مقالات سياسية

مواكب الكرامة من أجل سلطة لن تعود ، أكرم منها أن تعتبروا بفتنة إيران

حسن عبد الرضي

إن ثورة الشباب التي اندلعت في جمهورية إيران الإسلامية بسبب الهوس الديني الذي بلغ ذروته ، ضد حكام ايران الذين استولوا على الحكم ، باسم الشريعة وباسم الدين ، وأخذوا يقودون بلادهم بلا قانون وبلا أخلاق ، حتى أهدروا كل ما أجمعت عليه البشرية وكل ما اكتسبته من قيم دينية ومدنية..
إن حكومة الملالي ومذهبها الشيعي الذي يقوم على هوس يخرجها عن الإسلام ، ويبعدها عن الشريعة ، والدين. ويكفي تشويهها للشريعة وللدين ، أن نفّرت الشباب عن الدين ، وجعلتهم يحتقرون (رجال الدين)! بل أصبح رمي العمامة عن رؤوس رجال الدين عملاً ثورياً .. إن مفارقة النظام الإيراني للدين أقنعت الحرائر بخلع الحجاب في ظاهرة غريبة ، جعلت البرلمان الإيراني المتشدد يلمح بالتخلي عن فرض الحجاب على النساء ، وحل شرطة الأخلاق التي تعتقل الشابات وتزهق أرواحهن الطاهرة بلا أخلاق. إن القتل والاغتصاب والقمع الذي يمارسه جهاز الباسيج ضد الشباب الإيراني الذي يحلم ، كغيره من شباب العالم ، بحياة حرة كريمة ، جعل الشباب الإيراني الثائر يحرق علم بلاده ويمزق صور الخميني وكل زعماء الشيعة ، ويطؤها برجليه بل إن مظاهر تشدد النظام جعلت مشجعي الفريق الإيراني يتعمدون عرقلة سماع نشيد علم بلادهم في منافسات كأس العالم ، ووصل الإحباط بهم درجة أن يحتفل الشعب الإيراني بفوز الفريق الأمريكي على فريق إيران..

إنَّ فتنة إيران قادت العالم إلى مصير أسود ، فقد أذكت إيران نار الحرب في سوريا ، وفي اليمن ، وفي العراق ، وعقّدت المشهد السياسي في لبنان. وأصبحت ترسل المسيّرات لروسيا لتأجيج صراعها مع أوكرانيا. وأخذت ممارسات النظام الإيراني تثبت كل يوم صحة ما ذهب إليه مفكرون سودانيون ، قبل نصف قرن من الزمان ، في تحليلاتهم ، إذ صدرت عدة منشورات عن أحداث إيران. وكان كتاب (فتنة إيران)، وكتاب (الخميني يؤخر عقارب الساعة) معروضة على أرفف مكتبات الخرطوم ، لكن جماعة الهوس الديني في السودان لم يكونوا يقرأون ، ولا يسمعون النصح ، إذ كانوا يقتدون، فرحين ، بالتجربة الإيرانية ويقلدونها حذو النعل بالنعل (الحجل بالرجل) ، حتى أدخلوا الشعب السوداني (في جحر الضب الخرب) ، فعلى سبيل المثال ، فقد تم تدريب جهاز أمن (الجبهة الإسلامية)، والذي أصبح جهاز أمن (نظام الإنقاذ) في جمهورية إيران الإسلامية .. ولم يُخْفِ عراب الإنقاذ إعجابه بالتجربة الإيرانية ، فجعل من حركته الإسلاموية نظاماً دخيلاً على مجتمعنا السوداني السني الصوفي المسالم ، الذي ورث حبه للسلام من اجداده الكوشيين. إن التنظيم الوحيد الذي يتصيّد أطفال الخلاوى ، ك(الشيخ الطيب الجد ، حسب اعتراف دكتور الترابي)، وخداع اليافعين من تلاميذ المدارس ، لتجنيدهم في حركته ، وتدريبهم على القسوة وإزهاق الأرواح البريئة ظلماً ، ثم يذهبون ، منتشين ، إلى إقامة الصلاة. فقد تعلَّم نظام الإنقاذ البغيض الاغتصاب والقتل والتعذيب في بيوت الأشباح ، من نظام جمهورية إيران الإسلامية الغاشم ، وما مجزرة القيادة العامة ، التى ازهق فيها الإسلامويون أرواحاً طاهرة بريئة ، إلا نموذج سيئ لن يمحوه التاريخ من ذاكرة الشعب السوداني ، حتى بعد القصاص العادل من مرتكبي هذه الفعلة الشنيعة.

