انتشار بقعة الإلحاد وسط الشباب.

قبل سنوات عِددا، وفي احدي مراكز التسوق الضخمة رايت شابا مهذبا يجلس علي الكراسي الوثيرة تلك، لفت نظري فيه انه كان يتعنق في عنقه بصليب ضخم يزين صدره، من هيئته يبدو انه من الوسط النيلي يعني (ود عرب) كما يبدو للبعض إن يسمون أنفسهم، تجاهلت امر الصليب ففي النهاية هذا شيء يخصه، كان الشاب علي ما يبدو في انتظار زوجته (سودانية طبعن) والتي خرجت لتوها من احدي محلات الشوبينغ بذات المركز، تجر معها طفل ابن خمسة، أعوام كانت أيضا ترتدي صليبا ضخما علي عنقها، سلمتُ علي الشاب وتعارفنا خلاصة الموضوع، قال انه وزوجته -بنت عمه-، قد ارتدوا من الإسلام إلي المسيحية، وان المسلمين والقران لا يدعوان ألا إلي القتل والسبي والضبح، وفي لبنان إبان دراستي الجامعية التقيت بصديقي (ن .م) ترك جامعة الأزهر كلية الشريعة وجاء إلي بيروت، كان مؤذنا لمسجد في امبدة ، كنا نتقاسم غرفة واحدة، بعد ثلاث سنوات ارتد وسكن حي الاشرفية جوار الكنائس يصلي يوم الاحد معهم بانتظام ويرتدي زي الرهبان، من كان يعتقد إن أبناء دارفور الذين كانوا يكسون الكعبة يرتد بعضهم؟؟ في احد العواصم التي لا توجد بها كلاب ولا قطط ضالة، التقيت بنفر من عيال دارفور ارتدوا إلي المسيحية بحجة ان العرب والمسلمين بالسودان حرقوا قراهم واغتصبوا نساءهم ولم يجدوا تعاطف من مسلمي شمال السودان أو مسلمي كوكب الأرض، وعندما حضروا إلي تلك العواصم التي لا تُفرز نهارها عن ليلها وجدوا الرعاية والاهتمام من رجال الكنيسة من سكن ومحامين وأطباء وتبرعات، فارتدوا عن الإسلام إلي المسيحية وعن قناعة، واخذوا يبشرون بشهود يهوه.

في قلب عاصمة المشروع الحضاري، لم يكد يمر علينا شهرين ثلاثة ألا ونسمع عن ارتداد شابات عن دين الإسلام إلي المسيحية، وهربوا سرا إلي الحبشة، ولعل ابرز هذه القضايا قضية ردة مريم يحي التي حكم عليها بالاعدام لانها ارتدت، وعندما تدخل الاتحاد الاوروبي تحلل ذلك الحكم وتبخر، وسافرت مريم عن طريق مطار الخرطوم الدولي الي روما، وهرع وزير دولة بايطاليا ليستقبلها علي بوابة الطائرة.

اما موجة الإلحاد التي انتظمت جامعات السودان والخرطوم خصوصا عاصمة المشروع الحضاري الاسلامي فحدث يا (مان) ولا حرج، يناقشونك ابتداء من إن الضمير الإنساني يقوم مقام التشريع والقران والسنة، وان القران نص تاريخي لم يعد قائما الان، وان الجنة والنار محض خيال، وانتهاء باستحقار واستهتار وسب الخالق والقران الكريم، نشر بعضهم رسالة لفتاة سودانية تقيم بالامارات وذلك عبر الفيس تقول فيها انها اصبحت ملحدة وسوف تتزوج سويدي تقريبا وتهاجر معه الي السويد وان اطفالها اللائي ستنجبهم من السويدي سوف تعمل جاهدة بكل ما تملك من قوة علي ان يكون ملاحدة.

ماذا حدث يا قوم؟؟ السؤال الذي يطرح نفسه أين أولئك الذين يسمون أنفسهم (مجمع الفقه الإسلامي)؟ لم نسمع بهم الا عندما عقدو اجتماعهم في فندق روتانا؟ ولم نسمع بهم الا عندما ما افتو بحرمة التداول السلمي للسلطة!! وماهي الأسباب التي تجعل هؤلاء الشباب يتركون دين الله افواجا؟ طبعا أي شخص ياتي هنا ويقول ان في السودان شريعة إسلامية فهو مستهبل حرامي يستعبط الخلق، فمنذ إن جاءت الإنقاذ لم نري لها مشروعا تصحيحا في الإسلام فقط كانت توهم الشباب بالجهاد ضد مسلمي النوبة ودارفور والجنوبيين المساكين؛ لينتهي هذا المشروع بان اصبح السودان مرتعا لابن لادن وحزب الله والآن داعش، والسي أي ايه.
ان دين التسامح الذي نشاءنا فيه وعليه اختفي ألان، فرب الأسرة ذات نفسه بات مشغولا بتوفير لقمة العيش، وضنك الحياة وشظف الحال، فلم يجد بعض الابناء والبنات الا الانحراف والبحث عن بديل روحاني اخر غير الاسلام.

