تعاني قرى أم قفلة بالريف الغربي لمحلية أمبدة من غياب الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه ومدارس، والحال هناك يغني عن السؤال

تحقيق: أفراح تاج الختم ? إمتنان الرضي
معاناة حقيقية يعيشها مواطنو الريف الغربي لمحلية أمبدة قرى (أم قفلة)، التي تقع خلف مشروع الحزام الأخضر مباشرة بالكيلو (29) شريان الشمال، وأنت تزور المنطقة لأول مرة يخال إليك أنه لا حياة خلف الحزام، ولكن سرعان ما ترى مواطنين يتحركون هنا وهناك راجلين أو مستقلين دوابهم، اختاروا البعد عن ضجيج العاصمة أو بالأحرى وأوجدتهم ظروف الحياة في تلك الصحراء القاحلة، فهناك ما لا يقل عن سبع قرى تفتقد للخدمات الأساسية من كهرباء ومياه، والأخيرة يجد المواطنون صعوبة بالغة في الحصول عليها بعد تعطل عدد كبير من آبار المياه التي كانوا يستسقون منها، ما اضطرهم لقطع مسافات بعيدة بعربة الكارو لجلب المياه من المشاريع الزراعية. والمفارقة الغربية أن بعض القرى تمر بها أعمدة الكهرباء الموصلة للمشاريع الزراعية، وتفتقد القرى لمركز صحي فأقرب مستشفى لها هو مستشفى أمبدة النموذجي.. ثلاث قرى وقفت عليها (اليوم التالي) ميدانيا وهي (الغالباب ? جرقولة ? وادي السيال)، ونقلت لكم واقعا مأساويا منها، فعلى سبيل المثال هناك مدرسة واحدة بقرية الغالباب من فصلين فقط والقرى الأخرى ليست بها مدارس حتى الخلاوي التي قامت بالجهد الشعبي توفقت.
طريق أم قفلة:
تحركنا إلى أقصى غرب أم درمان شرق سجن الهدى، حيث قرى أم قفلة التابعة للريف الغربي بمحلية أمبدة، ساعتان ونحن نسير في الطريق تقابلك بداية المشاريع الزراعية ومزارع الإنتاج الحيواني ثم قرية بئر حماد، وفي مدخل القرى بالقرب من المشاريع الزراعية قابلنا عدد كبير من الصبية بعربة أمامها حمار (عربة كارو) عدد الصبية يفوق الـ(100)، توقفنا واستفسرناهم إلى أين وجهتهم، فقالوا إنهم يجلبون المياه من هذه المشاريع لتعطل الآبار في قراهم ثم توقفنا في تفتيش شرطة المعابر كيلو(29) طريق شريان الشمال، والذين طلبوا من سائق العربة التي تقلنا دفع (20) جنيهاً، وعندما وضحنا لهم وجهتنا بأنها قرى أم قفلة ولسنا مسافرين إلى الولاية الشمالية وأننا داخل محلية أمبدة، رفض الشرطي ذلك فقمنا بالدفع، وعلمنا أنه كذلك يفعل كل أهالي القرية القادمون من أم درمان إلى قراهم.
لا يوجد مركز صحي:
وقفنا بداية على حال قرية الغالباب، وقال أحد مواطني القرية إن الغالباب موجودة منذ مطلع التسعينيات وتضم أكثر من (250) منزلا، وأبدى تأثرهم من عدم وجود مياه للشرب ومن عدم توصيل الكهرباء لهم، وقال إن الأعمدة على بعد متر من منازلهم، ويشكو أهالي الغالباب من معاناتهم من عدم وجود مركز صحي أو مستشفى ويؤكدون لـ(اليوم التالي) أن مستشفى أمبدة النموذجي هو الأقرب لهم، والذي يبعد عنهم مسافة (32) كيلو، ويضيفون أحيانا لا توجد عربة خاصة توصلنا حتى المستشفى، وأكدوا أن القرية تفتقر لوجود مساعد طبي وبها قابلة واحدة، وطالبوا عبر (اليوم التالي) بإنشاء مركز صحي وبسط أمن شامل.
