مقالات سياسية

فى عيد ميلادها ال73 هل شاخت سودانير قبل الأوان؟

امير شاهين

العيد السنوى للخطوط الجوية السودانية يوليو 2020
يوليو 1947 – يوليو 2010
فى عيد ميلادها ال73 هل شاخت سودانير قبل الأوان؟ الحلقة الثانية و الاخيرة

يقول الحكيم  الصينى كونفشيوس” « دراسة الماضي مهم لمن بريد التخطيط للمستقبل «

فى الحلقة الاولى تطرقنا الى الوضع الشاذ و الغريب الذى تعيشه الخطوط الجوية السودانية، فالخطوط السودانية و التى بدات سفرياتها فى العام 1947 بعدد 4 طائرات صارت الان  فى العام 2020 و بعد مرور 73 عاما من تاسيسها  تمتلك طائرة واحدة فقط ! وايضا تمت الاشارة الى الاسباب التى اقعدت بالناقل الجوى العتيد ومن اهمها هو التدخلات السياسية التى كانت تفرض ادارات و عاملين بعيدين بعد السماء عن الارض فى مجال الطيران حيث كان مبدأ ” الولاء قبل الكفاءة” المدمر هو السائد , ومن الاسباب ايضا و على المستوى العالمى فقد كان لتاثير العقوبات الامريكية و ادراج السودان من ضمن الدول الراعية للارهاب قد فاقمت مشاكل سودانير و زادت الطينة بلة، ففي 18 أغسطس 1993، أدرجت وزارة الخارجية الأميركية، السودان، ضمن قائمتها للدول التي ترعى الإرهاب واتهمته بأنه يسمح باستخدام أراضيه ملجأ للذين تصنفهم بأنهم إرهابيون , 13 نوفمبر 1997 أصدر الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، أمراً تنفيذياً طبق بموجبه عقوبات اقتصادية وتجارية ومالية شاملة على السودان تحت مبرر دعمه للإرهاب الدولي ,كان هذا القرار بمثابة اطلاق رصاصة الرحمة على سودانير  , هذا القرار قد تضررمنه الجميع فى السودان وبدرجات متفاوتة بالرغم  من مكابرة اهل الانقاذ و اظهارهم التحدى و عدم المبالاة تجاه تلك العقوبات الا انها و بدون شك كان لها تاثير متفاوت على الجميع ولكن بالطبع فان سودانير كانت من كبار المتضررين و لا زالت من القرار  !!

•        وبدا واضحا  تاثير القرار القاتل على سودانير  فى  عدم قدرتها  فى شراء الطائرات العالمية( الطائرات المصممة و المصنعة لقطع المسافات المتوسطة و الطويلة) لان هذا النوع من الطائرات   قد  انحصر تصنيعه على مستوى العالم فقط فى شركتى البوينغ الامريكية و الايربص الاوربية ولا ثالث لهما  على خلاف سوق الطائرات الاقليمية المخصصة للسفر الداخلى او الاقليمى. التى توجد العديد من الشركات المصنعة لها

•       ظلت الخطوط السودانية تعانى اشد المعاناة من هذا الحظر الذى يمنعها من امتلاك الطائرات العالمية و الاهم قطع الغيار وقد استغل الوسطاء و السماسرة هذا الامر و تحصلوا من الخطوط السودانية من مبالغ باهظة جدا فاقمت من المشاكل المالية للشركة

•       الحكومة تتعامل مع سودانير بمنطق الاستغلال و الاستعباط فعندما تحتاج الحكومة لخدمات سودانير فهى تلجأ اليها بوصفها الناقل الوطنى و كثيرا ما قامت سودانير بخدمة الحكومة و العاملين فيها وفى بعض المرات بدون مقابل او مماطلة فى دفع مستحقات سودانير المالية والتى كان من اسباب تدهور سودانير هو تراكم مديونيتها على الحكومة و عدم السداد يعنى بالدارجى كدة بيسافروا (ملح)

•       وفى المقابل و عندما يحين الدور على الحكومة لتقوم بواجباتها و مسؤلياتها تجاه هذا الناقل الوطنى فهى كما يقول المثل تعمل ( أضان الحامل طرشاء) وتجد البعض يتحدثون عن ضرورة خصخصة الناقل الوطنى و دعم الشركات الخاصة  و اخرين يقولون لا نحتاج لناقل وطنى فهذا الطرح اصبح غير معمول به فى زمن العولمة !! و اخرين يتحدثون عن السماوات المفتوحة و ضرورتها فى السودان !!