يكثر الإسلامويون الحديث ، هذه الأيام ، عن العمالة للسفارات الخارجية ، وعن التدخل الأجنبي ، وينسون خضوعهم للتدخلات الأجنبية من النظام الإيراني ، وعمالتهم المتمثلة في ارتماء البشير تحت قدمي فلاديمير بوتن، حيث الهرولة نحو دولة روسيا الشيوعية الكافرة طلباً لحماية من الاميركان ، والتي كان ثمنها ذهب السودان وذهابه. وليس الارتهان للصين الشيوعية الكافرة ببعيد ، حيث نهبت الصين كل خيرات ظاهر أرض السودان وباطنها ، وبيعها لهم بثمن بخس دريهمات لم يظهر اثرها إلا في بناية شاهقة ، وسط الخرطوم ، داراً لحزب المؤتمر الوطني .. ولم تكن علاقة البرهان ونظام الكيزان مع العدو الصهيوني ، إسرائيل التي تغتصب أراضي الفلسطينيين ، المسلمين ، ومسجدهم الأقصى ، بخافية على أحد. ويعرف القاصي والداني سعى نظام البشير مهرولاً نحو (ماما أمريكا) لكسب ودها ، حيث سلمها صلاح قوش أصدقاءه الإسلامويين وباع رموزهم للاستخبارات الأمريكية بأتفه الأثمان. وهاهي الاستخبارات المصرية تعوس فساداً في جميع أنحاء السودان و(على عينك يا تاجر) ، وما زال صلاح قوش يستمتع بالإقامة في أرض مصر تحت حماية نظام السيسي واستخباراته التى ظلت تخطط ، على الدوام ، لإفشال الاستقرار في السودان، مستخدمةً إيلا ، مرةً والميرغني، مرةً اخرى. وتحيك المؤامرات المكشوفة بمساندة انقلاب البرهان الساقط لا محالة. وكيف يتحدث الإسلامويون عن العمالة والتدخلات الأجنبية ولا تزال حلايب وشلاتين تحت الاستعمار المصري ، وما يزال نظام البرهان وجيشه و(كيزانه) يفرطون في منتجاتنا السودانية ، ويرمونها للمصريين بأثمان بخسة؟!. فلا يحدثنا الإسلاميون عن العمالة، فهم آخر من يتحدث عن العمالة والتدخلات الأجنبية، ولا يحق لهم الكلام عن الشريعة وعن الاسلام ، فلم يطبقوا الشريعة وهم في السلطة لثلاثة قرون.
إن ما يجري في إيران من فتنة دينية سوداء ، لا علاقة لها بالإسلام ، ولا حتى بالقيم الإنسانية العادية ، يجدر أن تجبر جماعة الإسلام السياسي، عندنا ، على (السكات ساي)، وحق للآخرين أن يتحدثوا عن تشويه الإسلامويبن للدين وإتجارهم به، فـ(نقطونا بسكاتكم) ، واتركوا شعبنا وشبابنا الثائر يبحث عن حريته وسلامه وعدالته ، ولا تعرقلوا مسيرته نحو التحول المدني الديموقراطي.
إن صنيع الإسلامويين ، هذه الأيام، إنما يعيدون به عقارب الساعة إلى الوراء ، إذ ما زالوا يستغلون حبَّ هذا الشعب للدين ، ويجتهدون في خداعه، إذ يصورون للشعب السوداني أنّ خروجكم الذي يسمونه مواكب (الكرامة)و0، ليس فيه كرامة، وإن إدعاءهم أن الهدف من هذه المواكب رفضهم للأجنبي، وهذا إدعاء مكشوف، إذ أن الهدف هو السعي للعودة للسلطة مجدداً ، وهيهات (العودة تاني) ، لأن مد الوعي الثوري قد بلغ مداه ، وأصبح السودانيون قاب قوسين أو أدنى من تأسيس سلطة مدنية تلفظ جمعاعة الهوس الديني، من طريقها ، لفظ النواة. وإن كان لا بدّ لنا من إسداء النصح لتلك الجماعة ، فيجدر بنا أن نذكرهم : أن (اعتبروا بفتنة إيران) ، فإن من ليس لديه كرامة يبحث عنها في المواكب وأصحاب الكرامة يؤسّسون دولة العز والكرامة..

[email protected]

تعليق واحد

  1. انتو بتجيبوا الكلام من وين.. أي حكومه لا تستطيع تحسين الوضع الاقتصادي والأمني والعدلي تفقد شرعيتها عند غالبية الشعب لا فرق في ذلك بين حكومه كيزان أو شيوعية أو حرية وتغيير أو خميني ايران.. الدين لا يأتي في المقدمة لانه اذا توفر الاقتصاد والامن والعدالة فذلك من مقاصد الدين وان اختلف الناس في التطبيق.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..