مقالات سياسية

التحالفات المرحلية التحديات وديالكتيك الضرورة المنطق المعوج (1-3)

تيسير حسن إدريس

المبتدأ: –

الإصرار على تكرار الخطأ هو وُلُوج غير مبصر في الخَطِيئة؛ فما يحدث في هذه المرحلة الكارثية من تاريخ السودان هو تبضيع بائس لبضاعة خاسرة؛ وتجزئة مخزية للقضية الوطنية؛ بدعاوي الحصافة وادِّعَاءِ (العرافة).

والخبر: –

(1)

بُعَيْدَ الإعلان مباشرة عن قيام (تحالف قوى التغيير الجذري)؛ اندلعت نقاشات حادة -جلها غير مبصرة -؛ بين نخب السياسة والفكر في السودان؛ ولم تعطي النخب الفرصة لنفسها؛ لتدارس البرنامج؛ الذي طرحه تحالف قوى التغيير الجذري في مؤتمره الصحفي؛ الذي انعقد بدار الحزب الشيوعي؛ خاصة تلكم النخب الإصلاحية؛ التي ظلت طوال الوقت تراهن؛ على حل الازمة السودانية الماثلة عبر تسوية مع المؤسسة العسكرية؛ التي اختطفت البلاد ؛ بعد تنفيذ قياداتها لانقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر 2021م.

(2)

غالب هذه النخب المراهنة على الحل الازمة بالتسوية؛ من مناصري تحالف قوى الحرية والتغيير؛ حيث يٌلحظ أنهم انخرطوا مباشرة بعد الإعلان عن تكوين التحالف الجذري؛ في ممارسة هواية التبكيت والتسفيه المفضلة لديهم؛ انطلاقا من عداء غير مبرر لكافة مواقف الحزب الشيوعي؛ ناشرين قبح كيدهم السياسي دون أدنى مراعاة؛ لخطورة وحرج المرحلة التي يجتازها الوطن.

(3)

وعوضا عن التعامل المسؤول والنقد الموضوعي؛ لأطروحة تحالف قوى التغيير الجذري؛ التي تحمل بين سطورها كثيراً من الشعارات؛ والاهداف؛ التي تنادي بها قوى الحرية والتغيير -ولو على سبيل المتاجرة -انهالت تلكم النخب بألسن حداد على مواقف الحزب الشيوعي؛ متهمة إياه بشق الصف الوطني؛ والسعي لإقصاء الآخر؛ حتى يستفرد بصدارة المشهد السياسي؛ وكأنما المشهد السياسي السوداني الماثل؛ والمترع بالإخفاقات والفشل يسعد ويغري.

(4)

والعجيب في الأمر؛ أن المطلع على تصريحات قادة قوى الحرية والتغيير؛ لا يجد أنها لا تختلف؛ عما جاء في برنامج قوى التغيير الجذري؛ سوى في بضع نقاط قليلة؛ بيد أنها جوهرية؛ تتمحور حول وسائل وأدوات تنفيذ شعارات واهداف ثورة 19 ديسمبر؛ هذا إذا ما تجاهلنا بالطبع ؛ ما تخفي الصدور؛ والضمائر من نوايا؛ فقد علمتنا منعرجات السياسة السودانية؛ ودروبها الموحشة؛ بأن ليس كلما يقال باللسان؛ هو بالضرورة؛ تصديق بالقلب؛ وعمل بالجوارح.

(5)

المعلوم ان التحالفات المرحلية؛ تعني اتحادا مؤقتا؛ بين كتل أو أحزاب سياسية للحصول على تأثير أعظم؛ أو نفوذ أكبر؛ وسط الجماهير؛ من أجل تحقيق شعارات؛ وأهداف محددة؛ عبر وسائل وأدوات متفق عليها؛ وبالتركيز على الاهداف المشتركة؛ واستخدام الوسائل والأدوات المتفق عليها؛ تستطيع جميع مكونات التحالف؛ بناء قوتها وتحقيق الهدف؛ والبرنامج المشترك والمتمثل؛ في حالتنا الراهنة في تصفية مؤسسات النظام البائد؛ وبناء وضع ديمقراطي مستدام؛ عبر مرحلة انتقال؛ منضبطة وحاسمة؛ تحقق شعارات الثورة أهدافها.