مضاف الي ذلك كسبب وعامل اساسي ايضا فوضى سياسات الدولة وتخبطها وتقارير الفساد والافساد التي ازكمت انوف الموتي باسم الله والنبي، حيث لا مراقبة ولا معاقبة، جعلت الناس يلحدون ويحششون، ضيق العيش والعطالة والقحط وعدم وجود اذان تصغي وتنفذ جزء من مطالب الشعب وشريحة الشباب، واحدة ايضا من الاسباب التي تجعل الشباب يطفش من دين الله والاسلام، والقتل باسم الدين في جنوب السودان قبيل الانفصال وفي دارفور قبيل الانفصال، وجنوب كردفان والنيل والازرق، وفتاوي الترابي العجيبة (الفتاوي الزهيمرية) حيث لا عذاب قبر ولا سؤال للمنكر والنكير الخ.

وتلصق بعض من كانوا دعاة في المساجد وتحولهم لدعاة في السياحة والمشاريع السياحية، وتركوا لبس الجلابية وارتدو ربطة العنق وبدلة مكوية وبدأ احدهم كصعيدي في الجامعة الامريكية، والعاقل منهم يتحدث عن فرائض الوضوء وسنن الطهارة والنجاسة والنفاس، والتجويد، وهكذا تركوا القضايا العصرية ومناقشاتها، قضايا حقوق الانسان والمراة والطفل وتشغيل الشباب وتطوير النفس والذات والمقاربات بين الاسلام وبين الواقع والوجوديه، وابتكار وسائل انتاج تشغيل الشباب والهجرة، ومحاربة الفساد والطغاة، كلها طرق في خاتمة المطاف ستقود الشباب الي التدعيش أو ترك الدين في عضمه فهل ان الاوان كي يتصارح الناس مع بعضهم بدل من هذا التصارخ؟؟ ام كل شاه معلقة من عصبتا؟؟
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. إذا كان راعي الإسلام في السودان يكون لجنة لمحاربة وفي نفس الوقت يجزم بأنه لا يوجد فساد ويتحدى شعبه ويقول من يري او يكتشف فاسد فاليأتي بالبراهين كأنما اللص يقول اقبضوني ؟؟؟ والريس الفساد موجود داخل بيته وفي أسرته ؟؟؟ إذا كان راعي الإسلام يخالف تعاليم الإسلام السمحة علنا وفي وضح النهار ويتستر ويشجع السرقة والاغتصاب والقتل للأطفال والأبرياء؟؟؟ فلماذا لا يرتدوا وهم يرون خليفتهم مجرم فاسد يشجع ويدافع عن الفاسدين الذين حرموهم العيش الكريم ؟؟؟

  2. أدينى يا أستاذ مظهر واحد من مظاهر الأسلام فى هذا البلد المنكوب الذى يغرى العجائز وسيبك من الشباب بأن يستمسك بدينه . الكل يغش فى الكل والقوى يأكل الضعيف ومظاهر الكذب والخداع والتدين الزائف تطغى على كل مناحى الحياة فى هذا البلد… يا شيخنا بلد من أكبر رأس فيها وحتى أصغر مسئول فيها لصوص وحرامية ومتحللين إلا من رحم ربى .
    هل الأسلام عبارة عن ذقون وغرر صلاة مصنوعة فى سوق ليبيا وآذان وخطب منبرية لاتغنى ولاتسمن من جوع وبرامج دينية فى الراديو والتلفزيون ومدائح وزواج مثنى وثلاثة وفتاوى مضروبة ومفصلة على حسب مقاس الجالسين على كراسى الحكم؟
    يا سيدى الأسلام منهاج وأسلوب حياة متكامل للأسف لا نرى له أدنى أثر فى حياتنا .

  3. الاسلام و التاسلم خطان متوازيان احدهما الفضيلة الاخر الضلال و نحن عشنا الخطان و استطعنا ان نفرق بينهما اما اولادنا عرفو هذا الخط المضلل من تبعه صار منهم و من لم يقبلوه اعموه عن الخط القويم فصد عنهما

  4. توجد في السودان مشكلتان يمكن ان تكون مما يسهل على ضعيفي الايمان ان يرتدوا و أشدد على عبارة ( ضعيفي الايمان ) و ذلك لأن الايمان بالله فطرة و الهداية الى الاسلام هي الامر الطبيعي اذا توفر العلم و المعرفة . عموما المشكلتان هما:
    1. واقع المتاجرة بالدين و ندرة الصور و الامثلة لمن يلتزمون بتعاليم الاسلام السمحة سرا و جهرا , سواءا فيما ما لهم و ما عليهم. هذا يجعل ضعيفي الايمان يشعرون ان الامر ما هو الا شطارة و مهارات فردية في حصد المكاسب الدنيوية و الضحك على البسطاء
    2,أن التعليم الديني في السودان هش , فأنت لا تكاد ترى عالماراسخا في علمه و يعتبر مرجعية في ذلك العلم الا قليلا , فالاكثرية مجرد نقلة بل الكثير من هؤلاء ربما تجده مترددا حتى فيما ينقله و هذا بكل تأكيد يجعل المتشككين اكثر شكا و أقرب الى الوقوع في مصايد الشيطان .
    في الاثر :عالم واحد أشد على الشيطان من الف عابد

  5. ما علاقة الصليب بالإلحاد؟ وما علاقة مجمع الفقه بعكس ذلك؟ كيف يكون رجال الدين عبيد للمال والشهوة والسلطان؟ وكيف تريد من أمثال هؤلاء أن يقنعوا الآخرين؟ أم أنك تريد فرض عبادة الشيطان بالسيف لأن الذي موجود الآن لا يمكن أن يكون من الله.

