سكري الأطفال.. لكل داء دواء ولكن

الخرطوم: زهرة عكاشة

يُعد مرض السكري من أخطر الأمراض التي تصيب الإنسان، لما يحتاجه من رعاية وعاية فائقة واستمرار العلاج دون توقف، لاسيما الذي يصيب الأطفال في سنينهم الأولى وهم ليسوا على دراية ووعي كافٍ بماهية المرض، وما إلى ذلك، فبمناسبة اليوم العالمي لمرض السكري أقامت الجمعية السودانية لسكري الأطفال ندوة تثقيفية عن سكري الأطفال بمركز الفيصل الثقافي آخر الأسبوع الماضي، للتعرف على المرض ومدى خطورته، وكيف يمكن للطفل التعايش معه بمساعدة أسرته، بالإضافة إلى توعية المجتمع ورفع قدراته في التعامل مع الطفل المصاب.

اتفق المتحدثون على ضرورة توعية المجتمع وتدريبه من خلال تكثيف البرامج التوعوية والتثقيفة. وأكدوا أهمية الدعم لاسيما في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الجميع والغلاء الذي ضرب البلاد.

نقص الأنسولين المطلق

قال استشاري الأطفال والغدد الصماء د. بشير مختار الوسيلة إن السكري مرض يصبح فيه دم المريض و(بوله) محتويين على كميات زائدة من السكر (الجلكوز) ما يسبب للمريض عدداً من الأعراض والمضاعفات، مؤكداً أن إصابة الأطفال بمرض السكر بدأت تتزايد عالمياً، لاسيما السودان، وقد بدأنا نستقبل حالات كثيرة منه، مشيراً إلى أن أغلب المشاكل التي تواجههم ضعف ثقافة المجتمع عن المرض، وجهل الكثيرين كون أنه يمكن أن يصيب الأطفال كما الكبار تماماً.

وأبان أن مرض السكر يمكن أن يصيب الأطفال من عمر الولادة، وفي سن الطفولة والشباب، لكنهم يصابون بالنوع الأول منه، الذي دائماً ما يحدث عند نقص نسبة الأنسولين المطلق من خلايا الجسم، أما السكري المعروف الذي يصيب الكبار ينتج من زيادة مقاومة الخلايا لفعل الأنسولين، وفي بعض الأحيان يصاب الأطفال بالمرض وهم في بطن أمهم.

ولفت د. بشير إلى أن أعراض المرض بسيطة ويمكن أن تلحظها الأم أثناء متابعتها اليومية لطفلها، في إشارة منه إلى تناول الطفل لكميات كبيرة من الماء، أو تجده كثير (التبول)، أو رجع إلى (التبول) على الفراش ليلاً، أو ظهر عليه ضعف عام في صحته، وهزل جسده وقل نشاطه، نتيجة لشعوره بالتعب، إضافة إلى فقدان الشهية وألم في البطن، وقال في حال ظهور هذه الأعراض على طفلك يجب عرضه على الطبيب في الحال، وذلك حتى لا يصاب بغيبوبة كتونية (فقدان الوعي)، ولتقديم النصح والإرشاد لجميع الأسرة.

وأوضح أن النوع الأول من مرض السكري لا يعالج إلا بالأنسولين حتى الآن، لكن مازالت الأبحاث جارية تحاول الخروج بعلاج آخر بديل للأنسولين. وأضاف: حتى ما يشاع عن العلاج البلدي أو الطب البديل لم يثبت علاجه للمرض، وهذا ما نود أن نوصله للجميع.

وأوصى استشاري الأطفال بضرورة تناول العلاج في وقته المحدد، وقال إن أخذ العلاج بصورة مستديمة ومستمرة سيحقق أعلى نسب العلاج، وبالتالي يمكن أن نتجنب كل المضاعفات التي يمكن تصاحب المرض، ويمكننا بذلك التحكم في المرض بصورة جيدة، ونحوله من عدو للشخص المريض إلى صديق له، ودعا المواطنين إلى معرفة أسباب المرض وأعراضه ومضاعفاته حتى نتمكن من علاجه بصورة أمثل.