وبكل بساطة فان  الحكومة تتناسى او تتجاهل بان الناقل الوطنى  يجب ان يتمتع بحماية و دعم الدولة خصوصا فى البلاد الفقيرة و النامية   , وقد ظهر مفهوم الناقل الجوى الوطنى او حاملة  العلم الوطنى National flag carrier عقب توقيع اتفاقية شيكاغو فى ديسمبر1944 و الموقعة فى ذلك الوقت بواسطة 52 دولة لتصبح الاساس المتين العالمى لتنظيم انشطة الطيران المدنى على مستوى العالم وقد تم التعريف بان الناقل الوطنى  يكون مملوك للدولة و يقدم خدماته فى النقل الجوى الامن و باسعار فى متناول اليد مقابل تسهيلات و امتيازات تمنحها البلد للناقل الوطنى . ومن يومها و تقريبا جميع بلدان العالم تمتلك ناقل وطنى و فى بعض البلاد يوجد اكثر من ناقل وطنى واحد . والى يومنا هذا لا تزال اغلبية بلاد العالم تمتلك  ناقلات جوية وطنية اما امتلاك كامل او مختلط مع القطاع الخاص ,  ومن اهم ما يقوم به الناقل الوطنى مقابل الحماية و الرعاية من الدولة:

•       نقل المسافرين داخل و خارج الوطن بسلام و خدمات جيدة و اسعار معقولة
•       ربط اجزاء الوطن ببعضه البعض و الوطن بالدول الاجنبية
•       توفير العملات الصعبة للوطن
•       نقل الصادرات السودانية الى الاسواق العالمية و احضار الواردات و البضائع و مدخلات الانتاج باسعار زهيدة
•       الوقوف مع الشعب السودانى فى المناسبات القومية
•       ترقية خدمات الطيران من خلال التدريب و التزويد بالكفاءات
•       تقديم و توفير كل الدعم للسودانيين من خلال برامج المسؤؤلية الاجتماعية

ان حديث بعض الدول الكبرى  عن ضرورة فتح الاجواء و تحريرها  تماشيا مع متطلبات العولمة و تحرير الاقتصاد ما هو الا للاستهلاك العالمى وذر الرماد فى العيون و الغرض منه السماح لناقلاتها بالعمل بحرية فى البلاد الاجنبية  لا السماح بالعكس ,واذا نظرنا الى دول المنطقة نجد الدعم المالى و المعنوى اللا محدود الذى تقدمه الحكومات لناقلاتها الوطنية  وان ادعت بعض الدول بعدم فعل ذلك     ومثال على ذلك ان غالبية شركات الخطوط الجوية فى المنطقة تتمتع بحماية و رعاية بلدانها    مثل الخطوط المصرية(مصر للطيران), الخطوط السعودية, الخطوط الاثيوبية, الخطوط الكينية, الخطوط الاردنية(الملكية الاردنية), القطرية, الاماراتية  الخ.

والسؤال الآن هل تستطيع الخطوط السودانية النهوض من كبوتها الحالية و العمل من جديد كشركة طيران تمتلك الكثير من الطائرات و تشغل سفريات الى  كل بقاع العالم ؟؟   و الاجابة  هى نعم  تستطيع ذلك  وباتباع  الاتى وبعد ازالة العراقيل العالمية المتمثلة فى وضع السودان فى قائمة الدول الراعية للارهاب:
فى البداية لابد من تحديد رؤية و مهمة الشركة بوضوح Vision and Mission

•        تحديد الاهداف التى يجب ان تحقق فى كل خمسة سنوات وصولا الى تحقيق رؤية الشركة.
•       نقترح ان يكون الهدف الاول هو عودة السفريات المنتظمة بخدمات جيدة الى المحطات الداخلية و الاقليمية بهدف اعادة الثقة للناقل الوطنى من قبل الجمهور ولتحقيق هذا الهدف لابد من الآتى:
•       التزام الحكومة الجاد بدعم الخطوط السودانية و تذليل الصعاب التى تواجهه مع التأكيد بعدم التدخل فى سير العمل بالشركة.

•       السعى لشراء طائرات حديثة و باعداد تتناسب مع تحقيق الاهداف المذكورة أعلاه.
•       السعى لاستقطاب و تعيين الكفاءات بمواصفات عالمية و الابتعاد عن المحسوبيات و الوساطات و الاعتبارات السياسية والجهوية و القبلية فى التعيين و التى اضرت ضررا بليغا بالناقل الوطني.

والله المستعان

امير شاهين
[email protected]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..