مقالات سياسية

“الأحد 6 ديسمبر”

عثمان يس ود السيمت

في مثل هذا اليوم من عام 1964م وبعد اسابيع قليلة من نجاح ثورة أكتوبر ودم شهدائها لم يجف بعد إندلعت فتنة بين الجنوبيين وسكان العاصمة عندما تأخرت طائرة كليمنت أمبورو وزير الداخلية وكان في زيارة للجنوب فأطلقت إشاعة أنه قتل. انطلق الجنوبيون في العاصمة يقتلون الناس انتقاما وثأرا (لوزيرهم) وفي اليوم الثاني بدأ سكان العاصمة يردون بقتل (مضاد) فسال من الدماء أكثر بل أضعاف ما سال في ثورة أكتوبر. ومن وقتها ارتبط يوم 6 ديسمبر عندي بتلك الفاجعة. وانطلق العقلاء من أبناء الجنوب والشمال من السياسيين (أيام كان لدينا سياسيين وعقلاء) وانتشروا في أحياء العاصمة يوضحون الأمر وانطفأت الفتنة خلال 24 ساعة. لكن ما الدروس المستفادة ولماذا اورد القصة اليوم:

1. لم يتدخل الجيش وبقي في ثكناته (لأن الرئيس أعلن حالة الطوارئ ولم يستدعي الجيش) لم يكن لدينا دعم سريع ولا بطئ ولا مليشيات ولا حاجة.

2. باشر (البوليس) مهامه وانتشر في العاصمة بشكل حضاري يتفوق على ما ترونه في أوروبا. كان كومر البوليس يأتي محملا بالبوليس وأمامه سيارة تحمل قاضي (في زيه الرسمي ويحمل مايكروفون) يخاطب القاضي المتجمهرين ويأمرهم بالتفرق وإلا سيطلق طلقات تحذيرية (في الهواء) تصدقو في الهواء. ولاحظت أن البوليس كان يحمل بنادق الموريس 5 طلقة وعندما حذر القاضي المتجمهرين وضع كل شرطي طلقة (واحدة بس) في البندقية. (يعني كانت فاضية) بالمناسبة برضو ما كان في قناصة وهذا المصطلح لم يكن معروفا. اذكر أننا رفضنا التفرق وطالبنا القاضي بأننا نريد الحماية. فقال لنا ليس لدينا قوات بوليس كافية للانتشار في كل العاصمة ، لكن شكلوا دوريات ولا تعتدوا على أحد ومن تقبضوا عليه ا تعتدوا عليه وسلموه لنقطة البوليس. وقتها صفق الجميع للقاضي وتفرق الناس.

3. لم نطلق على تلك الأحداث (أحداث عنصرية) شفتو كيف.

4. لم تحدث محاكمات وتم احتواء الأمر بمنطق متقدم جدا من العدالة الانتقالية.

5. كان ذلك بعد 5 اسابيع من نجاح ثورة أكتوبر ولم يحدث (انقلاب تصحيحي) ولم (نعيد صياغة الأمور بكتابة مواثيق ولا وثيقة دستورية). وبقي الجيش في الثكنات ولم ينط علينا عسكري مؤدلج يميني ولا يساري ولا متأسلم ليتحكم فينا ويقول (سأذهب عندما يتصالح المدنيين) كنا محترمين وجيشنا كان محترم.

6. ما الذي تغير : ضربتنا الجهوية والعنصرية والطائفية والعقائدية والمليشيا العسكرية. والفوضى العارمة والعوارة.

7. أدى ذلك للآتي:
خرج كل منا عن دوره ووظيفته:
الادارة الأهلية فقدت دورها وتريد أن تحكم واصبحت تقفل الطرق القومية وتجلس مع المليشيات في قاعة الصداقة والادارة الأهلية كانت (بيت الحكمة).
الجيش فقد دوره وركب ودلدل كرعينه ويا دنيا ما فيك إلا أنا.
الأحزاب (والتنظيمات السياسية تشظت وأكلت من كل الموائد) حتى أن أبناء الميرغني كون كل منهم جناحا. وحزب الأمة اصبح احزاب الأمة والاسلاميين فعلوا فعلتهم التي فعلوها واصبحوا جماعات وملل.
منظمات المجتمع المدني من نقابات وجمعيات ضربها هرمون الغدة النخامية والجسم الأصفر فانقسمت بسرعة شديدة انقسامات ميتوزية وميوزية حتى اصبح لدينا ما يقارب المائة نقابة للأطباء (ياحليل نقابتنا). وكذلك المهندسين ولا نستثني من ذلك مهنة.
أما لجان المقاومة والتي كان عليها الأمل وبنينا عليها الأحلام فشلت في تكوين تنظيما رأسيا يوحدها ويمكنها من المشاركة السياسية الفعالة، فبعضها ارتمى في حضن اليسار وبعضها تم اختراقه من اليمين واليسار واصبحت مواثيقها لا حصر لها. فأي خير يرجى من هذا التشظي وهل الخروج للشارع غاية أم وسيلة لتحقيق غايات.
كل الذبن ذكرتهم يخون بعضهم بعضا.
وكل الذين ذكرتهم غير مؤهلين لقيادة المرحلة.
سوداني العزيز:
اعلم أنك قد هرمت
وأنك بلغت ارذل العمر قبال يومك وإن شاء الله يومك ما يجي.
وكان لك أمل في بنيك وبناتك.
في كبرك ده ما بقول ليك خاب املك ، خايف علي صحتك.
لكن بقول ليك شد حيلك وجيب ليك ولادة جديدة غيرنا يمكن تكون فيها البركة.
أنا عارف المرة كبرت وانت ذاتك كبرت لكن والله البركة الفي كبركم ده تب ما شايفها الليلة.
واكان يا سوداني الجوة وجداني نويت كلمني بوريك الطريقة.
ما بيأس ما دام جدي السودان ده حي يرزق حتى ولو عملتوا ليهو بتر من فوق مفصل الركبة برضو في أمل طالما السعودية غلبت الارجنتين.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..