الصدمة

قُبيل الزيادة الصادمة لأسعار رغيف الخبز والتي لم يفق الشارع السوداني من هول صدمتها حتى هذه اللحظة، كتبتُ في هذه الزاوية الأسبوع الفائت أن أي دراسة لمعرفة الفجوة بين الأجور والمنصرفات لا تصلح للتطبيق إلا إذا كانت هذه الدراسة كل “48” ساعة لأن أسعار السلع أصبحت تزيد كل يومين، قطعاً تقديراتي قبل أسبوع لم تكن دقيقة، لأن الواقع الآن يتغير بسرعة مذهلة، فالأسعار تزيد على مدار الساعة وليس كل “48” ساعة كما زعمتُ، فأسعار الصباح أضحت مختلفة عن أسعار المساء، والعكس صحيح أيضاً والشيء نفسه ينطبق على سعر الدواء في الصيدليات… زيادة الأسعار خلال أسبوع واحد تصل نسبة 100%، وأمس جاءت الطامة الكبرى بزيادة أسعار رغيف الخبز التي بلغت نسبة زيادة 100% هكذا ضربة لازب..(يا أخونا في الله.. شققتُم على أمة المصطفى فاستعدوا لدعاء سيد الأمة عليكم: “اللهم فاشقق عليه”).. القصة ببساطة شديدة وباختصار أشد أن ما يحدث الآن من غلاء وضائقة وشدة هو نتاج فوضى، والحكومة تدركها تماماً وتستطيع حسمها ولكنها غير راغبة في ذلك…
وزير التجارة يحدثنا عن تدابير وإجراءات حاسمة لضبط الأسعار ويتوعد بحسم تفلتات السوق وبلا خجل يقول إن هناك بعض الجهات تتلاعب بقوت المواطنين… طيب يا “اخونا” الوزير ماذا فعلت أنت وحكومتك “الرشيدة” لمواجهة هؤلاء المتلاعبين بقوت الشعب وهل كان هذا الغلاء وليد اللحظة؟!! هذا يعني أن الحكومة على علم تام بهؤلاء المتلاعبين بقوت الشعب منذة عدة أعوام خلت ولم تحرك ساكناً…
كثير من المؤسسات والوزارات تُسكت منسوبيها بتوفير بعض المواد الأساسية الضرورية بأسعار مدعومة ومخفضة وبأقساط مريحة جداً على المرتب ، لذلك لن نسمع لهؤلاء صوتاً ولا ينبغي لهم ولا يستطيعون، لكن هل كل فئات الشعب السوداني تعمل في مؤسسات الحكومة وتجد هذا الدعم “المحدود” الذي تحظى به مؤسسات لا يتجاوز عددها أصابع اليدين؟… وهل هذه هي الحلول المنصفة يا حُكامنا؟، وهل هذه توجيهات رئيس الجمهورية بمحاربة الغلاء؟، أوَ هكذا يُحارب الغلاء والفقر..؟!!
في رأيي أن الامر بلغ منتهاه و”المركب دقت القيف” والحكاية وصلت “الميس”، وأما روح المواطن السوداني المحروم المقهور فقد بلغت الحلقوم ولن ترجعها سياسات التخدير وحركات “الطبطبة” والمعالجات والمسكنات المؤقتة وشراء الصمت ، فالأمر أكبر من ذلك بكثير، اخلعوا هذه النظارات السوداء وانزعوا تظليل سياراتكم فما هما إلا أوراق التوت التي تخالونها ساترة لعورات بدت الآن مكشوفة للعالمين.. وأقول لكل مسؤول تليه مسؤولية من إدارة الإقتصاد احترم نفسك وارحل بعد أن تنزل السوق ولترى ما تحجبه عنك التقارير المفبركة، والنظارات السوداء والزجاج المظلل، فالأمر في رأيي لم يعد يُحتمل…
وكما قلت سابقاً وأكررها اليوم إن الحكومة ستظل عندي متهمة بأنها وراء هذا الغلاء ، فهي تشجعه وتباركه بصمتها وتجاهلها وتشاغلها عن الفوضى والمتلاعبين، ولأنها أسلمت إدارة السوق والتحصيل والإيرادات إلى “العقلية الجبائية” التي ترى في التغافل عن الانفلات والغلاء إرضاء لأرباب السوق الذين تُمثل أنشطتهم المختلفة المشروعة وغير المشروعة والطفيلية ونحوها الرافد الأساسي لمحيط الجبايات والإيرادات، فالعقلية الجبائية ترى في ترك الحبل على غارب السوق مصلحة مشتركة بين السوق والسماسرة والجبائيين…
اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.
الصيحة