  6. when the sudan government declared jihad 1990 against south sudan .I thought that was a big joke until I have read some verses in Quran that encourage muslims to fight the Christians .and I have witness the massacre against the southern and nuba .later on Darfur .that was the eye opener .I have reconsidered the dogma that call islam .definitely it is not from God .so those who chose to be atheist or embraced other religions have every right you can not join killers in the name of Allah.
    we a have seen enough .severing of heads drowing people .burning them alive throw them from top of buildings .and all from Quran and hadith..so thank you a would rather be infidel than a followers of killers.

  7. الموضوع مهم وحساس، لكن الكاتب تعامل معه بخفة ودون وعي حتى بالمصطلحات الأساسية المرتبطة بالموضوع “إلحاد، نغيير العقيدة/الإرتداد، الكفر، الخ” وهذا ما جعل الموضوع أشبه بكتابات الكتاب الرياضيين يا “مان”

  8. المسألة في تقديري هي المدرسة ومعها اشياء اخري

    الواقع والنتائج المعاشة:
    فما تجدر الإشارة إليه ? لفتا للنظر لجهات الإختصاص، هو أن الطريقة والأهداف التي ينشؤ اليوم عليها تلميذ المدرسة منذ باكورة تعليمه في سائر السودان، نجدها جميعها تدور وتنحصر عمليا حول الإهتمام بكيفية تعريف الطفل فنون إحراز النجاح في المواد التي يدرس، فأصبحت سلوك التلاميذ مع ما لهذه التنشئة من إنعكاسات مهيأة للتعامل مع هذه المواد بطريقة إستهلاكية آنية، وهي المحصلة التي تتنافي والأهداف الرسالية الدينية التي بها يلتزم المعلم مبدأ الأمانة ومهنية الإتقان، وبها يتمسك الطفل بمواقف الصدق ودلائل الإيمان!. وتتمثل تلك الإنعكاسات في نقطتين؛ الأولي حيث يصف المتعلم طالبا كان أوتلميذا دراسته بكل يأس، فقدان ثقة، وإنعدام طموح بأنها قراية تجارية!، والثانية تفشي ظاهرة الغش في طرفي العملية التعليمية في كل المراحل حتي أن كثيرا من الطلبة يعولوا عليها بل ويتظاهرون أحيانا كثيرة عند الحرمان منها والمتمثلة في البخرة أو كما يقال ?زاد المجاهد?!. من نتائج هذه الظاهرة فصل كثير من الطلبة وطرد العديد من الأساتذة المتورطين فيها.
    وبتعهدنا للمدرسة وإعتمادنا عليها في تربية وتعليم ذلكم التلميذ وقد خصصت له مدة ليست بالقصيرة في مرحلته الباكرة الأساس، فإنه يمنح بعدها شهادة في تلك المواد التي يدرس وأنه قد تعامل معها بطريقة آنية كما أشرنا ?تأتي بدورها ?أي هذه الشهادة كمؤثر آخر يفخر به ولي أمر التلميذ ولايتشكك بعده عما إذا كان إبنه قد بقيت في صدره أحكام الصلاة أم تفلتت منه الأجزاء الثلاثة الأخيرة من القرآن وقد أمضي بريئا بإختيار الأب ونهج الحاكم زهاء الثمانية أعوام بالتمام أو يزيد، مع أن مقصدنا جميعا تحقيق المراد لقوله تعالي: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)!. (تنبيه – إختيار الأب ونهج الحاكم: الإختيار نعني به الروضة ثم من بعدها المدرسة بدلا عن الخلوة كدور للتنشئة للأبناء، والنهج منه الأخذ بأولوية الروضة والمدرسة في الدعم والتمويل وترك الخلوة إلي الإعانات والصدقات – أعطيت أم لم تعطي).
    فالمحصلة أننا نجد تلميذا علي تلكم الشاكلة وربما تخرج من مرحلته الباكرة الأساس، وربما واصل دراسته لأبعد من ذلك غير مهموم بأداء العبادة ولا بتجويدها، في مدة قد تقصر عند البعض توبة وتفقها، أو تطول جهلا وجهالة عند الآخرين إلي ما بعد سن الأربعين، حيث القابلية للإنخراط في عمليات الإجرام والإنتقام وتهديد الأمن العام هي الأكثر إحتمالا من التعلق بأي بديل آخر لا يرونه لائحا في الأفق!. ومرد الواقع والنتائج المعاشة الآن، يرجع إلي أن ذلك المنهج التعليمي تنقصه المادة الكافية أولا لتربية التلاميذ علي حب العبادة، وتصحيح فهمهم لها كعادة تكتسب عبر الأسر بلا تأثير في النهي عن الفحشاء والمنكر، وثانيا لتنشئتهم علي طاعة القانون وإحترام النظام العام وتقدير أخذ الحقوق بالتي هي أحسن تمسكا بهدي الدين الحنيف في الإحتجاج ورد الإعتبار، وثالثا لحثهم بالتمسك بالتقاليد والقيم الحميدة وقاية ألا يصيروا مسخا عبر التشبه بالآخرين، وأخيرا ينقصه كذلك الأخذ بأيدي تلاميذه لحب الوطن والعمل مستقبلا بتقوي الله!. فتلك هي المدرسة وهذا منهجها قد إنبري، فنري ما نري ونعجب مما نري!