مدرسة من فصلين
حامد سالم علي، رئيس المجلس التربوي بمدرسة الغالباب، أكد لـ(اليوم التالي)، أن المدرسة شيدت قبل أشهر وتضم فصلين الصف الأول والثاني أساس، وأوضح أنه مستقبلا لا يكون بها الصف الثالث، فالصف الأول به (64) تلميذا والثاني (24) تلميذا. وأضاف سالم هناك معلم واحد فقط يدرس بالمدرسة تم تعيينه من قبل وزارة التربية والتعليم، ويأخذ مرتبه منها ونسكنه معنا. وأشار إلى أن الفصلين قام معتمد أمبدة بتشييد فصل منهما والآخر شيده أهالي القرية بجهدهم الشعبي، وأكد سالم أن أهل القرية قاموا بإحضار شيخ على نفقتهم لتدريس الطلاب صباحا في المدرسة، وعصرا في الخلوة، ولكن لديه ظروف أسرية حالت دون مواصلته التدريس، إضافة إلى أن منطقته بعيدة عن القرية.
ويبين سالم أنهم طالبوا وزارة التربية والتعليم بمعلم ولكنها لم تستجب لهم. وذكر المواطن محمد صالح أن مدرسة الغلباب ليس بها سور أو دورات مياه ومياه شرب للطلاب، وأوضح أنهم قاموا بمخاطبة محلية أمبدة بعدة خطابات، وكذلك المعتمد نفسه عبداللطيف فضيلي. وقال صالح إن هناك من تجاوز سن الدراسة ولم يتم قبوله في الصف الأول أو الثاني. ويؤكد صالح أن تلاميذ الصف الثاني لم يدرسوا الصف الأول وتم قبولهم مباشرة من الخلوة، وبين أن الخلوة كانت تستوعب أكثر من أربعين طالبا ويدرس بها من هم في المدرسة، ومن لم يلتحقوا بالدراسة. وأضاف صالح لم يحدث تغيير على مستوى كل الخدمات بقرية الغالباب والقرى المجاورة لها، وأكد أن هناك بئرا واحدة للمياه يشرب منها أهل القرية، وهي الآن متعطلة منذ شهور، فيقوم الأهالي بنقل المياه بعربة الكارو من بعض المزارع حول قرية الغالباب.
انتشار الأمية:
على بعد أمتار من قرية الغالباب توجهنا لزيارة قرية جرقولة بالريف الغربي لمحلية أمبدة، فوجدناها أسوأ حالا من قرية الغالباب. أحد مواطني جرقولة يقول لـ(اليوم التالي) إن القرية تكونت منذ السبعينيات وهي أكبر قرى (الكليوات)، وأكد عدم توفر الخدمات من (كهرباء- مياه- مدارس)، وقال في ما يخص المياه نأتي بها من المشروع المجاور للقرية مقابل دفع مبلغ مالي، كما أن القرية ليس بها مستشفى أو مركز صحي. وأضاف عندما تأتينا حالات الطوارئ ليلا لا نستطيع إسعافها، فكثيراً ما حدثت وفيات في القرية بسبب عدم وجود مركز صحي أو مستشفى قريب، وأشار إلى أنهم يترددون للعلاج في مستشفى أم درمان، وقال لكنها بعيدة عنا، وأضاف لا توجد مدرسة واحدة بالقرية، فمعظم أطفال القرية (أميون) إن لم يكن كلهم، وأوضح أن بعضهم يذهب مستقلا (الحمير) إلى مدارس أم درمان وأم شديرة، وقال نسبة لبعد المسافة بيننا وبين تلك المناطق يستيقظ الطلاب مبكرين ليلحقوا بالحصص الدراسية، وأكد مطالبتهم المتكررة للمحلية بتوفير الخدمات، وقال لكنها لم تحرك ساكناً، وأشار إلى أن غالبية سكان قرية جرقولة يعملون أعمالاً حرة. ويختلف حال الطالب عماد الدين محمد علي صالح من قرية جرقولة عن حال أقرانه، فهو محظوظ لأنه استطاع أن يجد له مقعدا دراسيا بالصف الثالث الثانوي بالريف الغربي بقرية جعيرينا، والمنطقة بعيدة عن قريته ما يضطره للعودة إلى منزله آخر الأسبوع، ويتمنى عماد الدين الالتحاق بالكلية الحربية حسب ما قال لـ(اليوم التالي). وعن معاناة أهله بقرية جرقولة يقول إن القرية تضم حوالى (350) منزلا، وأضاف أن بئر المياه بها متعطلة، وأكد افتقارها لوجود كل الخدمات الأساسية من كهرباء ومدارس ومياه شرب، والتي قال إنهم يجلبونها من مناطق بعيدة. وقال متحسرا إن القرية بها نسبة أمية عالية فهناك عدد كبير من أطفالها يقومون برعي البهائم أو الجلوس في المنازل، وأضاف عماد: كانت هناك خلوة واحدة وتوقفت، لأن الأهالي لم يستطيعوا تجميع مبلغ مالي لشيخ الخلوة، فهم يعملون في الرعي والزراعة.
