يعقبه مباشرة إقامة حكم لا ديني، وهي فرضية متعجلة لا تصدر الا عن ذات علمانية النخاع، لا تتحرج ان تلغي بجرة قلم تاريخ كامل من النضال السوداني من أجل إقرار الحقوق الدينية وبناء وطن مدني تتعايش فيه الأديان في ظل احتكامها إلى شرائعها.
التهافت العلماني قاد إلى توقيع اعلانيين بواسطة رئيس مجلس الوزراء ثم رئيس مجلس السيادة مع الحلو، وهي توقيعات قادة مفوضين وليس قادة شرعيين، وتمثل تجاوزا صريحا وواضحا لصلاحيات الحكم الانتقالي، وقد أعلن ذلك عدد من الجهات في بيانات واضحة على رأسهم حزب الأمة القومي، مبينين ان قضايا الدين والدولة مكانها المؤتمر الجامع/ الدستوري وليس اتفاقيات السلام الثنائية، وهذا موقف منسجم مع طبيعة بناء الدولة الديمقراطية، ان يحتكم الناس إلى الشعب لا ان يفرضوا عليه ما يرون.
كذلك الحال بالنسبة لقضايا الهوية والعلاقة مع إسرائيل، لا مكان لفرضهما بقوة السلطة، وإنما مكانهما المؤتمر الدستوري والبرلمان المنتخب، على التوالي.
حكومة الثورة تغرق في قضايا معاش الناس، تغرق في الاقتصاد وفي الخدمات العامة، يكفيها هذا الغرق، لا داعي لفتح ملفات اضخم وأعقد، قد يتساير الناس مع قضايا الاقتصاد، ولكنهم لن يتسايرو مع فرض الأجندة الذاتية بقوة السلطة في قضية مثل العلمانية كما يفعل العلمانيون، الكيزان فعلوا ذلك حين فرضوا على الشعب ما يرون هم لا ما يستفتون الشعب عليه، فكانت النتيجة انتفاضة جماهيرية عظيمة أطاحت بهم من مقعد السلطة، والعاقل من اتعظ بغيره.
قضايا الهوية و الدين و الدولة تحدد ان يكون السودان او لا يكون فينبغي البت فيها قبل اي انتخابات او مؤتمر دستوري و اول الاجندة في اي مباحثات سلام لانه يمس اقليات و الانتخابات و المؤتمر الدستوري ستمر فيه القرارات بالاغلبية و هي دوما اغلبية ميكانيكية سطحية يمكن تجييشها و شيطنة الاخر الساعي للمواطنة الحقيقية و سلب مستحقاته فقبل ان تكون هناك انتخابات او مؤتمر دستوري يجب ان نعرف انفسنا من نحن اولا و هدا السؤال هو سبب مشاكل السودان
اما العلاقة مع اسرائيل فامر لا يهدد وحدة السودان بل يتعكس اثره السلبي علي مصداقية الدولة ان تكون صديقا مطبعا لدولة مغتصبة بالقوة علي ارض الغير و ممارسة للقتل و التمييز العنصري باسم الدين و الحق الالهي فما لا تقبله علي شعبك يجب ان ترفضه لاي شعب اخر دعك من اي شيء اخر
ينصر دينك ، يا دولة علمانية تقوم على العلم والعلوم يا دولة دينية تقوم على الغيبيات والافتراضات والخرافات وفي النهاية تجد نفسك باسم النبي تحكمك القبور
ما هى مشكلتكم وثاراتك مع العلمانية؟؟
ذكرتنا باصرارك على الاقحام القسرى للعلمانية والعلمانيين فى كل سطر بقصة زميلنا يسارى ودمدنى المنظراتى فى لقاء الشلة كعادته استلم البلولة الحضور وشرع فى تحليلاته المملة المطولة حول البرجوازية وتوهط وتعمق فى التحليل وحلق حتى بلغ ذرى غرامشى ومخائيل سوسلوف ….
ولما طفح كيل الضجر انبرى له صديق خرطومى بصوته المترع البطئ المخارج:
اثمع يابن العم شابكنا … برجوازية … برجوازية… انت البرجواثية دي ضقتها!!! آها آها ضقتها؟؟
انت يا السندى، العلمانية المجننا بيها دي … ضوقتها!! ضوقتها …
ولا قايم بيك الراتب زى زولتكم المنصورة وبقيت تهضرب على كيفك ساي؟؟
طبعا فى مخيلة السندى أن معظم الشعب من الرجرجة و الدهماء و الاميين , و سيكون من السهل سواقتهم بألخلا و سيظلوا لقمة سائغة للاحزاب الرجعية الطائفية”أنظروا ما فعلته الطائفية اليوم بلبنان” السندى لا يريد أن يفهم أن سودان اليوم يختلف تماما عن سودان كانت تهيمن على مسرحه السياسى حزبى الطائفية الفاشلين الفاسدين, و أن أجيال السودان الجديدة لن تقبل بأن يعود السودان مجددا الى الوراء, أصحى يا سندى و أنفض عنك غبار التبرك بألاسياد الذى مضى عهده و لن يعود.
يوسف جليطة دا كوووووز