    سادسا – المدرسة ومفهوم المواكبة (دسيسة الدونية!):
    وإلتحاقا بركب المواكبة ? دسيسة الدونية! التي نراها وقد طالت عديدا من البلدان الإسلامية، نجد أن العملية التعليمية بشكلها الحالي لمدعاة لليد السفلي ودعـوة مفتوحة لإلغاء ونسخ العداوة اليهود-نصرانية للإسلام، وقاصرة تماما في الإتجاه ذاته في عدم تنبيه الدارسين وإعـدادهم في إتخاذ الشيطان الرجيم وأعوانه أعداءا، حيث حذر القرآن الكريم من ذلك في كثير من المواضع ? الآيات: (إنه عدو مضل مبين)، و(إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير)، وذلك بما يملي علي النفس عقليا من شطح وتشكيك وإفساد معتقد ونكران قيم وفقدان ذات وغير ذلك، وحسيا بما يوقع بها كما في تعاطي المسكر وأكل المال العام، في السرقة والنهب والإحتراب الحرام، في المحسوبية والجهوية وقبلية الأيام، في النميمة والدسائس بين الأنام وغيرها من ظلم وفسوق وفساد أخلاق ومهلكات طوام. وبسبب تعهدنا لمفهوم المواكبة وتركنا لما يردنا إلي أصول ديننا، أصبحت هذه المنكرات واقعا يتكرر ويتطور إن دل على شئ، إنما يدل أولا علي مدي مقدار تقوى الله ومخافته بين الحاكم والمحكوم، من غياب الحس الرسالي وظهور المجتمع الإنشغالي، من وقوعنا أسري لدسيسة الدونية ومحوها بالتفاخر والتعالي، وكذا دونية التهميش ومخاطبته بأساليب شتي وطرق لا تبالي!. ويضع ثانية إستفهامات حول مدى تعرف المسلم وإهتمامه بمنهاجه، والعمل بالتسليم به مع ممارسة تجديده له – إذ المعرفة بالدين تولد في النفس قناعة التسليم والتسليم يثمر الرغبة في الممارسة، والممارسة تتطلب الحركة القاصدة بالإخلاص والنية الصادقة، وهذا ما بتنا نفتقد يوما بعد يوم!!!.
    هذه المواكبة ليست في حقيقتها معيارا معني به المسلمون لمقايسة أنفسهم مع غيرهم ?لأننا بفضل الله ونعمه نحن الأعلون، وخير أمة أخرجت للناس. فالمسلم الحق يعلم إن الدين عند الله الإسلام، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور، وأن الله قد تكفل لنا بحفظ الذكر، فلا بال مشغول لنا سوي الجهاد في الدنيا والإستعداد للآخرة وأنه تعالي قد وعدنا بالرزق ما عبدناه وأقمنا دينه، وأما المسلم الذي هو علي غير ذلك متشبث بمظاهر الحياة ومقعد بظواهر الأمور بلا جهاد ولا إستعداد ضمن أولوياته، فإنه ينظر إلي هذه الميزات بشيئ من النفور وعدم الواقعية بعدم تفويضه الأمر إلي الله، بجعل القوة لأسلحة الدمار والسطوة لسيادة الدولار، ونسي أن العزة لله مسير الأقدار ولرسوله صاحب المكانة المختار وللمؤمنين أهل النصرة الأبرار. وهنا يبرز السؤال، علي أي شيء ونحن الأعلون، يتوجب علينا أن نلحق بتحضر دول الغرب تحت غطاء المواكبة – دسيسة الدونية هذه!، ونعلم يقينا أنهم بتوفيقهم في أهوائهم مستدرجون وما بهم من قوة ونعمة إلا ليعمهون، أم أننا نتبع أهواءهم ونستدرج معهم لأجل دنيا نعيمها في زوال ونحن الموعودون في الآخرة بعظيم النوال والقرآن يحـذر: (ولئن إتبعت أهواءهم بعدما جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا واق).
    ففي هذا الشأن، يجب أن نعرف النشء أن المسلم مستعدي وبصورة مستمرة في كل مراحل حياته، بأوجه مختلفة من العداوات، حتي ليظن أنه في خير من فاعليها وهم الشيطان بهدف الإضلال، وكفار اليوم لأجل ترك دينه، أو ليكن غير مقيم له، أو التحول عنه لشبه مسلم علماني، شيوعي أو ماسوني، أو إعتناق الإسلام علي الطريقة التي تروق لهم كالإسلام الأمريكي الجديد ليصير مسلما مواليا معجبا بهم، أو ليصير متنازلا في دينه متساهلا مستوعبا لهم عبر ندائية وسطية هذه الأيام!. فهذا التنازل وتلك الموالاة وما قبلهما لعين الكفر، وأسوأ منها جميعا ظهور المنافقون الجدد بين المسلمين؛ شيوعي، ماسوني، علماني أو عقلاني!. وعليه، فإنه لمن الخطأ بحق أنفسنا في مناهج تعليمنا الإبتدائي، قصرنا لأعداء ديننا ورسولنا في عداوة قريش السابقة ومن معها – بجعلها تاريخا يدرس وحسب!، وكأنما الذي يحصل اليوم من قبل كفار هذا اليوم وممن والاهم من المسالح التابعين المعجبين بخطط متعددة مدروسة بمعزل، وليس إمتداداً لتلك العدواة!.