تعطل الدونكي وموت البهائم
قابلتنا مع ابنها عماد وهما بالقرب من زريبة البهائم، اقتربنا منها ورحبت بنا ببشاشة وكرم أهل الريف، وأصرت على أن ندخل إلى المنزل ونتناول معهم (كوب شاي)، وقد كان، وقالت الحاجة أم عماد إن بئر المياه (الدونكي) متعطلة وأكدت أن هناك بهائم ماتت من عدم الماء، وبدت الحاجة أم عماد متوكلة على الله عندما سألناها عن عدم قرب المستشفى منهم، قالت إذا لم نجد سيارة للمستشفى نصبح على الله، وأكدت أنها توقظ ابنها عماد قبل صلاة الصبح للذهاب إلى المدرسة في الأيام التي يأتي فيها إليهم. ودعنا أم عماد ووعدناها بأن نكرر زيارتنا لهم، وفي البال عدد من التساؤلات عن كيف يعيش هؤلاء دون كهرباء ومخابز، وما زالوا يوقدون الحطب للطهي، لا راديو ولا تلفزيون، ومع ذلك فإنك تقرأ في قسماتهم الرضا وراحة البال. وللمفارقة الغريبة فإن عددا من المواطنين في قرى الغالباب وجرقولة يحملون هواتف محمولة يقومون بشحنها عند ذهابهم إلى مدينة أم درمان.
زواج القاصرات:
على بعد خطوات معدودة من منزل أسرة عماد قابلنا طفلة صغيرة عمرها حوالى (6) سنوات، تحمل الحطب في اتجاه منزلها، ولا تدري الصغيرة فاطمة ما تحمله لها الأيام من مستقبل مجهول، فربما تلحق بصف أخواتها ممن تزوجن في سن (15) أو تلحق بركب التعليم الذي لا توجد أي مؤشرات أو تباشير لوجوده قريباً بالمنطقة، تخوفت فاطمة قليلا عندما رأتنا ولم ترد حتى السلام علينا، تبعناها حتى وصلنا معها إلى منزلهم فوجدنا جدتها ووالدتها، وقد تحدثتا بحسرة وقالتا لـ(اليوم التالي)، إن لديهم أبناء وبنات في سن المدارس، ولعدم وجود مدرسة أو خلوة في قريتهم ظلوا بالمنازل.
بدت رقية فتاة الـ(16) عاماً، خجولة عندما استفسرتها عن هل تعرفين كتابة اسمك، صمتت ولم تعلق بكلمة، وردت والدتها وقال إنها لا تستطيع كتابة أي شيء، وإنها تحفظ فقط سورة الفاتحة، وكذلك حال أختها الصغرى ذات الـ(14) ربيعاً (مريم). وقالت أم رقية إن جدة أطفالها أخذت الصغار من أطفالها وأبناء عمومتهم للدراسة في الثورة بأم درمان، وأردفت أم رقية أنهم يقومون بزواج الفتيات عند وصولهن سن الـ(15) عاماً.
وفاة طالب:
ويقول العم حسين إن هناك طفلا كان يريد الذهاب للمدرسة بحماره في منطقة مجاورة، فسقط من الحمار وتوفي، وآخر استشفى (25) يوماً بالمستشفى بعد وقوعه من الحمار وهو ذاهب للمدرسة. العم علي أحمد علي، قال إن أبناءهم يذهبون لمدارس الثورة (29)، وقد اقتادتهم جدتهم للمدارس للتعليم هناك، ولبعد المنطقة يسكنون بالثورة مع أحد أبنائي. وطالب العم علي بتوفير الخدمات لهم وشكا من تضررهم من تعطل دونكي المياه الوحيد بالمنطقة، وطالب بإنشاء خلوة بقرية جرقولة.