طرق مثلى

وأشارت اختصاصية التغذية بالجمعية السودانية لسكري الأطفال هاجر إبراهيم إلى أن مهمتهم توجه وإرشاد المرضى إلى الطرق الغذائية المثلى التي يجب أن يتبعونها كنظام غذائي مدى العمر. وقالت على مريض السكر تناول الوجبات الثلاث الرئيسية، بالإضافة إلى وجبات خفيفة ما بينهم لمنع أعراض انخفاض السكر التي يمكن أن تحدث للمريض لعدم تناوله الوجبات بانتظام.

وطالبت هاجر المرضى بالابتعاد عن تناول الحلويات بكميات كبيرة، حتى لا يعرضوا أنفسهم خطر ارتفاع نسبة السكر في الدم الذي يؤدي في كثير من الأحيان إلى (كومة). ونبهت من خطورة تناول المياه الغازية بكميات كبيرة، وقالت يمكن استبدالها بالعصائر الطبيعية لقيمتها الغذائية العالية، واحتوائها على الفايتمينات والأملاح المعدنية المفيدة للجسم.

ونادت هاجر بالابتعاد عن الدهون التي يمكنها أن تضر الإنسان، والتي تتركز في الشحوم والسمن، كما طالبت بالابتعاد عن الزيوت النباتية لاحتوائها على نسبة عالية من الكوليسترول الضار، خاصة للذين أصيبوا بمضاعفات المرض من ضغط وقلب، التي تحدث في أغلب الأحوال نتيجة لاحتواء غذائنا على كميات عالية من الدهون التي يمكن أن نقللها بالإكثار من تناول الخضروات والفواكهة مرتين أو ثلاث خلال اليوم، لاسيما التي تحتوي على الألياف، لأنها تعمل على امتصاص الدهون من الجسم وتسهل الحركة، وتساعد على الإخراج بطريقة سهلة ومريحة.

ووجهت المرضى على ضرورة ممارسة الرياضة لحرق السعرات الحرارية الزائدة، وقالت من المهم تنظيم الغذاء واتباع تعليمات الطبيب في تناول العلاج، التي تضبط نسبة السكر وتمنع خطر حدوث (الكومة) أو أي اضطرابات أخرى يمكن أن تحدث للمرضى.

التوعية ضرورية

أكدت الاختصاصية الاجتماعية نوال السنوسي أن المجتمع يحتاج إلى توعية في كيفية وطريقة التعامل مع الأطفال المصابين بمرض السكري، خاصة وأن الأسر تحاول باستمرار خفاء الأمر على المدرسة، والأخطر من ذلك أن هناك أسراً بمجرد معرفتها بإصابة طفلها بالسكري تمنعه من مواصلة تعليمه. وقالت إن هذا التصرف من الأخطاء الشائعة الناتجة عن جهل المجتمع بالمرض. وناشدت الأسر بالتخلي عن هذا الأمر وإخبار المدرسة بما يعانيه طفلها وعدم منعه. وتابعت: من الضروري أيضاً إخبار الطفل بمرضه، وكيف يمكن أن يتصدى لهذا المرض المزمن الذي سيصاحبة مدى العمر.

ولفتت نوال إلى أن هناك كثيراً من الأسر تساهم بشكل كبير في تحطيم نفسية الطفل المصاب، وتنمي بداخله الإحساس بالإحباط بأن لا مستقبل له لأنه مريض بالسكر، لكن أثبتت التجارب من خلال متابعتي أن مرضى السكري من الأطفال موهوبون ولديهم الرغبة في النجاح، فهناك أطفال أصيبوا بالسكري في سنوات عمرهم الأولى، فاجتهدوا حتى تخرجوا من أفضل الكليات الجامعية.

وطالبت الباحثة الاجتماعية الدولة بدعم علاج مرض السكري، وأن تسعى لتوفيره لكل الأطفال بدون استثناء سواء كانوا من أسر محتاجة أو غير ذلك، لأنه – بحسب نوال – مرض مكلف وسعره في ارتفاع متواصل، ولن يكون بمقدور المريض تناوله، خاصة وأنه يصاحبهم مدى العمر، وقالت إن أبسط دعم ولو قليل يمكن أن يساهم في حل المشكلة.

اليوم التالي

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..