    سابعا – التعليم المدرسي ? بداية مخاطرة بالإنفتاح ونهاية تهلكة بالحياد ? تشخيص أخير:
    فالضلال الذي نعني بالفقرة أعلاه، هو إنحراف بصيرة النفس وبوصلة وجهتها من نور هدي الحق إلي ظلم زيغ الشياطين. ومن أوجه الضلال في هذا الدهر – ما ينشأ تأثرا بسلبيات التربية المدرسية – مفتاح التثاقف والإنفتاح الغير مدروس، وهو إنبهار النفس المسلمة بأهل الكفر، تسليما بمفاهيمهم التحررية مع الأخذ بنظرتهم في رؤيتهم للدين علي حد سواء!. فالمسلم السوي وفي مسيرة حياته، إنطلاقا من مراحل تعليمه في الصغر، متوقع منه الترقي إلي مراتب الإيمان، إلا أن النفس الغير سوية هي من تهوي بصاحبها في شراك مغريات العلمانية، والتسربل بفكريات الشيوعية – وهلم جرا، وهنا نادرا ما نجد أحدا من متربيي الخلاوي أو المدارس القرآنية منزلقا في هذا الإتجاه.
    وتبدأ المسألة بإتخاذ النفس موقف النظر للدين بحياد!، وعندها تنتاب هذه النفس الغير سوية هواجس الشك والإرتباك، فتقع في حالة من التنازع النفسي تودي بها للتشكك في بعض متعلقات الإيمان والتجادل في صلاح بعض شرائع الإسلام، حتي تصبح نهاية المطاف بوقا مروجا للتحلل والدعوة للتحرر من تعاليم الإسلام، إلي أن يصل بها مستوي الإنحراف لدرجة وصف الدين بالدجل وأهله بالدجالين وغيرها من تدنيسات. وهكذا يحصل الزيغ الشيطاني الذي يلتبس عادة من ينظر للدين بحياد – ليس معه ولا ضده!، إنقلابا علي إسلام الفطرة وطعنا في الإتباع!. وهذه الحيادية – المخاطرة التهلكة، هي ما تحصل للشباب المتنكرين لثقافة الدين، أو الشاطحين بعيدا عند الإجتهاد، أو للذين يتبعون أساليب “خوارجية” في تحصيل المعرفة وفهم الإعتقاد – تؤدي بهم جميعا متنكرين، شاطحين وخوارج، للخروج من طريق معلوم، يسلكة المسلم متثبتا به من ربه إلي دين ربه وهو الإسلام، ميولا إلي طريق آخر مجهول، يتحسسه مستهوا به من الشياطين إلي غرور الشيطان وهو الضلال -الآية: (فماذا بعد الحق إلا الضلال) -32: يونس.
    فما فات علي التعليم العام تداركه في هذا الشأن، هو عدم الإشراف علي إتجاهات التفكير، والتحكم بالمفاهيم عند المتعلم منذ صغره، خاصة فيما يتعلق بالأسئلة التي يثيرها حول العقائد والإيمانيات عموما. وهنا لسنا بقصد تحجيم وجمود الفكر عند الإنسان المسلم، والقرآن كله دعوة للتفكر والتبصر لإدراك الإيمان وتصحيح الإعتقاد. فالذي يمكننا القول به، “أن كل تفكر لا يجول بك في العواقب والمآل فدون مستوي الرجال!، وكل علم أشعرك بالكمال ولم يأخذ بك إلي حيرة سؤال فهو إدعاء لا محال!” ?الآية: (ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء). فكل مآلات التفكر ومقاصد العلوم يجب أن تقود إلي الإيمان بأن للكون مدبرا موجود وهو الله ربنا رب الوجود، وإلا فذلك كله هراء ممجوج!. وعليه ?فإنه، ليس من دعوات الإسلام بعد الإيمان الدعوة إلي إعمال العقل – خروجا من نصوص التوحيد وثوابت الشرع الحنيف، وإنما هناك تفكر يزداد به المؤمن بصيرة، وحيرة إيمان يطمئن بها علي حيرة، ومن ذلك ما جاء في قوله تعالي علي لسان سيدنا إبراهيم – في الآية: (وإذ قال إبراهيم ربي أرني كيف تحي الموتى، قال أولم تؤمن، قال بلى ولكن ليطمئن قلبي، قال فخذ أربعة من الطير، فصرهن إليك، ثم أجعل على جبل منهن جزءا، ثم أدعهن يأتينك سعيا، واعلم أن الله عزيز عليم) – 260: البقرة.
    مؤشــرات توصـــية عامــة
    النقاط التالية أدناه نوردها كمؤشرات توصية عامة، تلخص أسباب هذا الواقع المرير للأمة بالسودان بالآتي:
    أولا: فراغ العقل من الثقافة الإسلامية والتعاليم الدينية وإنشغال القلب بغيرهما- يعكس إختصارا مدى الركون إلي مجاراة الآخرين ?أولا تنازلا، بالإستجابة والركون للدعاية الجبروتية من أفلام إستعراضات الحروب والأسلحة والإعلام التمويهي الإنشغالي المضلل المجمعة كلها علي رهب وجذب الإنسان المسلم وتعطيل نشاطه العقلي والبدني ليبقي معجبا مستهلكا رهينة لما يأتي به الغرب، وثانيا إتباعهم في مظاهرهم ونهجهم والإقلال تأثرا بهم عن الأخذ والإتعاظ إقتداءا بسيرة رسول الله وخلقه وأخلاق صحابته. هذا الركون يقود للتنازل بل يفسر العجز الحاصل عن مضارعة أهل الكفر تقنيا أو حتي مقارعتهم فكريا.