يتشابه الحال هنا تماما في كل قرى الريف الغربي بكل تفاصيلها، فعند زيارتنا لوادي السيال وجدنا كل تفاصيل معاناة قرية الغالباب وجرقولة.
(42) بئراً أغلبها متعطل
عضو المجلس الوطني نائب الدائرة (11) الريف الغربي، حامد مجدد العبيد، قال لـ(اليوم التالي) إن قضية التعليم تتبع لمحلية أم بدة، وأضاف أن المحلية عملت على جدولتها فقامت بالمساهمة ببناء فصل ومكتب في مدرسة الغالباب هذا العام، وهناك فصل بني بالدعم الشعبي، وأكد أن الفصلين يحتاجان إلى تكملة في العام (2019)، مؤكدا أن المحلية ستقوم ببناء فصلين آخرين ومكتب حتى تكون هناك أربعة فصول، وأقر مجدد بأن الريف يحتاج للكثير من الخدمات، وقال على الحكومة أن تناشد مستثمرين للعناية بالريف.
مجمع خدمي:
وأكد مجدد أنهم ساعون لعمل مجمع خدمي مكون من مدرسة ومركز صحي ومسجد وداخلية للطلاب، الذين يأتون من مناطق بعيدة، وأضاف لا نريد تشتيت الجهود بأن يكون لكل قرية خدمات قائمة بذاتها، فهذا صعب على الدولة ومكلف، لكننا نريد تجميع القرى في خدمات مشتركة. ويضيف مجدد في ما يخص المياه: حصرنا (42) بئراً أغلبها متعطل، وبدأنا بمعالجة عشر منها، وأوضح أن هناك إمدادا كهربائيا لـ(124) قرية متاخمة للمدينة، وقال إن توصيل الكهرباء لهذه القرى متعلق بالتخطيط، وأضاف لـ(اليوم التالي): لقد أجزنا ميزانية الكهرباء في المجلس الوطني في هذا العام (2017)م، وتم الاتفاق بأن المرخيات في الكيلو (105) سيمد منها خط ناقل لقرى التمتام والدبة بالولاية الشمالية، بطول (320) كيلو متر، أما القرى بالقرب من المدينة فسيتم التوصيل لها بالجمعيات الائتمانية، وتم تصديق الكهرباء من المعتمد، وقال إن هناك مركزا صحيا بالكيلو (128)، كما هنالك مركز صحي في الحدود مع شمال كردفان.
وأضاف مجدد رغم أن قضايا الخدمات هي مهمة المجلس التشريعي الولائي، لكننا نتعامل مع كل الجهات، وأوضح أن المعتمد والأجهزة التنفيذية يشعروننا بأن قلوبهم على الريف دون مناشدة منا، وأكد أنه لا يغيب أكثر من شهر من الريف الغربي. وعن الأطفال الذين لم يترددوا على المدارس وأعمارهم وصلت حتى (16) عاماً، قال نحن نتحدث عن إلزامية التعليم ولابد من تهيئة البيئة التعليمية، وسنحاول جعل السكان يعون أهمية التعليم.
تنفيذ الخدمات (2020)
وقد وضعنا خطة لتنفيذ كل الخدمات في (2020)م بالتعاون مع المحلية والوزارات، وقال إنه في عام (2019) ينشئون مستشفى بمئة سرير وسيتردد عليه كل مواطنو الريف، وبعد زيارة استغرقت خمس ساعات هممنا بالرحيل من قرى الريف الغربي والشمس قد أوشكت على الغروب نحمل معنا رسائلهم التي حملوها للمسؤولين عبر صحيفتنا، ونستمد منهم طاقة إيجابية كبيرة ودروساً في قوة التحمل والصبر والتأقلم مع ظروف الحياة الصعبة.
اليوم التالي.
مشكورين جدا، علي المجهود المقدر الذي بذلتموه فط سبيل تعرية الحقائق وتلمس واقع الناس وخاصة اهل الريف،
ام قفلة من قري الريف الاقصي بمحلية امبدة،
١٧/٧/٢٠٢١
ولكن ما يعانية سكان الريف الادني من الكيلو خمسة بئ حماد، والاخلاص والعامرية والقلعة التاياب وطيلة والقليعه اولاد ابو شنب، اضعاف ما اوردتموه في تقريركم هذا
وحتي لا يكون قول هذا مجرد كلام وخلاص نرجو تسجيل زيارة في اقرب وقت ممكن