مقالات سياسية

حمَّالة الحطب.. السياسة

عثمان ميرغني

ملاحظة مثيرة للدهشة،  في السودان أكثر المناطق ثراءً أكثرها  دماءً، دارفور متخمة بالثروات ما ظهر منها فوق الأرض وما بطن تحتها، وبها جبل مرَّة، جنَّة الله في الأرض، تحوَّلت إلى واحدة من أفجع المآسي الإنسانية على مستوى العالم.
جنوب كردفان من أخصب الأراضي  أنعم الله عليها بالماء والثروة الحيوانية  والذهب أيضاً، وهي مسرح للحروب الأهلية حتى اليوم.
النيل الأزرق تُسقى من عين جارية لا تنقطع عنها المياه وأرض خصبة على مد الأبصار، وفيها واحد من أهم مصادر الطاقة الكهربائية، خزان الروصيرص، ومع ذلك سالت دموع أهل السودان وهم يرون الاقتتال الأهلي العبثي الذي لا يزال يريق دماء مواطنين أبرياء يشهد لهم الجميع بالتسامح والتعايش المسالم  بين عدة قوميات ولقرون طويلة.
ما الذي يجري في السودان؟
بلا أدنى شك خيط واحد يربط كل هذه الحروب العبثية، وهو الاستخدام السياسي للقبيلة، وإثارة الكراهية بين المكوِّنات المجتمعية لتصبح مطيِّة للأجندة السياسية والمصالح الضيِّقة.
عندما يجد السياسي نفسه قاصراً عن خدمة وطنه ومواطنيه، ويجد نفسه غير قادر على أن “يشرعن” وجوده في سُدة الحكم فإن أسهل ما يفعله أن يركب فوق الغبائن ويزرع الفتن وما أسهل زراعة الفتن.
تحدثت هاتفياً مع مواطنين في النيل الأزرق شهود عيان على المعارك التي دارت خلال الأيام الماضية، قدَّموا لي وصفاً حيَّاً ودقيقاً لما يجري على الأرض، أحد هؤلاء الذين كنت أتحدَّث إليهم أصيب في اليوم التالي لحديثي معه بالرصاص وقبل يوم واحد أصيب شقيقه -أيضاً- رمياً بالرصاص عندما كان في طريقه لأداء الصلاة بالمسجد.
من تفاصيل الصورة التي سمعتها من شهود العيان، ما يجري في النيل الأزرق جريمة مكتملة الأركان وبفعل فاعل، دائماً خلف كل مذبحة أهلية مستفيد يتغذى بالدماء.
وما لم يظهر العقلاء قبل فوات الأوان فإن الشعب السوداني كله سيدفع الثمن.
تفاصيل الأزمة في النيل الأزرق واضحة المعالم، هذه الولاية فيها نسيج اجتماعي من عدة قوميات ظلت تتعايش، بل وتتصاهر وتتبادل المصالح بلا أدنى غبن. وكانت من أكثر الولايات أمناً، يستطيع المرء السفر من الدمازين إلى الكرمك أو قيسان راكباً أو حتى مشياً على الأقدام بلا أدنى خوف على نفسه وماله وعرضه. بعض الزملاء من منطقة قيسان حكوا لي كيف أنهم عندما  كانوا يعودون  في العطلة من الجامعة يضطرون للسفر أياماً وليالٍ من الدمازين إلى قيسان، وأحياناً في موسم الأمطار ولا يحفهم سوى الخضرة  وجمال الطبيعة.
نفس هذه المنطقة المترفة بالخيرات تحوَّلت خلال السنوات الماضية إلى ميدان حرب مترامي الأطراف، والآن وحتى بعد توقيع اتفاق السلام بجوبا في أكتوبر 2020م، تتحوَّل مرة أخرى إلى ساحة مجزرة كبرى، لا يعرف القاتل فيما يَقَتُل ولا المقتول فيما قُتل.
الأمر لا يسمح بترف الانتظار، ولا تعرُّجات السياسة التي تدور حول الكراسي والمناصب، يجب الآن أن يتحرَّك العقلاء ليس لإنقاذ النيل الأزرق وحدها، بل كل السودان، فالذي يجري لن ينتهي عند الانهيار، بل ربما ما هو أبعد من الهاوية.
يا شعب السودان، احموا أرضكم ووطنكم.