  9. المسألة في تقديري هي المدرسة ومعها اشياء اخري

    الواقع والنتائج المعاشة:
    فما تجدر الإشارة إليه ? لفتا للنظر لجهات الإختصاص، هو أن الطريقة والأهداف التي ينشؤ اليوم عليها تلميذ المدرسة منذ باكورة تعليمه في سائر السودان، نجدها جميعها تدور وتنحصر عمليا حول الإهتمام بكيفية تعريف الطفل فنون إحراز النجاح في المواد التي يدرس، فأصبحت سلوك التلاميذ مع ما لهذه التنشئة من إنعكاسات مهيأة للتعامل مع هذه المواد بطريقة إستهلاكية آنية، وهي المحصلة التي تتنافي والأهداف الرسالية الدينية التي بها يلتزم المعلم مبدأ الأمانة ومهنية الإتقان، وبها يتمسك الطفل بمواقف الصدق ودلائل الإيمان!. وتتمثل تلك الإنعكاسات في نقطتين؛ الأولي حيث يصف المتعلم طالبا كان أوتلميذا دراسته بكل يأس، فقدان ثقة، وإنعدام طموح بأنها قراية تجارية!، والثانية تفشي ظاهرة الغش في طرفي العملية التعليمية في كل المراحل حتي أن كثيرا من الطلبة يعولوا عليها بل ويتظاهرون أحيانا كثيرة عند الحرمان منها والمتمثلة في البخرة أو كما يقال ?زاد المجاهد?!. من نتائج هذه الظاهرة فصل كثير من الطلبة وطرد العديد من الأساتذة المتورطين فيها.
    وبتعهدنا للمدرسة وإعتمادنا عليها في تربية وتعليم ذلكم التلميذ وقد خصصت له مدة ليست بالقصيرة في مرحلته الباكرة الأساس، فإنه يمنح بعدها شهادة في تلك المواد التي يدرس وأنه قد تعامل معها بطريقة آنية كما أشرنا ?تأتي بدورها ?أي هذه الشهادة كمؤثر آخر يفخر به ولي أمر التلميذ ولايتشكك بعده عما إذا كان إبنه قد بقيت في صدره أحكام الصلاة أم تفلتت منه الأجزاء الثلاثة الأخيرة من القرآن وقد أمضي بريئا بإختيار الأب ونهج الحاكم زهاء الثمانية أعوام بالتمام أو يزيد، مع أن مقصدنا جميعا تحقيق المراد لقوله تعالي: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)!. (تنبيه – إختيار الأب ونهج الحاكم: الإختيار نعني به الروضة ثم من بعدها المدرسة بدلا عن الخلوة كدور للتنشئة للأبناء، والنهج منه الأخذ بأولوية الروضة والمدرسة في الدعم والتمويل وترك الخلوة إلي الإعانات والصدقات – أعطيت أم لم تعطي).
    فالمحصلة أننا نجد تلميذا علي تلكم الشاكلة وربما تخرج من مرحلته الباكرة الأساس، وربما واصل دراسته لأبعد من ذلك غير مهموم بأداء العبادة ولا بتجويدها، في مدة قد تقصر عند البعض توبة وتفقها، أو تطول جهلا وجهالة عند الآخرين إلي ما بعد سن الأربعين، حيث القابلية للإنخراط في عمليات الإجرام والإنتقام وتهديد الأمن العام هي الأكثر إحتمالا من التعلق بأي بديل آخر لا يرونه لائحا في الأفق!. ومرد الواقع والنتائج المعاشة الآن، يرجع إلي أن ذلك المنهج التعليمي تنقصه المادة الكافية أولا لتربية التلاميذ علي حب العبادة، وتصحيح فهمهم لها كعادة تكتسب عبر الأسر بلا تأثير في النهي عن الفحشاء والمنكر، وثانيا لتنشئتهم علي طاعة القانون وإحترام النظام العام وتقدير أخذ الحقوق بالتي هي أحسن تمسكا بهدي الدين الحنيف في الإحتجاج ورد الإعتبار، وثالثا لحثهم بالتمسك بالتقاليد والقيم الحميدة وقاية ألا يصيروا مسخا عبر التشبه بالآخرين، وأخيرا ينقصه كذلك الأخذ بأيدي تلاميذه لحب الوطن والعمل مستقبلا بتقوي الله!. فتلك هي المدرسة وهذا منهجها قد إنبري، فنري ما نري ونعجب مما نري!
    سادسا – المدرسة ومفهوم المواكبة (دسيسة الدونية!):
