آليات التحرر

لا يمكن أن نجادل في ربط المسئولية بالحرية ، والقانون بالحرية ، والحرية بمعناها السياسي بالحرية بمعناها المطلق. هذه الثلاثية يمكن أن تشكل لنا تأسيس دولة ، لا تنهض مسئولية قانونية تحت إكراه بل تبطل النشاط الإنساني سواء كان مدنيا أم جنائيا ، ولا يمكن أن يكون مصدر القانون شيئا سوى الحرية ؛ كما أسلفنا في كتابات سابقة ، ﻷن المجتمع تشكل عبر الحرية وهو يتصارع من إجل توسيع مواعين حريته ويأتي القانون ليقيد الحريات المطلقة لكي تتحول الحريات إلى حقوق تتضمن جانبها السلبي أيضا وهو الواجب رغم الاختلاف حوله ﻷن البعض ذهب إلى أن بعض الحقوق لا تتضمن واجبات .. على أية حال تأتي الحرية بمعناها السياسي من أصل الحرية المطلقة ليتشكل الوجه الليبرالي للأنظمة . إننا كمبشرين بالتحررية الفردية في مواجهة المؤسسات لا نعني بلوغنا مرحلة الاناركية ﻷن هناك جانبا يجب أن يراعى وهو الضعفاء ، وهو واجب تفرضه أخلاقيات المجتمع السعيد -ونقولها بلا خجل – فأمريكا مثلا لم تستطع أن تطلق الحرية لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين -رغم المناوئة القضائية الصارمة التي لم تهتز إلا في بدايات القرن العشرين عندما لوحظ أن عقود العمل تتضمن شروطا لا إنسانية تجبر العامل على العمل أكثر من عشر ساعات. وفي الوجهة المقابلة لليبرالية كان علينا أن نؤكد-كأخلاقيين وإنسانيين- على ضرورة الاستقواء بالمؤسسات المدنية كالنقابات وسائر منظمات المجتمع المدني لتلطيف حدة الليبرالية على الأقليات والطبقات الضعيفة.
يمكننا إذن أن نميل إلى ليبرالية اجتماعية في جانبها الاقتصادي وليبرالية كلاسيكية في جانبها الثقافي لتأسيس دولة. ولا يقلل ذلك من الوجه القديم لها. بل يعززه ويرشده في نفس الوقت .
إن معالمنا كبشر تتشكل فكريا ؛ صحيح أن هناك فجوة بين ما هو واقع وكائن وما هو مأمول ؛ ولكن هذا لا يقلل من عزيمتنا في أن تتبنى أجيال قادمة هذا الطريق إذا عبدناه لها بمسئولية. ولا تخيفنا ولا ترهبنا القوى الأخرى اليسارية أو العقائدية ، ذلك أن ما أراه الآن أن كافة آليات العولمة الإنسانية تسير بحاجات الافراد والمجتمعات نحو الحرية .
أمل الكردفاني
1أبريل2015
[email][email protected][/email]
اهم الكتابات فى الراكوبه .. الى الامام يا دكتور وارجو ان لا تتوقف عن الكتابات الفكريه خاصة الفلسفه الانسانيه الاخلاقيه التى تسع الجميع دون ادعاء او مثلوجيا
مقالات حية وعميقة