مقالات وآراء سياسية

ما بين البرهان وقوش: عودة النظام السابق وأحلام الرجوع…

علي جعفر

✍️ ما بين قوش المتهم الأول من قبل كوادر المؤتمر الوطني، في الغدر بحكومة البشير، وقد صرّح معظمهم بأنّهم قد تعرضوا لخيانة في الاطاحة بهم، وما بين البرهان ورفقائه من المجلس العسكري.. شركاء الثورة.. ومنفذي الاطاحة بنظام البشير.. تقف أماني وأحلام الكثيرين من مناصري وكوادر النظام السابق آملة في رجوع كيانهم السياسي لقيادة الحكم بالبلاد..

✍️ المطالبة بتفويض الجيش، والتغنّي بسياسات قوش من خلف كواليس الحكم الانتقالي، يعكس تماماً مدى ايمان وقناعة مناصري وكوادر النظام السابق في أن يستلم قوش والبرهان ورفقائه حكم البلاد يوماً ما ليعودوا لمواقع السلطة من جديد..! غريبُُ جداً أن يعشم المرء في جلّاده الذي أطاح به وقضى على سلطته في أن يحيا على يديه من جديد..!!

✍️ صحيح أنّ قوش والبرهان ورفقائه، هم صناعة كيزانية، ولكن المجهودات الكبيرة التي بذلوها في الاطاحة بنظام حكم البشير وتشليعه بهذه السياسات الواضحة للعيان، من اقالات بالجملة عبر تفكيك التمكين ومن مصادرات وسجن قيادات كبيرة بلا محاكمات عادلة، وفيهم من وافته المنيّة.. وفيهم من يقبع بالسجن مريضاً.. تدل تماماً على كفرهم وعدم قناعتهم بنظام الحكم الذي عملوا فيه وتقلدوا فيه أرفع المناصب.. وبأنّهم قد انتهجوا نهجاً سياسيّاً جديداً.. قد يجمع بين أسلمة الدولة وعلمانيتها، كما هو الحال في السعودية والأمارات.. مما يعكس تماماً أنّ رجوع النظام السابق أمراً مستحيلاً في ظل المستجدات الداخليّة الراهنة بالسودان وفي ظل تقاطعات الأجندة الإقليمية الدولية وتأثيراتها على السياسة السودانيّة..

✍️ من الجهل السياسي بمكان أن يحلم بعض الاسلاميين بعودة أيامهم الخوالي في عهد البشير عبر البرهان أو قوش، فآثار الظلم وحماية الفساد التي خلفها النظام السابق، تجعل أي قائد سياسي يحلم بمستقبل وطني باهر، يبتعد تماماً ويلفظ أي صلة له أو عمل يُمكن أن يجمعه بنظام البشير، حتى يستطيع أن يكون مقبولاً شعبيّاً وله قواعد جماهيرية تؤمن بمقدراته في التغيير..

✍️ لذلك على حلفاء ونصراء وكوادر النظام السابق طريقين لا ثالث لهما، إما الايمان بالتغيير السياسي المنهجي الذي حدث لهذه القيادات التي يعشمون في الرجوع عبرها.. وهذا الطريق يحتّم عليهم الانخراط في هذا التغيير والمساهمة في انجاحه.. أو الطريق الثاني.. وهو تكوين جسم سياسي جديد برؤية جديدة يستطيعون عبرها تصحيح ما اقترفته أيديهم من جرائم ومظالم ضد الوطن وشعبه.. أما بقائهم هكذا يحلمون بالرجوع والعودة عبر قوش والبرهان.. فهذا هو الجنون السياسي بعينه..

✍️ المغزى من كتابة هذا المقال، أن يكف البعض عن تمنّي التدهور الاقتصادي للوطن.. فمن الخيانة الوطنية بمكان أن تتمنى ارتفاع الدولار واحتقان الحالة الاقتصادية وضيق المعيشة على المواطن.. حتى تسقط حكومة حمدوك.. فالذي يدفع الثمن هو المواطن المغلوب على أمره..

✍️ ننتقد كل أخطاء الحكومة الانتقالية بمهنية عالية.. ونتمنى تغييرها الآن قبل غد بحكومة وطنية خالصة.. ولكننا لا نتمنى التدهور الاقتصادي للبلاد لتسقط الحكومة.. فالوطن لا يُمكن أن يكون عُرضة للتنافس السياسي الغير شريف..

علي جعفر

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..