    وإلتحاقا بركب المواكبة ? دسيسة الدونية! التي نراها وقد طالت عديدا من البلدان الإسلامية، نجد أن العملية التعليمية بشكلها الحالي لمدعاة لليد السفلي ودعـوة مفتوحة لإلغاء ونسخ العداوة اليهود-نصرانية للإسلام، وقاصرة تماما في الإتجاه ذاته في عدم تنبيه الدارسين وإعـدادهم في إتخاذ الشيطان الرجيم وأعوانه أعداءا، حيث حذر القرآن الكريم من ذلك في كثير من المواضع ? الآيات: (إنه عدو مضل مبين)، و(إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير)، وذلك بما يملي علي النفس عقليا من شطح وتشكيك وإفساد معتقد ونكران قيم وفقدان ذات وغير ذلك، وحسيا بما يوقع بها كما في تعاطي المسكر وأكل المال العام، في السرقة والنهب والإحتراب الحرام، في المحسوبية والجهوية وقبلية الأيام، في النميمة والدسائس بين الأنام وغيرها من ظلم وفسوق وفساد أخلاق ومهلكات طوام. وبسبب تعهدنا لمفهوم المواكبة وتركنا لما يردنا إلي أصول ديننا، أصبحت هذه المنكرات واقعا يتكرر ويتطور إن دل على شئ، إنما يدل أولا علي مدي مقدار تقوى الله ومخافته بين الحاكم والمحكوم، من غياب الحس الرسالي وظهور المجتمع الإنشغالي، من وقوعنا أسري لدسيسة الدونية ومحوها بالتفاخر والتعالي، وكذا دونية التهميش ومخاطبته بأساليب شتي وطرق لا تبالي!. ويضع ثانية إستفهامات حول مدى تعرف المسلم وإهتمامه بمنهاجه، والعمل بالتسليم به مع ممارسة تجديده له – إذ المعرفة بالدين تولد في النفس قناعة التسليم والتسليم يثمر الرغبة في الممارسة، والممارسة تتطلب الحركة القاصدة بالإخلاص والنية الصادقة، وهذا ما بتنا نفتقد يوما بعد يوم!!!.
    هذه المواكبة ليست في حقيقتها معيارا معني به المسلمون لمقايسة أنفسهم مع غيرهم ?لأننا بفضل الله ونعمه نحن الأعلون، وخير أمة أخرجت للناس. فالمسلم الحق يعلم إن الدين عند الله الإسلام، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور، وأن الله قد تكفل لنا بحفظ الذكر، فلا بال مشغول لنا سوي الجهاد في الدنيا والإستعداد للآخرة وأنه تعالي قد وعدنا بالرزق ما عبدناه وأقمنا دينه، وأما المسلم الذي هو علي غير ذلك متشبث بمظاهر الحياة ومقعد بظواهر الأمور بلا جهاد ولا إستعداد ضمن أولوياته، فإنه ينظر إلي هذه الميزات بشيئ من النفور وعدم الواقعية بعدم تفويضه الأمر إلي الله، بجعل القوة لأسلحة الدمار والسطوة لسيادة الدولار، ونسي أن العزة لله مسير الأقدار ولرسوله صاحب المكانة المختار وللمؤمنين أهل النصرة الأبرار. وهنا يبرز السؤال، علي أي شيء ونحن الأعلون، يتوجب علينا أن نلحق بتحضر دول الغرب تحت غطاء المواكبة – دسيسة الدونية هذه!، ونعلم يقينا أنهم بتوفيقهم في أهوائهم مستدرجون وما بهم من قوة ونعمة إلا ليعمهون، أم أننا نتبع أهواءهم ونستدرج معهم لأجل دنيا نعيمها في زوال ونحن الموعودون في الآخرة بعظيم النوال والقرآن يحـذر: (ولئن إتبعت أهواءهم بعدما جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا واق).
    ففي هذا الشأن، يجب أن نعرف النشء أن المسلم مستعدي وبصورة مستمرة في كل مراحل حياته، بأوجه مختلفة من العداوات، حتي ليظن أنه في خير من فاعليها وهم الشيطان بهدف الإضلال، وكفار اليوم لأجل ترك دينه، أو ليكن غير مقيم له، أو التحول عنه لشبه مسلم علماني، شيوعي أو ماسوني، أو إعتناق الإسلام علي الطريقة التي تروق لهم كالإسلام الأمريكي الجديد ليصير مسلما مواليا معجبا بهم، أو ليصير متنازلا في دينه متساهلا مستوعبا لهم عبر ندائية وسطية هذه الأيام!. فهذا التنازل وتلك الموالاة وما قبلهما لعين الكفر، وأسوأ منها جميعا ظهور المنافقون الجدد بين المسلمين؛ شيوعي، ماسوني، علماني أو عقلاني!. وعليه، فإنه لمن الخطأ بحق أنفسنا في مناهج تعليمنا الإبتدائي، قصرنا لأعداء ديننا ورسولنا في عداوة قريش السابقة ومن معها – بجعلها تاريخا يدرس وحسب!، وكأنما الذي يحصل اليوم من قبل كفار هذا اليوم وممن والاهم من المسالح التابعين المعجبين بخطط متعددة مدروسة بمعزل، وليس إمتداداً لتلك العدواة!.
    سابعا – التعليم المدرسي ? بداية مخاطرة بالإنفتاح ونهاية تهلكة بالحياد ? تشخيص أخير:
    فالضلال الذي نعني بالفقرة أعلاه، هو إنحراف بصيرة النفس وبوصلة وجهتها من نور هدي الحق إلي ظلم زيغ الشياطين. ومن أوجه الضلال في هذا الدهر – ما ينشأ تأثرا بسلبيات التربية المدرسية – مفتاح التثاقف والإنفتاح الغير مدروس، وهو إنبهار النفس المسلمة بأهل الكفر، تسليما بمفاهيمهم التحررية مع الأخذ بنظرتهم في رؤيتهم للدين علي حد سواء!. فالمسلم السوي وفي مسيرة حياته، إنطلاقا من مراحل تعليمه في الصغر، متوقع منه الترقي إلي مراتب الإيمان، إلا أن النفس الغير سوية هي من تهوي بصاحبها في شراك مغريات العلمانية، والتسربل بفكريات الشيوعية – وهلم جرا، وهنا نادرا ما نجد أحدا من متربيي الخلاوي أو المدارس القرآنية منزلقا في هذا الإتجاه.
    وتبدأ المسألة بإتخاذ النفس موقف النظر للدين بحياد!، وعندها تنتاب هذه النفس الغير سوية هواجس الشك والإرتباك، فتقع في حالة من التنازع النفسي تودي بها للتشكك في بعض متعلقات الإيمان والتجادل في صلاح بعض شرائع الإسلام، حتي تصبح نهاية المطاف بوقا مروجا للتحلل والدعوة للتحرر من تعاليم الإسلام، إلي أن يصل بها مستوي الإنحراف لدرجة وصف الدين بالدجل وأهله بالدجالين وغيرها من تدنيسات. وهكذا يحصل الزيغ الشيطاني الذي يلتبس عادة من ينظر للدين بحياد – ليس معه ولا ضده!، إنقلابا علي إسلام الفطرة وطعنا في الإتباع!. وهذه الحيادية – المخاطرة التهلكة، هي ما تحصل للشباب المتنكرين لثقافة الدين، أو الشاطحين بعيدا عند الإجتهاد، أو للذين يتبعون أساليب “خوارجية” في تحصيل المعرفة وفهم الإعتقاد – تؤدي بهم جميعا متنكرين، شاطحين وخوارج، للخروج من طريق معلوم، يسلكة المسلم متثبتا به من ربه إلي دين ربه وهو الإسلام، ميولا إلي طريق آخر مجهول، يتحسسه مستهوا به من الشياطين إلي غرور الشيطان وهو الضلال -الآية: (فماذا بعد الحق إلا الضلال) -32: يونس.
    فما فات علي التعليم العام تداركه في هذا الشأن، هو عدم الإشراف علي إتجاهات التفكير، والتحكم بالمفاهيم عند المتعلم منذ صغره، خاصة فيما يتعلق بالأسئلة التي يثيرها حول العقائد والإيمانيات عموما. وهنا لسنا بقصد تحجيم وجمود الفكر عند الإنسان المسلم، والقرآن كله دعوة للتفكر والتبصر لإدراك الإيمان وتصحيح الإعتقاد. فالذي يمكننا القول به، “أن كل تفكر لا يجول بك في العواقب والمآل فدون مستوي الرجال!، وكل علم أشعرك بالكمال ولم يأخذ بك إلي حيرة سؤال فهو إدعاء لا محال!” ?الآية: (ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء). فكل مآلات التفكر ومقاصد العلوم يجب أن تقود إلي الإيمان بأن للكون مدبرا موجود وهو الله ربنا رب الوجود، وإلا فذلك كله هراء ممجوج!. وعليه ?فإنه، ليس من دعوات الإسلام بعد الإيمان الدعوة إلي إعمال العقل – خروجا من نصوص التوحيد وثوابت الشرع الحنيف، وإنما هناك تفكر يزداد به المؤمن بصيرة، وحيرة إيمان يطمئن بها علي حيرة، ومن ذلك ما جاء في قوله تعالي علي لسان سيدنا إبراهيم – في الآية: (وإذ قال إبراهيم ربي أرني كيف تحي الموتى، قال أولم تؤمن، قال بلى ولكن ليطمئن قلبي، قال فخذ أربعة من الطير، فصرهن إليك، ثم أجعل على جبل منهن جزءا، ثم أدعهن يأتينك سعيا، واعلم أن الله عزيز عليم) – 260: البقرة.
    مؤشــرات توصـــية عامــة
    النقاط التالية أدناه نوردها كمؤشرات توصية عامة، تلخص أسباب هذا الواقع المرير للأمة بالسودان بالآتي:
    أولا: فراغ العقل من الثقافة الإسلامية والتعاليم الدينية وإنشغال القلب بغيرهما- يعكس إختصارا مدى الركون إلي مجاراة الآخرين ?أولا تنازلا، بالإستجابة والركون للدعاية الجبروتية من أفلام إستعراضات الحروب والأسلحة والإعلام التمويهي الإنشغالي المضلل المجمعة كلها علي رهب وجذب الإنسان المسلم وتعطيل نشاطه العقلي والبدني ليبقي معجبا مستهلكا رهينة لما يأتي به الغرب، وثانيا إتباعهم في مظاهرهم ونهجهم والإقلال تأثرا بهم عن الأخذ والإتعاظ إقتداءا بسيرة رسول الله وخلقه وأخلاق صحابته. هذا الركون يقود للتنازل بل يفسر العجز الحاصل عن مضارعة أهل الكفر تقنيا أو حتي مقارعتهم فكريا.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..