‫11 تعليقات

  1. يا شعب السودان، احموا أرضكم ووطنكم. …………………..لانستطيع والسبب البرهان الرجل يقتلنا ويدهسنا تتظاهرة سلمية وما يجري بالنيل الازرق هو نفسه السبب والمستفيد الاوحد هو البرهان راجع فيديو البرهان بالابيضاب

  2. بل الشعب قادر على حماية وطنه وارضه برغم كيد الأحزاب وأصحاب المصالح الشخصية.. أليس الصبح بقريب.

  3. إنت يا عثمان ميرغني ما تنصح اخوانك الكيزان الخليتهم زمان نصيحتك دي بس للشارع و الاحزاب انصح البيقتلوا و يغتصبوا و يفتنوا القبائل ديل
    عامل فيها موضوعي هسه الناس لو اتنازلت و قعدت مع الانقلابيين ديل بي كيزانهم و عفو القتل و القروش الاتنهبت في ال30 سنة بتاعتهم تفتكر الانقلابيين و الكيزان ديل بيخلو الناس تعيش في سلام و الله ما يخلوهم ديل اصلو كده يا نحكمكم يا نقتلكم

  4. دا بسببكم انتم يا جخسات الجبهة المتاسلمة ،،، انتم السبب و ما تعمل لينا رايح ،،، يوم ان ارتكبتم جريمتكم المسماة الالغاز ،،،، تداعيتم كلكم اولاد الترابي علي ارض السودان الوادعة فاحلتموها الي يباب لن ننسي انك كنت من اكثر المتحمسين لنظام الترابي الانقلابي و كنت من المدافعين عن هولاء الجخسات الانقاذية لن ننسي و القصاص راجيكم ،،،

  5. هذا الاخيب عثمان ميرغني لم يجرء على قول شئ كلام عام ممجمج لا تخرج منه بشئ يآخي أخجل وكن شجاعا وسمي الأشياء بمسمياتها

  6. اي قبيلة تم ربطها من قبل القيادات الاهلية بانتهازية مع السياسة يعيشون في بحبوبة والضعفاء من ابناء القبائل يدفعون الثمن وسوف يدفعون الكثير لانهم الانتقام يبدأ في الحلقة الاضعف من الكيزان او من يعتبرهم الاخرين كيزان لو توجد نخبة واعية عليهم اخراج قبائلهم من مستنقع السياسة وبالتحديد المتاجرة بالدين في استفزاز واضح للاخرين وكأنهم اولياء الله في الارض

  7. هذا القبيح غواصة كيزانية تابعوا مداخلاته في الإعلام يحاول دوماً تثبيط همم الثوار وتمجيد حريم اللجنة الأمنية !!!

  8. يا هارون خلي يكتب هو الكتابة بقروش . لاكن شوف حميدتي سفير لروسيا مبعوث مفاوضات جوبا رئيس لجنة اقتصادية لجنة حل مشكلة شرق السودان قائد قوات الدعم السريع نائب رئيس مجلس انقلابي رئيس لجنة المصالحات بدار فور الان تفتكر هو ولا عثمان ميرغني مهندس كمبيوترات . وحميدتي تاجر ابل ومندس ابادة جماعية

  9. مادامة ميزانية التعليم واحد في المئة، من ميزانية الدعم السريع والقوات النظامية، لابد ان يكون الجهل وغانون الغاب هو السائد…!!!
    ان كانت هنالك مؤسسة عسكرية وطنية لما ظل البرهان وكيزانه ساعة بعد خطابه المتخلف على قيد الحياة.
    الثورة والمدنية الكاملة، دولة القانون لوضع حد للجهل والتخلف الحاصل…
    لا بد من انجاح الثورة، وتاسيس مؤسسة قضائية عدلية متكاملة والبقية سوف تدبع صاغرة.
    الدعوة للفتة والقبلية بالاضافة للمال العام قضايا أمن قومي..، واعلى عقوبة في الدولة للداعين ومرتكبيهما..!!

  10. في تقديري، سبب إراقة الدماء بسبب أو دون سبب – في تلك الأماكن التي أشرت اليها – هي النعمة الزائدة والثراء الكامن ظاهرا وباطنا، فلو تلك الجهات كانت أرضا بلقعا لا زرع و لا ضرع ، لأنصرف الكل بحثا عن لقمة العيش وتآخو وتحابو وتعايشو في ود وسلام، لكن، فبصرف النظر ، عنما جرى وما سيجري – لا قدر الله – فالأمر برمته مسئولية الدولة – دولة القانون والعدل.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..