(6)

والطبيعي أنه بعد تحقيق الغاية المشتركة؛ إذا ما سارت الأمور كما هو متعاهد عليه؛ أن ينتهي عمر التحالف المرحلي؛ لذا فقد كان من الضروري؛ لضمان استمرار التحالف؛ ان تلتزم جميع الأطراف؛ بما تم التوقيع عليه من وثائق وتعهدات؛ ولا يسمح بخرقها من قبل أي طرف كان؛ حتى تطمئن جميع المكونات وتشعر؛ بأن الجميع رابح؛ إذا ما نجحت الثورة؛ وحدث التغيير.

(7)

لكن للأسف قد أظهرت التجربة الثورية الماثلة؛ والتجارب السابقة؛ أن المكونات السياسية السودانية المتحالفة مرحليا؛ ما إن تتأكد من سقوط رأس نظام الاستبداد؛ حتى تتحول من الحلف والشراكة؛ الى التنافس اللا مبدئي على كعكة السلطة؛ ويبدأ العراك والاستقطاب غير المسؤول؛ الذي يضعف عملية الانتقال ويعوق استكمال مسار الثورة؛ وفي مرحلة تالية؛ يتم التنصل من شعاراتها وأهدافها؛ فتضيع الغايات الثورية النبيلة؛ وتطل بوجهها الكالح الممارسات الانتهازية؛ التي طالما أفشلت ما سبق من هبات جماهيرية.

(8)

هذا المرض العضال الذي صاحب جميع التجارب الثورية في السودان دفع مؤخرا؛ قوى التغيير الجذري؛ لاتخاذ قرارها بالخروج من تحالف الحرية والتغيير؛ والاعلان عن إنشاء تحالف سياسي جديد؛ يضم قوى مدنية وسياسية؛ تبدو أهدافها المشتركة وتوجهاتها اقل تناقضا؛ مما يعتبر اختراقاً سياسياً هاماً يتسق في امانة؛ مع مفهوم وفلسفة التحالفات؛ التي تقوم على التعاون والمشاركة واحترام المواثيق والعهود المتفق عليها.

(9)

لا ينكر أحد بأن الأداة الناجعة الأكثر قدرة على اسقاط الدكتاتوريات؛ وفق تجارب الثورة السودانية؛ الممتدة منذ ما قبل الاستقلال حتى تاريخه؛ هي التحالفات السياسية العريضة؛ هكذا علمتنا الانتفاضات الشعبية السودانية؛ التي أنجزت في – أكتوبر 1964 وابريل 1985 وديسمبر 2018م.

(10)

فعالية التحالفات العريضة؛ وقدرتها على هزيمة نظم الاستبداد؛ حقيقة يصعب الالتفاف عليها؛ او القفز فوقها؛ ولكن يظل السؤال المورق للعقل الجمعي؛ عن أسباب ضعف محصلة تلكم الثورات؛ وعجزها عن احداث التغيير؛ الذي طالما حلمت وطمحت له الجماهير؛ قائما يناطح الفراغ؛ طلبا للإجابة بعد كل تجربة ثورية اجهضت أو تعثرت.

[email protected]

تعليق واحد

  1. هل تنصح كافة قوى التغيير بالانضواء تحت تحالف التغيير الجذري (العريض كما وصفته) الذي اطلقه الحزب الشيوعي والالتزام بمقرراته؟ لماذا لا تدعو لذلك صراحة وتحث مركزي قحت بذلك؟ أنا معك إنكنت تعني ذلك فلا سبيل إلى تخلي احزابه عن فكرة التسوية التي تتضمن فكرة التفاوض وتقديم التنازلات للعسكر والتي بدورها تتضمن موافقتهم وموافقتهم تتضمن شروطاً بالطبع أقلها الوصاية واعتماد العسكر لما يتم الاتفاق عليه واعتماد تشكيلات الحكومة وتعيينات شخوصها ومن ثم اعطاء العسكر صفة يتدخلون بها مستقبلاً طالما بقوا في قيادة الجيش

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..